مرايا – نشر موقع الإنترسبت الأمريكي تقريرا، عرض فيه معلومات حول ضلوع المملكة العربية السعودية والإمارات في التخطيط للتدخل عسكريا ضد قطر، ومساعي وزير الخارجية السابق للولايات المتحدة ريكس تيلرسون لحل الأزمة الخليجية بشكل سلمي، وهو ما كلفه منصبه، بضغوط من اللوبي التابع لأبو ظبي والرياض.
وقال الموقع، في تقريره، إن وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون علم بشكل مفاجئ، من خلال تغريدة نشرها الرئيس ترامب، أنه ستتم إقالته من منصبه، وفق ترجمة صحيفة “عربي 21”.
وأضاف التقرير أن تيلرسون كان قد أجرى قبل ذلك مكالمة هاتفية مع نظيره البريطاني، ندد خلالها بالهجوم بغاز الأعصاب الذي وقع على الأراضي البريطانية، معبرا عن ثقته التامة في التحقيقات التي تجريها لندن، ودعمه شكوكها حول تورط روسيا في هذه العملية.
وقال التقرير إن هذا الموقف الذي عبر فيه تيلرسون عن اتهامه لموسكو، اعتقد كثيرون أنه السبب وراء تخلي ترامب عنه، ولكن خلال الأشهر التالية لقرار الإقالة، ظهرت تقارير صحفية عديدة تفيد بأن الدول التي حركت لوبياتها بكل قوة من أجل التخلص من تيلرسون كانت في الواقع السعودية والإمارات، وليست روسيا.
وأوضح التقرير أن موقف البلدين كان نابعا من غضبهما الشديد من محاولات تيلرسون للقيام بوساطة لإنهاء حصار هذه الدول على قطر. فخلال صيف سنة 2017، وقبل عدة أشهر من بدء أبو ظبي والرياض في ممارسة الضغوط من أجل التخلص من تيلرسون، كان هذا الأخير قد تدخل للتصدي لمخطط وضعته السعودية بدعم إماراتي، للتدخل عسكريا ضد قطر.
وأضاف التقرير أن هذه المعلومة ذكرها موظف حالي في مجال الاستخبارات في الولايات المتحدة، إضافة إلى اثنين من المسؤولين السابقين في وزارة الخارجية، طلبوا كلهم عدم الإفصاح عن أسمائهم، بالنظر إلى حساسية هذه القضية.
وقال التقرير إنه خلال الأيام والأسابيع التي تلت قرار كل من السعودية والإمارات ومصر والبحرين بقطع علاقاتها الدبلوماسية مع قطر، وغلق مجالها البري والجوي والبحري أمامها، قام تيلرسون بسلسلة من المكالمات الهاتفية دعا فيها المسؤولين السعوديين إلى عدم القيام بأي تحركات عسكرية ضد قطر.
وأضاف التقرير أنه خلال هذه المكالمات الهاتفية، دعا تيلرسون الملك سلمان، ومحمد بن سلمان نائب ولي العهد حينها، ووزير الخارجية عادل الجبير، إلى عدم مهاجمة قطر أو تصعيد التوترات بأي شكل من الأشكال.
كما حث تيلرسون وزير الدفاع جيم ماتيس على التواصل مع نظرائه في المملكة، ليشرح لهم مخاطر مثل هذا الغزو العسكري، باعتبار أن القاعدة الجوية العديد قرب الدوحة عاصمة قطر تمثل مركز عمليات متقدم للقيادة الوسطى الأمريكية، وتؤوي أيضا حوالي 10 آلاف جندي أمريكي.
وذكر التقرير أن الضغوط التي مارسها تيلرسون دفعت محمد بن سلمان، الحاكم الفعلي للمملكة السعودية، للتراجع عن هذه الخطة، خوفا من تدمير العلاقة التاريخية بين بلاده والولايات المتحدة.
ونقل التقرير عن مسؤول في المخابرات الأمريكية، ومصدر آخر مقرب من العائلة المالكة في الإمارات، أن محمد بن زايد، ولي عهد أبو ظبي والحاكم الفعلي للإمارات، انتابه غضب شديد من الدور الذي لعبه تيلرسون في هذه القضية.
وأضاف التقرير أن عناصر المخابرات القطرية المتواجدين داخل السعودية اكتشفوا هذا المخطط في بداية صيف سنة 2017، وذلك بحسب تسريبات المسؤول الاستخباراتي الأمريكي. وقد تحرك تيلرسون بعدما أخطرته الحكومة القطرية بوجود هذا المخطط، الذي أكدت وجوده أيضا المخابرات الأمريكية والبريطانية في وقت لاحق.
وعرض التقرير تفاصيل هذا المخطط، الذي أشرف عليه وليا العهد في السعودية والإمارات، وكان على بعد أسابيع قليلة من تنفيذه عند انكشافه، حيث إنه تضمن عبور القوات البرية السعودية الحدود إلى داخل قطر، مع دعم عسكري من الإمارات، للتقدم لمسافة 70 ميلا نحو الدوحة، والسيطرة على هذه العاصمة.
وأكد التقرير أن كل هذه المعلومات المذكورة ليست رواية مقدمة من مسؤول في الحكومة القطرية، أو مستشاري العلاقات العامة لدى الدوحة. كما أشار إلى أنه سعى لتوجيه أسئلة إلى السفارتين السعودية والإماراتية في واشنطن، والمتحدث باسم السفارة القطرية، لكنهم امتنعوا عن الرد على أسئلة الموقع.
واعتبر التقرير أن خطة الغزو السعودي الإماراتي تطرح تساؤلات حول ميول هاتين الدولتين نحو التدخل عسكريا في بقية الدول، في وقت تُعدّان فيه من أقرب حلفاء واشنطن وأهم زبائنها في مجال التسلح.
وأضاف التقرير أنه خلال السنوات الأخيرة، أظهرت أبو ظبي والرياض استعدادا لاستخدام القوة العسكرية، من أجل التأثير على المشهد السياسي في الخليج، وذلك من خلال التدخل في البحرين لقمع انتفاضات الربيع العربي في 2011، ثم خوض حرب مستمرة منذ 3 سنوات أدت لتدمير اليمن.
وأشار التقرير إلى أن محاولات تيلرسون لنزع فتيل الأزمة في الخليج في ذلك الوقت، كانت متناقضة تماما مع الرسائل الصادرة عن البيت الأبيض، حيث قدم ترامب حينها دعمه المعلن للحصار، ونشر تغريدات تتهم قطر بالإرهاب.
وذكر التقرير أن جاريد كوشنر، صهر الرئيس ترامب، كان هو المشرف على العمل الدبلوماسي مع دول الخليج، وقد اختار حكام الإمارات والسعودية التواصل معه بشكل مباشر عوضا عن المؤسسات الرسمية في الدفاع والمخابرات. وكان كوشنر يتحدث بشكل مباشر مع ولي عهد الإمارات وولي عهد السعودية، عبر خدمة الرسائل المشفرة واتساب.
وفي الختام، أورد التقرير أن بعض المتابعين للشأن الخليجي يرجحون أن الدافع وراء تخطيط السعودية لغزو قطر كان في جزء منه يتعلق بالمال، حيث إن المملكة كانت تعتمد بشكل كامل على عائدات النفط الذي انهارت أسعاره في 2014، واضطرت لصرف أكثر من ثلث مدخراتها منذ وصول الملك سلمان للحكم في 2015، وهذا دفع بالرياض للبحث عن طرق بديلة لجمع المال، كان من بينها بيع أسهم في شركة النفط الحكومية أرامكو.