مرايا – خيّم شبح الترحيل مجدداً على مئات الأسر في أقدم أحياء مدينة الزرقاء وهو “حي جنّاعة”، بعد أن أيدت محكمة الاستئناف حكما صادرا عن “محكمة بداية الزرقاء”، بعودة 28 دونما ملاصقة لمخيم الزرقاء ويسكنها قرابة 700 أسرة، بحوالي عشرة آلاف نسمة إلى أصحابها الأصليين وتسليمها لهم فارغة.
وتعود قضية أراضي الحي إلى العام الماضي بعد أن وجه ورثة شخص إنذارات بالإخلاء لسكان المنازل المقامة على 28 دونما، من أصل 255 دونما هي مجموع أراضي الحي.
وكان حي جناعة تأسس على عجل في ظروف صعبة ولغايات استقبال اللاجئين في العام 1948 على أرض مملوكة لورثة أحد الأشخاص، وأخرى مملوكة لجمعية الأسرة البيضاء وللدولة.
ويقطن الحي حوالي 90 ألف نسمة ويمتد الحي بين السيل غربا وطريق الأوتوستراد الواصل إلى عمان من الجهة الشرقية، وحي قصر شبيب شمالاً، ومنطقة ضاحية الثورة العربية الكبرى (وادي الحجر) جنوبا.
وقال يوسف عليان وهو أحد سكان الحي، إن تطبيق القرار سيؤدي إلى تشريد المئات من الأهالي، داعيا الحكومة إلى التوسط للوصول إلى تسوية مع أصحاب الأرض ترضي جميع الأطراف.
واعتبر عليان، أن قضية أراضي جناعة اجتماعية من الدرجة الأولى، مؤكدا أن تنفيذ القرار سيهدد المئات من الأسر ويبقيهم بلا منازل.
وطالب مجلس النواب ومجلس المحافظة التدخل للوصول إلى حل ينهي الأزمة، والتي تهدد أكثر من عشرة آلاف نسمة.
من جهته، دعا خالد إبراهيم وهو أيضا أحد سكان الحي الجهات الرسمية إلى التحرك سريعا، من أجل معالجة هذه القضية قبل أن تتطور، خصوصا وان معظم اهالي المنطقة دون خط الفقر.
وطالب نائل محمد وهو من سكان حي جناعة الحكومة، التدخل الفوري من اجل ايجاد حل عادل يرضي جميع الأطراف، قائلا ان قرار الإخلاء يشمل اكثر من 10 آلاف نسمة، محذرا من تداعيات القرار على “الأمن والسلم المجتمعي”.
ودعا محمد الحكومة الى التفاوض مع مالك الارض، من اجل الوصول الى تسوية عادلة من خلال تعويضه بمبلغ مالي بناء على قيمة الارض، او من خلال تقديم قطع اراضي من أملاك الدولة بديلا عنها.
وطالب سكان الحي، والذين باتوا مهددين بالرحيل قريبا بايجاد حل سريع لمشكلة الارض التي أقيمت عليها منازلهم، مهددين بتنفيذ الوقفات الاحتجاجية الى حين ايجاد حل يرضي جميع الأطراف.
من ناحيته، قال رئيس لجنة خدمات مخيم الزرقاء عامر جادو، إن منطقة جناعة تعتبر امتدادا لمخيم الزرقاء، وإن أي عملية تغير فيها ستطرأ على المخيم.
واضاف جادو انه من غير المعقول ان يتم ترحيل مواطنين من منازل، مر على سكنهم فيها عشرات السنوات.
ودعا الحكومة الى العمل على إيجاد حل عادل يرضي جميع الاطراف، وبما يضمن بقاء السكان في منازلهم.
بدوره، قال النائب عن محافظة الزرقاء الدكتور نبيل الشيشاني، ان قضية اراضي منطقة جناعة قديمة متجددة، وان حصول المشتكي على قرار من محكمة الاستئناف يستدعي تدخلا حكوميا، للوصول إلى حل يرضي جميع الاطراف ويصل الى حل يحفظ حقوق صاحب الأرض والسكان المقيمين عليها. وأضاف الشيشاني انه سيتم مخاطبة رئيس الوزراء الدكتور عمر الرزاز، للتدخل في ايجاد تسوية حقيقية للقضية لما تشكله من أهمية بالغة على الصعيد الوطني.
ولفت الشيشاني الى ان المنطقة التي يسكنها أكثر من عشرة آلاف نسمة من المستحيل تنفيذ عملية ترحيلهم جميعا، لما لذلك من خطر على الأمن المجتمعي، مطالبا الحكومة العمل على تعويض صاحب الأرض بقيم عادلة.
من جهته قال النائب محمد الظهراوي، إنه سيخاطب رئيس الوزراء من أجل إيجاد حل فوري لمشكلة أراضي حي جناعة وجميع الأراضي المتنازع عليها.
وقال الظهراوي ان هذه القضايا تتطلب تدخلا حكوميا بشكل كبير، للعمل على درء أي خلافات اجتماعية قد تحدث.
وبين الظهراوي ان منطقة حي جناعة تعد من أقدم أحياء الزرقاء وأكثرها كثافة سكانية، وأن عملية إزالة أبنية قائمة تشكل خطرا على الحي بأكمله.
إلى ذلك، قال رئيس مجلس محافظة الزرقاء الدكتور أحمد عليمات إن قضية أراضي منطقة جناعة تتشابه مع العديد من القضايا في المملكة، والتي صدر فيها قرار قضائي، ولم يتم إخلاء المساكن فيها بسبب صعوبة تنفيذ القرار.
وأضاف عليمات أن المجلس سيعمل على البحث عن اي بدائل تصل الى حل يرضي جميع الاطراف ويضمن حقوق صاحب الأرض والسكان المقيمين عليها.
من ناحيته، أكد محامي المالكين ليث الشمايلة أن “القرار” سيدخل حيز التنفيذ قريبا، مبينا أن المدعى عليهم أقاموا على الأرض حوض 18 السكة/ حي جناعة حوض رقم واحد، منشآت سكنية وشققا دون وجه حق.
ولفت إلى أن القانون ينص على إزالة أي جزء مخالف في حال ثبوت التعدي.
وأوضح أن موكليه كانوا على استعداد لحل القضية، وأنه حاول قبل توجيه الإنذارات التوصل إلى حل لإنهاء الخلاف، لكنه لم يجد تجاوبا.
أما نقيب المحامين مازن ارشيدات، فقال، إن قرار الإخلاء من الصعب تنفيذه بالرغم من نفوذه قانونيا بسبب صعوبة التنفيذ.
وأضاف ارشيدات إن على الحكومة العمل على التوصل الى حل لجميع القضايا العالقة، والتي تتشابه مع قضية حي جناعة، مؤكدا ان استمرارها تشكل مشكلة اجتماعية.
وكان رئيس الوزراء د. عمر الرزاز قد تعهد في وقت سابق بايجاد حل عادل لقضية مماثلة وهي “المحطة” بوسط عمان التي يطالب مالكوها الأصليون بـ “عودتها إليهم وإزالة المنشآت المقامة عليها ومنع المعارضة ودفع بدل المثل عن آخر ثلاث سنوات”.
من جهته قال رئيس بلدية الزرقاء الأسبق المهندس عماد المومني، إن البلدية كانت قد عملت على رصد جميع الأبنية القائمة في المنطقة، وعمل الدراسات اللازمة وتقديمها لوزارة البلديات ورئاسة الوزراء، في الوقت الذي حاولت فيه التدخل للتوفيق بين جميع الأطراف، من خلال الوصول إلى حلول ترضي الجميع، حيث تقدمت البلدية حينها بعرض بدائل منها التعويض المالي أو بقطع أراض بديلة.
ولفت المومني إلى أن البلدية كانت تعقد لقاءات مع أعضاء اللجان الشعبية للحي وفرع نقابة المحامين بالزرقاء للمساهمة “ما أمكن” لحل هذه القضية.
وكان المجلس البلدي سمح قبل عامين لعشرات آلاف الأسر الزرقاوية التي كانت محرومة من تركيب عدادي مياه وكهرباء، بسبب بناء منازلهم على أراضي أملاك الدولة، ووضع اليد، أو تجاوز البناء في المساكن الشعبية، بمنحهم عدم ممانعة “إذن أشغال”.
واستند المجلس على أحكام نظام الأبنية والتنظيم، فشكل لجنة من مديريات البلدية المختصة، والتي أوصت بدورها بالموافقة على منح هذه المنازل التي ظلت محرومة لعقود من الحصول على ساعتي مياه أو كهرباء باعتبارها أبنية مخالفة، لا سيما في حي جناعة.الغد