مرايا – تحذيرات متعددة صدرت من منظمات الإغاثة الدولية العاملة مع اللاجئين السوريين بالأردن، بأنواعها المختلفة سواء تلك التابعة للأمم المتحدة أو لمؤسسات المجتمع المدني الدولية، بأنها توشك على إيقاف برامجها، وعدم تجديد عقود العاملين فيها.
ووفق عاملين بهذه المنظمات فقد توقفت برامج الإغاثة الموجهه إلى السوريين في الجنوب وتحديداً درعا، والتي كانت تنفذها منظمات دولية وجمعيات سورية تعمل بالاردن، والسواد الأعظم من العاملين فيها هم من الأردنيين.
وأشار هؤلاء إلى ان إدارة المنظمات أعلمتهم بعدم تجديد عقودهم والتي ينتهي قسم كبير منها خلال تشرين الثاني العام الحالي، والقسم الآخر في مطلع العام المقبل لغاية آذار على أبعد تقدير.
وتتنوع أعمال هذه المنظمات ما بين تأهيل المجتمع وإعادة قدرته على التواصل بعد انتهاء الأزمة السورية، وقضايا النوع الاجتماعي، وتأهيل البنية التحتية، والدعم النفسي للأطفال والنساء، وتأهيل الشباب.
وبين العاملون أن عمل المنظمات كان مع المعارضة السورية في الجنوب السوري، حيث يتم إحضارهم إلى الأردن لتنفيذ البرنامج أو عبر السكايب، ونظراً للواقع السياسي الحالي أصبحوا غير قادرين على تنفيذ البرامج.
العاملون في هذه المؤسسات – الذين رفضوا الافصاح عن هوياتهم- قالوا إن استقرار الأوضاع في سوريا بعد سيطرة قوات النظام على معظم الأراضي فيها، قد يدفع باللاجئين إلى الاستعداد للعودة إلى بلداتهم في سوريا، وهو ما قد يحول البرامج إلى داخل الأراضي السورية.
ولفتوا إلى أن البرامج الموجه للاجئين السوريين بدأت تتقلص تمهيداً لإنهائها بحلول شهر أيلول المقبل، حيث بدأت تسوية موضوع العودة للاجئين، ولنقص التمويل وتحويل التمويلات لبرامج ستنفذ في المرحلة المقبلة في الداخل السوري، في ظل الحديث عن عودة منتظرة لنحو مليون لاجئ سوري مهددين بفقدان ملكياتهم داخل سورية إن لم يعودوا لتأكيدها، حسبما تم إعلامهم بذلك، ووفق قانون التنظيم العمراني رقم (10) الذي صدر في نيسان عام 2018.
وذكر موقع روسيا اليوم الإخباري، أن وزارة الدفاع الروسية قد أعلنت يوم الجمعة الموافق 27 تموز 2018، أن روسيا قدمت للولايات المتحدة جملة مقترحات بهذا الخصوص، تتضمن وضع خطة مشتركة لعودة اللاجئين إلى الأماكن التي كانوا يعيشون فيها قبل النزاع، وخاصة عودة اللاجئين من لبنان والأردن، وتشكيل مجموعة عمل مشتركة روسية أمريكية أردنية برعاية مركز عمان للمراقبة، وهو مركز تم إنشاؤه للمراقبة المشتركة من كل من الأردن وروسيا والولايات المتحة الأمريكية لمنطقة خفض التصعيد الجنوبية في سورية في مرحلة إنشاء مناطق خفض التصعيد، وكذلك تشكيل مجموعة عمل مماثلة في لبنان.
وحذر العاملون من الانعكاسات السلبية لوقف البرامج في الأردن على فرص العمل للأردنيين، إذ من المتوقع أن يفقد المئات وظائفهم، وهؤلاء كانوا يتقاضون رواتب مرتفعة، ولن يحصلوا على مثلها في أماكن أخرى، وهو ما قد يسبب لهم مشاكل مالية.
وبحسب المعلومات فإن مجموعة من الخدمات الموجهة للاجئين السوريين داخل الأردن مثل التعليم ستنتقل إدارتها للحكومة الأردنية، وستستمر بتقديم الخدمة من قبل المنظمات الدولية، لكن الخدمة ستنتقل إلى داخل سورية.
وفي السياق أكد مدير مركز الفينيق للدراسات والمعلومات الاقتصادية أحمد عوض أن هناك منظمات إغاثة دولية ومؤسسات مجتمع مدني دولية قد أوقفت برامجها وأنهت عقود عاملين فيها ولم تجدد لآخرين.
وبين أن السبب يعود لتخفيف الدعم المالي الذي تقدمه الإدارة الأميركية لهذه المؤسسات من بينها وكالة الغوث الدولية (الأونروا)، واليونسكو، وهو ما أدى إلى توقيف البرامج وتقليص العاملين بها سواء البرامج الطارئة أو الدائمة.
مجلة فورن بوليسي سربت معلومات في عددها الصادر في الثالث من آب، قالت فيه إن جاريد كوشنر ، صهر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وكبير مستشاريه ، يحاول التخلص بهدوء من وكالة الإغاثة التابعة للأمم المتحدة (الأونروا)، التي وفرت الغذاء والخدمات الأساسية لملايين اللاجئين الفلسطينيين لعقود ، وفقا لرسائل البريد الإلكتروني الداخلية.
وتضيف فورن بوليسي أن مبادرة كوشنير تأتي في إطار حملة أوسع نطاقا من جانب إدارة ترامب وحلفائها في الكونغرس لتجريد هؤلاء الفلسطينيين من وضعهم كلاجئين في المنطقة وإخراج قضيتهم من المفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين، زنسبت التصريحات لمسؤوليين أميركيين وفلسطينيين.
في السياق قال عوض إن مئات العاملين تأثرت أعمالهم في هذه المنظمات، خصوصا تلك التي تعمل مع اللاجئين السوريين والفلسطينيين في الأردن، مضيفا أن جانباً من المنظمات مضطر لتوقيف بعض برامجه لعدم وجود تمويل.
وانتقد عوض أسلوب حل أزمات التي تواجه المنظمات الإغاثية جراء نقص التمويل، بإنهاء عقود العاملين بها، بدلاً من ترشيد نفقاتها والتوقف عن الصرف بصورة باذخة، وقال إن على هذه المنظمات العمل على تقليص النفقات وترشيدها بدلاً عن إنهاء عقود موظفين فيها.
ولفت عوض إلى أن الأردن تأثر بصورة مباشرة بالأزمات التي تواجه المنظمات الإغاثية نظراً لوجود لاجئين سوريين ولاجئيين فلسطينيين على أرضه، مشيراً إلى أن نحو 140 موظف في الأونروا تم فصلهم، كما لم تجدد اليونسيف عقود مساعدي المعلمين في مخيم الزعتري للاجئين السوريين.
وفي تغريدة لها على التويتر رداً على الانباء التي تقول إن “اليونيسف يوقف دعم تعليم اللاجئين السوريين ويفصل المعلمين في الزعتري” غردت مسؤولة الإعلام بمنظمة اليونيسف ختام ملكاوي أن اليونيسف لم توقف تعليم اللاجئين وهو مستمر كما هو”.
وأضافت: ” لكن نتيجة نقص التمويل المتوفر لدى اليونيسف قمنا بإخطار مساعدي التدريس بعدم توفر التمويل لدفع مكافآتهم العام القادم. التعليم مستمر والمعلمون الاساسيون موجودون”.
من جانبها قالت المديرة التنفيذية لمنظمة النهضة العربية للديمقراطية والتنمية سمر محارب إن وضع اللجوء السوري الآن في طور يحتمل العديد من السيناريوهات، وجميعها لها متطلباتها من حيث الحرص على حماية اللاجئ وضمان تقديم الخدمات الضرورية له للتأكد من عيشه بكرامة وأمان، سواء في الدول المضيفة، والتي قد تفاجأ بانقطاع التمويل وبعض الخدمات الأساسية وهو ما سيؤثر سلباً على الفئات الضعيفة، أو في حال عودتهم الطوعية لأماكن عيشهم السابقة قبل النزاع والتي قد يعوزها الكثير من أعمال البناء والإعمار.

وبينت محارب أن عودة اللاجئين هو من شروط التسوية للنزاع في سوريا والمنطقة والتي نطمح لها جميعنا، لكن ذلك يحتاج لخطة وتنسيق بين مختلف الجهات المعنية وأهمها اللاجئون أنفسهم، واستشارتهم ومساعدتهم في أخذ القرار المناسب واستعدادهم لأي احتمال، وأضافت “بالطبع نحن كمنظمات عاملة معهم سنعمل مع مفوضية شؤون اللاجئين والحكومة الأردنية لضمان عودتهم الآمنة واستقرار مجتمعاتنا”.

إلى ذلك دعا عوض الحكومة الأردنية إلى مخاطبة الدول المانحة للحفاظ على مستويات التمويل التي تضمن استمرارية برامج المنظمات الإغاثية التي تعمل مع اللاجئين.

وطالب أيضا بمخاطبة المنظمات ذاتها أن تخفف من إجرائاتها التقليصية الموجهو للعاملين، وأن تبحث عن طرق أخرى لترشيد الإنفاق حفاظا على فرص العمل، حيث سيؤثر عدم تجديد العقود على مستويات البطالة في الأردن.الرأي