مرايا – تنفس (الأردن العسكري) الصعداء مع استعادة الجيش السوري سيطرته على الجنوب السوري بعد 7 سنوات على انطلاق الشرارة الأولى للأزمة السورية من مدينة درعا، قبل أن تمتد إلى باقي المناطق السورية وتلقي بظلالها الكارثية على دول الجوار.
ولعب الأردن دوراً ريادياً في حسم معركة الجنوب السوري، حين أقنع الفصائل المسلحة بالجلوس على طاولة التفاوض مع روسيا مما أسفر عن التوصل لاتفاق أفضى إلى تسليم المناطق التي تسيطر عليها المعارضة للجيش السوري دون قتال، وبموجب الاتفاق انتشرت عناصر من الجيش السوري في معبر نصيب الحدودي ورفع العلم السوري في درعا لأول مرة منذ سنوات.
الأردن يدرك أن استمرار الأزمة خاصة في الجنوب السوري سيفاقم من أزمته الاقتصادية، إذ تقدر أرقام رسمية حجم الضرر الذي لحق بالاقتصاد الأردني نتيجة الأزمة السورية بعشرات المليارات منذ عام 2011، حيث بلغت كلفة اللجوء السوري أكثر من 10 مليار دولار، إضافة إلى الخسائر الناجمة عن إغلاق الحدود ووقف حركة التصدير والتبادل التجاري بين البلدين، في حين تضاعفت الكلفة الأمنية بشكل غير مسبوق في إطار حماية البلاد من تصدير الأزمة إلى الداخل وفي الحرب ضد التنظيمات الإرهابية التي عاثت فساداً في المناطق التي فقدها النظام السوري خلال الأزمة.
في هذا السياق جاء تصريح قائد المنطقة العسكرية الشمالية العميد الركن خالد المساعيد لصحيفة الرأي قبل أيام، والذي اعتبر فيه أن سيطرة الجيش السوري على الشريط الحدودي مع الأردن يصب في مصلحة المملكة، ليعكس الموقف الوطني المتقدم للمؤسسة العسكرية والذي كان قد عبّر عنه وحسمه قائد الجيش قبل عامين في مقابلة مع بي بي سي.
وفي المقابل، يبقى الموقف السياسي متخلفاً بمراحل عن موقف المؤسسة العسكرية، إذ ثمة من يعرقل عودة العلاقات السياسية مع سوريا بل ويضغط باتجاه حصرها في الجانب الاقتصادي والتنسيق الأمني والعسكري، وهو ما يرفضه الجانب السوري رغم بوادر حسن النية التي تمثلت بالإعلان عن قرب إعادة فتح طريق دمشق عمان الدولي، وسبقه إلى ذلك استقبال وفوداً اقتصادية وصناعية أردنية.
السجال الذي يدور داخل مطبخ صنع القرار يتمحور حول الموقف الأخلاقي حيال النظام السوري، ويمثل هذا الرأي وزير الخارجية أيمن الصفدي الذي يتبنى مواقف عدائية يوثقها أرشيفه في صحيفة الغد حيث كان يحرض ضد النظام ويدافع عن الفصائل المسلحة ويدعو لدعمها وتمويلها. الصفدي يقاوم وبشدة أي تطبيع سياسي مع الجانب السوري، ويعتبره خيانة ( للثورة) حتى وإن كان على حساب المصالح الأردنية العليا.
مصادر حكومية عبرت عن صدمتها إزاء موقف الصفدي، وأشارت إلى أن المرحلة تتطلب تغييراً ينسجم مع التطورات التي تشهدها الساحة السورية، محذرة من استنساخ الفشل في التعامل مع الملف العراقي. وأوضحت المصادر بأن الدولة الأردنية خسرت وتخسر يومياً حليفاً فاعلاً ومؤثراً في الاقتصاد الأردني، في إشارة إلى العراق، حيث ترى بأن الصفدي يشكل عائقاً أمام تعزيز العلاقات مع الجانب العراقي بسبب مواقفه المتشددة ضد القوى العراقية الفاعلة، وها هو اليوم يريد إلحاق المزيد من الضرر بالاقتصاد الأردني من أجل فرض رأيه وموقفه.
وختمت المصادر بالقول ‘ على الصفدي أن يعي بأن العلاقات الخارجية بين الدول لا تخضع لمعايير المنظمات الحقوقية، وإنما لمعيار المصالح الوطنية التي تتقدم على كل الاعتبارات. ومن يريد أن يحتكم لمعايير غير المصلحة الوطنية فليتنحى,وليتفرغ للعمل لدى المنظمات التي تتناغم مع قناعاته الشخصية’.