مرايا – دق التقرير الإحصائي السنوي للعام 2017 الصادر عن إدارة المعلومات الجنائية ناقوس الخطر من عدم ايجاد فرص عمل لشريحة كبيرة من الاردنيين أغلبهم من الشباب والذي كان سببا في ارتكاب البعض جرائم.
ويشير التقرير الى أن العاطلين عن العمل ارتكبوا 2678 جريمة خلال عام 2017 منها 318 جريمة مخلة بالأخلاق والآداب العامة، مقابل 2030 جريمة ارتكبت خلال عام 2016 وبارتفاع وصل إلى حوالي 32 %.
ويظهر التقرير أن الجرائم المخلة بالأخلاق والآداب العامة والمرتكبة من قبل العاطلين عن العمل خلال العامين 2017 و 2016 تأرجحت بين ارتفاع بعضها وانخفاض الآخر وعلى النحو التالي: 42 جريمة اغتصاب مقارنة بـ 8 عام 2016 وبارتفاع 425 %، 29 خطف ودون تغير في العامين، 190 جريمة هتك عرض، بانخفاض نسبته 23.7 % عن عام 2016 (249 جريمة)، 47 جريمة بغاء مقابل 23 عام 2016 وبارتفاع 104 %، 9 زنا مقارنة بـ 10 عام 2016 وبانخفاض 10 %، وجريمة إجهاض واحدة مقارنة بـ 3 جرائم عام 2016 وبانخفاض 66.6 %.
وارتكب العاطلون على العمل، وفق التقرير، 42 جريمة اغتصاب من بين 145 جريمة اغتصاب وقعت في المملكة خلال عام 2017 وبنسبة 29 %.
وتلاحظ جمعية معهد تضامن النساء “تضامن” أن البطالة بين الذكور بوجهها الخفي تكشف عن اختلالات اجتماعية تزداد كلما ارتفعت نسبتها وتكون الفتيات والنساء إحدى ضحاياها، وتقع مسؤولية حمايتهن على الجهات الحكومية وغير حكومية.
واكدت دائرة الإحصاءات العامة في تقريرها الربعي حول معدل البطالة في المملكة للربع الأول من عام 2018، أن معدل البطالة بلغ 18.4 % بارتفاع مقداره 0.2 نقطة مئوية عن الربع الأول من عام 2017.
وفيما بلغ معدل البطالة بين الذكور خلال الربع الأول من عام 2018 (16.0 %) وصل بين الإناث 27.8 % ليتضح أنّ معدل البطالة ارتفع للذكور بمقدار2.1 نقطة مئوية وانخفض للإناث بمقدار5.2 نقطة مئوية مقارنة بالربع الأول من عام 2017.
وبين التقرير أن معدل البطالة كان مرتفعاً بين حملة الشهادات الجامعية (الأفراد المتعطلون ممن يحملون مؤهل بكالوريوس فأعلى مقسوماً على قوة العمل لنفس المؤهل العلمي)، حيث بلغ 24.1 % مقارنة بالمستويات التعليمية الأخرى، فيما بلغت نسبة المتعطلين من حملة الشهادة الثانوية فأعلى 54.6 %، مقابل 45.4 % لمن تقل مؤهلاتهم التعليمية عن الثانوي.
وتباينت نسبة المتعطلين حسب المستوى التعليمي والجنس، حيث بلغت نسبة المتعطلين الذكور من حملة البكالوريوس فأعلى 26.0 % مقابل 77.1 % للإناث.
وسُجل أعلى معدل للبطالة في الفئتين العمريتين 19-15 سنة 20 -24 سنة، حيث بلغ المعدل 47.7 % و37.6 % لكل منهما على التوالي.
وأكدت “تضامن” أن توفير فرص عمل للذكور والإناث على حد سواء لا يعود بالنفع فقط على دفع عجلة التنمية الى الأمام والتنشيط الإقتصادي ورفاه الأسر، وإنما يعمل بشكل خاص على الحد من الجرائم التي ترتكب من قبل العاطلين عن العمل وعلى وجه الخصوص تلك المرتكبة ضد الطفلات والفتيات والنساء، والتي تشكل انتهاكات صارخة لحقوقهن وتؤثر سلباً على مستقبلهن وحياتهن ويعانين من آثارها النفسية والاجتماعية لسنوات طويلة.
بدوره يؤكد مدير المرصد العمالي الاردني احمد عوض أن ما جاء في تقرير ادارة المعلومات الجنائية يعكس احد نظريات علم الجريمة التي تشير الى ان “من لديهم مشاكل نفسية او احتياجات اجتماعية غير ملباة ينزعون اكثر من غيرهم لارتكاب الجرائم”.
وأرجع عوض ذلك الى ازدياد معدلات البطالة، حيث تشير الإحصاءات الى أن معدلات البطالة في الربع الأول من عام 2018 بلغت 18.4 %، وكانت بين النساء 27.0 %، وتراوحت بين الشباب بين 37.5 – 47.5 % للفئات العمرية من 15 – 24 عاماً (من غير الجالسين على مقاعد الدراسة للفئتين)، مشيرا الى أن ضعف السياسات الاقتصادية والتعليمية وسياسات العمل وعدم مواءمتها لواقع وحاجات المجتمع ومتطلبات تطوره ساهم في زيادة معدلات البطالة.
وأشار من جانب آخر الى دور تدني معدلات الأجور في ذلك “إذا أخذنا بعين الاعتبار مستويات الأسعار المرتفعة لمختلف السلع والخدمات”، موضحا أن 52 % من المشتغلين الأردنيين يتقاضون متوسط أجر شهري ينخفض عن 400 دينار شهري، في الوقت الذي يبلغ خط الفقر المطلق للأسرة المعيارية الأردنية البالغة 4.8 فرد جوالي 400 دينار شهري، استنادا الى نتائج مسح الفقر.
وانتقد عوض السياسات الاقتصادية التي تم تطبيقها في اطار اتفاقية التسهيل الائتماني المتمدد مع صندوق النقد الدولي، حيث تم رفع الدعم عما تبقى من سلع أساسية كان آخرها الخبز، والتوسع في الضرائب غير المباشرة، حيث تم الغاء إعفاءات ضريبة المبيعات على عشرات السلع الأساسية، وزيادة الضريبة الخاصة على المشتقات النفطية والاتصالات والسجائر وغيرها، لافتا الى ان الإيرادات العامة من الضرائب غير المباشرة بلغت نسبتها حوالي 68 % من مجمل إيرادات الضريبية عام 2017، الأمر الذي يتعارض بشكل كبير مع مبادئ العدالة الضريبية.
ودعا عوض “جميع الجهات الى تكثيف جهودها لايجاد حل جذري للمتعطلين عن العمل وايضا العاملين بدخول قليلة لأن المشكلة فعلا قد تصل الى تهديد الامن الوطني خاصة ان بعض المتعطلين قد يلجأ الى التطرف والارهاب”.
رئيس مجلس أمناء مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية مصطفى شنيكات يعزو، في تصريح له حالة الاضطراب الشديدة التي تعاني منها المنطقة منذ عقود وتفاقمت بشكل كبير وملموس خلال الأعوام القليلة الماضية، وعبرت عن نفسها بثورات وانتفاضات بعض الشعوب العربية ضد نظمها السياسية، الى التراجع الكبير في مختلف مؤشرات حقوق الانسان، وأهمها مستويات الحماية الاجتماعية.
وأشار الى ان قراءة دقيقة لما يحدث في عمق هذه المجتمعات تظهر أن حالة الحراك التي تشهدها شعوب المنطقة مستمرة، وتتخذ أشكالا متنوعة، وخاصة في مجالات الاحتجاجات الاجتماعية المستمرة، موضحا أن آلاف الاحتجاجات التي تحدث سنويا في مختلف أنحاء المنطقة العربية، وآخرها الاحتجاجات التي شهدها الأردن مؤخرا، تهدف في الأساس الى تحسين شروط الحياة والعمل وتطبيق معايير العمل اللائق بما في ذلك أيضا ضمان الحماية الاجتماعية.
وأكد شنيكات أن “هذا يلقي مسؤوليات كبيرة على مختلف مكونات المجتمع الدولي من حكومات وبرلمانات ومجتمع مدني للعب أدوار فعالة لتحسين مستويات التمتع بالحماية الاجتماعية لجميع البشر، وجعل الحماية الاجتماعية ومحاربة البطالة في مقدمة سلم اولويات التنمية العالمية”