مرايا – بعد نجاحها الكبير حضوراً وأداءً في مهرجان جرش للثقافة والفنون لعام 2017، بواقع خمسة آلاف متفرج غصّت بهم جنبات المسرح الجنوبي ونالت استحسان المسؤولين والمهتمين، تحيي فرقة “أبناء الجبال” الشركسيّة حفلاً موسيقيّاً راقصاً على المسرح الجنوبي لمهرجان جرش مساء 24/7، مستفيدةً من فنون التدريب المستمر على رقصات تاريخيّة لشركس الأردن وبلاد الشّام، تميّزت بالدّقة والانتظام والانسجام في حركات تروي قصصاً اجتماعيّة تحيلنا إلى قيم نبيلة وتقليديّة للشركس باعتبارهم مكوّناً مهمّاً من مكونات الفسيفساء الأردنيّة الجامعة، الذين ينقلون تراث بلاد القفقاس في قصص تاريخيّة تشتمل على فنون القتال والحب والحياة والقوّة والحب والوفاء.
ويغدو التراث الشركسي الذي تؤدّيه الفرقة باندماج تام مع التراث المحلّي مُتضمّناً بمسمّى “أبناء الجبال”، تلك التسمية التي تدل على أواصر عظيمة من الصداقة والود والاحترام والأخوّة بين جبال القفقاس وجبال عمان، لفرقة تأسست عام 2010 وظهرت كفرقة قويّة حظيت بمتابعة جلالة الملك عبدالله الثاني وجلالة الملكة رانيا العبدالله، نظراً للرؤية الواثقة التي تنطلق منها الأكاديميّة الدوليّة للثقافة الشركسيّة، التي تأسست أصلاً بهدف الحفاظ على النسيج الثقافي الفسيفسائي المميز للأردن، وهي الثقافة الشركسيّة الخاصّة بشراكسة الأردن تحديداً وشراكسة المهجر في سوريا وتركيا وأوروبا وفلسطين على وجه العموم.
وتسعى الأكاديمية للحفاظ على اللغة و العادات و التقاليد و الموسيقى و الرقص و الحرف اليدوية التي تميز شراكسة الأردن بالحفاظ عليها منذ قدومهم إلى الأردن، إذ تقول إنجازات الأكاديميّة إنّها وخلال عمرها القصير استطاعت أن تضع أول قاموس من نوعه في العالم والتاريخ وهو قاموس (عربي- شركسي) يشتمل على أكثر من خمسين ألف كلمة، إضافة إلى أول منهاج أردني لتعليم اللغة الشركسية لغير المتكلمين بها، شراكسة كانوا أم من أخوتهم الأردنيين.
وقد نجحت الأكاديمية باستضافة العديد من الفنانين العالميين كالعازفين أصلان لبزو من جمهورية الأديغاي و تيمور لوستان من جمهورية القبرطاي، إضافة إلى مصممي الأزياء الشركسية التراثية مادينا حتسوك و مادينا سرالب، كما واستضافت الفنان المصري القدير من أصول شركسية محمود قابيل.
كما تعزز دور الأكاديميّة الدولي في إقامة العلاقات الثقافية ما بين الأردن و العالم، إذ كانت أول مؤسسة أردنية شركسية توقع اتفاقية تعاون ثقافي مع الوطن الأم، وهي الاتفاقية التي وقعت ما بين الأكاديمية وصندوق ابسني في جمهورية أبخازيا الشركسية المستقلة حديثاً.
ويعدّ تعليم الرقص الشركسي من أولويات الأكاديمية وأول مشروع قامت بإنشائه، ويقسم عرض الفرقة إلى ثلاثة أساليب من الرقص والموسيقى، وهي الرقصات الشركسية من الوطن الأم، ورقصات شعوب القفقاس الأخرى من الأباظة و الداغستان والشيشان، إضافة إلى رقصات الشراكسة في الأردن وتركيا و سوريا و فلسطين .
قامت الأكاديمية حديثاً بإطلاق كتاب باللغة العربية حول العادات و التقاليد الشركسية (الأديغة هابزة ) وفرقة أبناء الجبال للموسيقى الشركسية، إذ تسعى الأكاديمية إلى اللقاء بكبار السن من الأردنيين لتعلّم الرقصات القديمة ومناسباتها وموسيقاها التي أحضروها معهم إلى الاردن وحافظوا عليها من الضياع ومن ثم تعليمها للشباب والفتيات ومن ثم تقديمها بقالب عصري حديث على المسرح بحركاتها الأصيلة و موسيقاها.
وتتعاون الأكاديمية في ذلك مع الموسيقار الأردني المعروف سامر سامي الأمين، وهو خريج جامعة حلوان المصرية في التوزيع والتأليف الموسيقي لتقديم هذه الموسيقات بشتى أنواعها بقالب يروق للمستمع الشركسي والعربي والاجنبي، وهو ما يتجلى في سعي الفرق الفنية والموسيقيين والمطربين في الوطن الأم للحصول على هذه الموسيقات الشركسية الأردنية و على هذه الرقصات وتقليدها وتعلمها لنقائها وقدمها كرقصات تراثيّة أصيلة.