مرايا – كان عطوفة خالد بك عوض الله أبو زيد محافظا_ حاكما إداريا _ للعقبة عندما جاءت المعلومات الأمنية بأن هناك مسجل خطر من ذوي الأسبقيات الجرمية يدعى ” السفاح” سيتم إحضاره إلى المحافظة وعرضه ليتم اتخاذ الإجراءات والقرارات الإدارية الأمنية والوقائية اللازمة بحقه حفاظاً على أمن وسلامة المجتمع .
طلب عطوفة خالد بك أبو زيد, عرض الموقوف الملقب ب “السفاح ” عليه وتم اتخاذ كافة التدابير والاحتياطات الأمنية اللازمة حيث تم إخلاء المكان وانتشرت قوات الأمن في وحول المحافظة وعندما حضر المذكور كانت برفقته قوة أمنيه كبيره من ضباط وأفراد وكان مكبلا بالسلاسل والجنازير الحديدية حول يديه ورجليه.
تم إدخال السفاح إلى مكتب المحافظ بناءا على طلب عطوفته وكان الاعتقاد الشخصي للجميع انه سيتم اتخاذ اشد الإجراءات والعقوبات الرادعة بحقه من قبل عطوفتة وعندما دخلوا به طلب منهم فك الجنازير والسلاسل عن السفاح.
وفعلا قامت القوه الأمنية بذلك وبعدها طلب منهم مغادرة المكتب حاول الضباط لفت نظر المحافظ لخطورة المطلوب ولكنه أصر على ضرورة مغادرتهم وفعلا غادروا المكان وبقي في المكتب رئيس ديوان المحافظة حينها إبراهيم بك وضابط الأمن في المحافظة و المتهم.
قرأ عطوفة المحافظ سجله الإجرامي وقيوده الأمنية ثم نظر إلى السفاح وسأله : لماذا ترتكب كل هذه الجرائم ؟أجاب السفاح دون تردد : “بدي أعيش” صمت عطوفة المحافظ قليلا وقد بدت عليه علامات التأثر والحزن من هذه الإجابة فكم من شخص تدفعه الحاجة إلى الاتجاه إلى السلوك الإجرامي.
وسأله السؤال الثاني: إذا أوجدنا لك العمل هل تعد بأنك لن تعود إلى هذه الأفعال ؟فرد عليه : جربني . .فقام عطوفتة بالاتصال بمدير مركز خدمات المدينة وكان حينها المهندس غسان غانم وطلب منه تشغيل شب من طرفه وسيرسله إليه.
بعد ذلك طلب من المسؤول الأمني فك قيوده وأمر بأخلاء سبيله وسط ذهول الجميع …قال السفاح لعطوفته : سيدي لن يصدق أحد ذلك وسيعاودوا القبض علي تناول عطوفة المحافظ ورقة صغيرة ووضع عليها رقم هاتف قائلاً له : هاهو رقم هاتفي الشخصي أحكي معي إذا حدث معك اي شيء.
غادر السفاح المحافظة حرا طليقا وهو غير مصدق وذهب مباشرة إلى مبنى خدمات المدينة_ المبنى السابق لبلدية العقبة قبل إلغائها _ تفاجئ الموظفون أثناء دخوله المبنى وغادر أكثرهم وأغلق البقية الباقية المكاتب على أنفسهم وعندما دخل السفاح مكتب مدير الخدمات وعرف على نفسه بأنه من طرف عطوفة المحافظ بخصوص العمل حاول م غسان غانم تأجيل الموضوع بالطلب منه إحضار بعض الوثائق ودونها على ورقه منها شهادة الميلاد وهوية الأحوال والشهادة الجامعية وعدم المحكومية والخبرات وغيرها وناوله إياها.
أخذ السفاح الورقة إلى المحافظة وقام بفتح باب المحافظ ليطل برأسه ويقول له : .. ” ما أحلى الرجوع إليك ” و “كأنني طفل أعادوه إلى أبويه ” عاد كأن شيئا لم يكن وبراءة الأطفال في عينيه تأثر عطوفة المحافظ كثيرا وأخفى مشاعر جياشة تجاه أحاسيس البراءة والطفولة في هذا السفاح.
في كل القضايا التي كانت تعرض عليه كحاكم أدراي, اتسمت حلوله دائما بالبعد الإنساني القادر على الوصول إلى القلوب,قال عطوفتة للسفاح : غداً ألقاك صباحاً عند مبنى مركز خدمات المدينة.
في صباح اليوم التالي حضر عطوفة المحافظ وبرفقته رئيس سلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة معالي عقل بلتاجي الي باب المبنى ويدخل معهم ” السفاح” ماشيا خلفهم تارة وأمامهم وهو يقول صائحا بالجميع : إبعد إبعد ولم يجرؤ أحد من الناس المراجعين والموظفين في المبنى من الاقتراب للموكب وسط ذهول وتعجب الجميع ليدخلوا الى مكتب مدير الخدمات ويصدر كتاب تعين السفاح واثناء خروج المحافظ ناوله اياه ولم يتمالك السفاح نفسه _ عندما رأى إسمه في كتاب التعين _ من البكاء.
بعد فترة قصيرة تم عقد اجتماع بوجود المحافظ ورئيس السلطة مع ثلاثة وخمسين شخصا من ذوي الأسبقيات الجرمية والقيود ومن عليهم إقامات جبريه بحضور مدير مكتب العمل ومدير التدريب وعرض عليهم عطوفتة ومعالي رئيس سلطة منطقة العقبة التدريب والعمل لمن يرغب ويثبت جدارته وحسن سيره وسلوكه ووعد برفع الاقامه الجبرية عنهم خلال فتره وجيزة للملتزمين وبالفعل تم تدريبهم وتوظيف أغلبيتهم وانخفضت معدل الجريمة في العقبة وكانوا من أنشط الموظفين و فتحوا وكونوا بيوت واسر.
استمر السفاح في عمله ملتزما ونشيطا وأصبح من رواد المساجد ليصبح مؤذن وأمام وأكثر الناس التزاما وخلقا …. سيبقى خالد عوض الله أبو زيد وعقل بلتاجي والدكتور كامل محادين بعد ذلك أيقونة البرامج الإصلاحية والإنسانية والإدارية الرائعة التي حلت مشاكل كثيره لـــ أهالي وشباب العقبة وخفضت معدل ونسبة الجريمة في العقبه الى أدنى مستوياتها.