مرايا – تابع رجال الإنقاذ الأربعاء ليلا البحث عن ناجين تحت انقاض الجسر المنهار في مدينة جنوى في شمال غرب ايطاليا، في الوقت الذي بدأ فيه المحققون العمل على كشف الأسباب التي أدت الى هذه الكارثة.
ولقي 30 شخصا على الأقل مصرعهم الثلاثاء بعد انهيار جزء كبير من جسر موراندي خلال تساقط غزير للأمطار، لتهوي معه المركبات التي كانت تمر عليه مع سائقيها 100 متر الى الأسفل فوق خطوط لسكك الحديد، في حادث وصفته الحكومة بأنه ‘مأساة فادحة’.
وأمضى رجال الإنقاذ الليل وهم يبحثون عن ناجين بعد انارة المكان الذي سقطت فيه اجزاء الجسر وتحولت الى ركام.
وجاء انهيار الجسر بينما كان يخضع لأعمال صيانة وفيما كانت منطقة ليغوريا حيث تقع جنوى تشهد أمطاراً غزيرة.
وصرح وزير الداخلية ماتيو سالفيني للصحافيين في كاتانيا في صقلية ‘للاسف، فان نحو ثلاثين شخصا لقوا مصرعهم فضلا عن عدد كبير من الاصابات الخطيرة’ مضيفا ‘اشكر رجال الاطفاء والاسعاف والمتطوعين الذين تدخلوا منذ اللحظة الاولى وما زالوا يحفرون لانقاذ الارواح’.
وقال رئيس الوزراء الايطالي جوزيبي كونتي لاحقا ان الحصيلة الرسمية تقف عند 25 قتيلا لكنها قد ترتفع مع استمرار رجال الإغاثة في عمليات البحث بين الأنقاض.
وقال الرئيس الايطالي سيرجيو ماتاريلا إن ‘كارثة’ أصابت جنوى وايطاليا بأسرها، مع تحول الاهتمام الى أسباب انهيار الجسر وتحديد المسؤول في النهاية عن هذه الكارثة.
وقال ماتاريلا في بيان ‘الايطاليون لهم الحق في بنية تحتية حديثة وفعّالة ترافقهم بشكل آمن في حياتهم اليومية’.
اما كونتي فأضاف ‘يجب فحص كل البنية التحتية في البلاد، لا يجب ان نسمح بحدوث مأساة اخرى مثل هذه مجددا’.
– ‘التعلق بالأمل’
وقال عمال إنقاذ يبحثون بين الأنقاض أن هناك ‘عشرات’ الضحايا فيما تقوم المروحيات بنقل الناجين على نقالات من الجسر المدمر.
وعلقت سيارات وشاحنات بين الأنقاض كما تضررت مبان مجاورة بسبب قطع الاسمنت الكبيرة التي سقطت، بحسب مراسل وكالة فرانس برس من الموقع.
وصرح مسؤول الاطفاء ايمانويل غيفي لوكالة فرانس برس ‘لن نفقد الأمل، لقد انقذنا أكثر من عشرة أشخاص من تحت الأنقاض’.
وقال ‘سنعمل على مدار الساعة حتى انقاذ آخر شخص’.
وبينما تساقطت السيارات والشاحنات مع الجسر المنهار، تمكن السائق المغربي عفيفي ادريس (39 عاما) من التوقف في الوقت المناسب.
وقال لفرانس برس ‘شاهدت الشاحنة الخضراء أمامي تتوقف ثم تعود الى الوراء فتوقفت ايضا، أقفلت الشاحنة وركضت بعيدا’.
وكانت الشاحنة الخضراء حتى وقت متأخر من المساء لا تزال متوقفة قبل مسافة قصيرة من الحافة التي انهار ما بعدها.
ويعتبر انهيار جزء كبير من الجسر وسقوطه على خط للسكك الحديد في المدينة، أكثر انهيارات الجسور دموية منذ سنوات في البلد الأوروبي المعرض للأضرار بسبب الزلزال والذي تعاني بنيته التحتية بسبب الاقتصاد المتعثر.
– ‘من غير المقبول الموت بهذه الطريقة’
أظهرت صور جوية انهيار 200 متر من جسر ‘موراندي’ في منطقة صناعية في غرب جنوى. وقالت أجهزة الاطفاء الإيطالية ان الانهيار وقع عند الظهر (10,00 ت غ).
صرح دانيلو تونينللي وزير النقل والبنى التحتية الإيطالي على موقع تويتر ‘أتابع بخوف كبير ما حدث في جنوى وما يبدو أنه مأساة فادحة’.
وتعهد سالفيني محاسبة المسؤولين عن الحادث.
وقال ‘أتعهد أمام الإيطاليين تحديد مسؤوليات كارثة غير مقبولة، لأنه ليس من الممكن العمل والموت بهذا الشكل عام 2018’.
واضاف ‘لقد عبرت هذا الجسر مئات المرات، لكنني الآن سأبذل كل ما في وسعي لأحصل على أسماء المسؤولين السابقين والحاليين. من غير المقبول الموت بهذه الطريقة في إيطاليا’.
واوضح ان ‘هناك مناطق في إيطاليا بحاجة إلى أن تكون آمنة، وإذا كانت هناك التزامات خارجية تمنعنا من إنفاق الأموال التي نحتاجها لسلامة المدارس والطرق السريعة، فسيتعين علينا طرح سؤال حول الاستمرار في احترام هذه الالتزامات أو وضع سلامة الإيطاليين فوق أي اعتبار اخر، من الواضح أنني اخترت الخيار الثاني’.
ولم يعرف على الفور سبب الكارثة، رغم أن أجهزة الأرصاد الجوية في منطقة ليغوريا، اصدرت تحذيرا من عاصفة صباح الثلاثاء.
وقالت هيئة الطرق على موقعها أن ‘اعمال صيانة كانت تجري عند قاعدة الجسر’ مضيفة أنه تم إرسال رافعة إلى الموقع للمساعدة في أعمال الإنقاذ.
– أمطار غزيرة وأعمال صيانة –
قال وزير الداخلية المسؤول عن أجهزة الشرطة والإطفاء ‘نحن نتابع الوضع لحظة بلحظة’، وقدم الشكر لأجهزة الطوارئ على استجابتها السريعة.
وقال متحدث باسم جهاز الإطفاء لفرانس برس إن الجزء المنهار سقط على خط للسكك الحديد على مسافة مئة متر أسفل الجسر وإن سيارات وشاحنات سقطت مع الجسر.
وذكرت أجهزة الطوارئ على تويتر ‘رجال الاطفاء يعملون معنا كما تم إرسال فرق إنقاذ وكلاب بوليسية’.
– تاريخ انهيارات –
قال رئيس بلدية نيس الفرنسية على بعد 200 كلم غرب على طول الساحل أنه سمح لرجال إطفاء من المدينة مساعدة اقرانهم في جنوى.
في بيان أعرب رئيس المفوضية الأوروبية جان-كلود يونكر في بيان عن ‘تعاطفه العميق وتعازيه الحارة لعائلات وأصدقاء القتلى وللشعب الإيطالي’.
كما بعثت المستشارة الالمانية انغيلا ميركل بتعازيها.
وكتب الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون على تويتر أن فرنسا ‘تقف إلى جانب إيطاليا في هذه المأساة ومستعدة لتقديم كل الدعم الضروري’.
تقع جنوى البالغ عدد سكانها نصف مليون، بين البحر وجبال شمال غرب إيطاليا وتكثر فيها الجسور العلوية والأنفاق نظراً لوعورة تضاريسها.
استكمل بناء جسر موراندي في العام 1967 ويمر من فوق عشرات خطوط السكك الحديد والمنطقة الصناعية.
وكان أحد المصانع الواقع بجانب أحد أعمدة الجسر مباشرة، فارغاً الثلاثاء بسبب عطلة رسمية، ويبدو أنه أصيب بأضرار طفيفة.
قال ايبو توري (23 عاما) ويعمل مترجما ‘اعيش في الجوار، اعبر الجسر مشيا على الأقدام كل يوم .. ولم أكن واثقا في الجسر لأنني كنت أسمع دائماً أصواتاً عندما كانت الشاحنات تمر فوقه’.
وأضاف ‘عندما سمعت أنه انهار، لم يفاجئني ذلك’.
يعتبر الحادث حلقة جديدة من سلسلة انهيارات لجسور في إيطاليا المعرضة للنشاط الزلزالي، والتي انعكست حالة الركود الاقتصادي على بنيتها التحتية بشكل عام.
في آذار/مارس العام الماضي قتل شخصان عند انهيار طريق علوي بالقرب من انكونا على ساحل الادرياتيكي.