مرايا – يبدأ مزارعو وادي الأردن بعمليات تجهيز أراضيهم تمهيدا لزراعتها للموسم المقبل، وسط تخوفات كبيرة من تكرار نكسات المواسم الماضية، والتي كان الموسم الماضي اسوأها.
لكن نقص التمويل وتراجع اعداد العمالة الزراعية، أديا إلى تراجع هذه العمليات التي تعتبر البداية الفعلية للموسم الزراعي المقبل، ما يؤشر إلى أن الموسم المقبل، سيشهد تراجعا كبيرا في المساحات المزروعة.
ويؤكد مزارعون ان غالبيتهم لا يملكون السيولة اللازمة لحراثة الارض وشراء مستلزمات الإنتاج، كالبلاستيك والبذور فضلا عن أجور الأيدي العاملة، لافتين إلى أن المزارع وصل إلى مرحلة عجز فيها عن الاستمرار في الزراعة في ظل الظروف التي تحدق بالقطاع الزراعي.
الأوضاع المتردية انعكست ايضا على حركة تأجير الأراضي الزراعية، التي اعتاد أصحابها على تأجيرها، الأمر الذي أثر كثيرا على صغار المزارعين بشكل خاص، ما سيرسم بحسب قولهم ملامح جديدة للزراعة في الوادي، يسيطر عليها كبار المزارعين والشركات والعمالة الوافدة.
وبين جميل احمد إلى انه لم يفلح إلى الآن بتأمين السيولة اللازمة لاتمام العمليات الزراعية اللازمة لبدء الموسم ، موضحا انه كان يعتمد في المواسم السابقة على الشركات الزراعية التي تؤمن له البلاستيك وانابيب الري والبذور وما إلى ذلك من مستلزمات والتي ترفض حاليا دعم المزارعين، في حين أن المشاتل التي كانت تقوم بزراعة الاشتال ترفض ايضا بالتشتيل إلا بالدفع مسبقا.
ويشاركه الرأي المزارع احمد حسين مبينا انه توارث زراعة الأرض عن والده الذي افنى عمره في زراعة الأرض، إلا انه سيتوقف مرغما عن زراعتها لعدم وجود السيولة اللازمة وكثرة الديون التي اضطرته لبيع البنية التحتية، موضحا انه سيلجأ إلى العمل في مهن أخرى أكثر أمنا، واصفا الاستمرار بالعمل في هذا القطاع في ظل الظروف الحالية بمثابة الانتحار.
ويقول المزارع رافت محمد ‘انه اضطر مع نهاية الموسم المنصرم الى بيع كامل البنية التحتية من شبكات ري وبلاستيك بثمن زهيد لسداد ديون الشركات الزراعية وإعادة الأراضي التي كان يستأجرها لأصحابها’، مشيرا إلى ‘أن تجهيز الأرض يتطلب تنظيف الأرض من مخلفات الموسم وجمع شبكات الري وحراثة الأرض وغالبية المزارعين لا يملكون المال اللازم للبدء بهذه العمليات’.
ويجزم اصحاب شركات زراعية ان بيع البذور ومستلزمات الإنتاج تراجعت بشكل كبير وصل الى 70 % مقارنة مع المواسم الماضية، لافتين إلى أن هذا الوقت من العام تكون غالبية الاراضي خاصة في المنطقة الشمالية قد زرعت، وهو الأمر الذي لم يحدث إلى الآن.
ويبين نواش العايد أن عمليات التجهيز للموسم المقبل تأخرت بما يزيد على الشهر إلى الآن، مؤكدا أن حركة بيع المستلزمات الزراعية تراجعت بشكل كبير ما يؤشر إلى مدى التراجع في عدد المزارعين والمساحات المجهزة للزراعة.
ويقدر اليازجين نسبة التراجع بحوالي 70 % إذ ان مبيعات البذور لم تتجاوز 10 % مقارنة مع الموسم الماضي، عازيا ذلك إلى أن غالبية المزارعين لا يملكون السيولة لشراء المستلزمات في الوقت الذي تمتنع فيه الشركات عن تمويلهم أو تزويدهم بالمستلزمات دينا.
المشاكل والتحديات ( العمالة، المياه، ضعف والتسويق) التي بدأت تتعمق عاما بعد عام بحسب نقيب المهندسين الزراعيين المهندس عبد الهادي الفلاحات هي أعراض سلبية لعدم تنظيم الإنتاج وربطه بالطلب، مؤكدا الحاجة الماسة للبدء بتنظيم القطاع الزراعي، من خلال شراكة حقيقية بين القطاعين العام والخاص، تحدد فيه احتياجات الأسواق المحلية والخارجية وانتاج ما نستطيع تسويقه وتجويد المنتج وعمليات ما بعد الحصاد لتعظيم العائد من وحدة الإنتاج.
ويرى الفلاحات ان إشكالية العمالة، التي شكلت وما تزال عبئا على القطاع الزراعي يقدر بنسبة 25 % من كلف الانتاج بحاجة لإعادة نظر لكي لا يدفع المزارع ثمن القرارات غير المدروسة، مشددا على إن إشكالية فرض الضرائب أفقدت منتجات القطاع الزراعي قدرتها على المنافسة في الأسواق المحلية والأجنبية ويجب إلغاؤها بشكل كامل عن القطاع الزراعي.
وفي ظل التحديات التي تواجه القطاع الزراعي والمزارع الأردني تبرز الحاجة الملحة بحسب الفلاحات إلى إنشاء شركة التأمين الزراعي للحفاظ على الاستمرار في الانتاج والتعاطي مع الكثير من التحديات التي تواجه القطاع الزراعي، مشيرا إلى أن نسبة الفاقد في القطاع الزراعي نتيجة التحديات القائمة تقدر ما بين (250 – 300) طن.
ويقول رئيس اتحاد مزارعي وادي الأردن عدنان الخدام ‘هناك حاجة ملحة لوضع استراتيجية جديدة وفعالة لتنمية القطاع الزراعي تراعي البعد الاجتماعي وتعمل على النهوض بالمزارع من كبواته وعثراته المتتالية والتي ادت إلى هجران عدد كبير من صغار المزارعين العمل فيه’، وأملا ان تقوم الحكومة بايجاد استراتيجية وطنية شاملة للنهوض بالقطاع من كبوته وتمكينه ليكون حجر الزاوية في الاقتصاد الوطني.
ويؤكد الخدام أن الأوضاع التي يمر بها المزارعون حاليا كارثية إذ أن الشركات الزراعية ترفض إمدادهم بالسيولة الأزمة للبدء بحراثة أراضيهم وتعقيمها أو مدهم بالمستلزمات الرئيسة كالبذور، لافتا إلى أن غالبية الأراضي ما تزال إلى الآن تحمل أثقال الموسم الماضي، لعدم قدرة أصحابها على تنظيفها خاصة مع تراجع اعداد العمالة الزراعية وارتفاع اجورها.
ويرى الخدام أن عدم وجود أية بوادر انفراج في اوضاع القطاع، خاصة فيما يتعلق بالتسويق والعمالة وارتفاع مستلزمات الإنتاج سيؤدي الى تراجع نسبة الاراضي المزروعة بشكل كبير.
وتبلغ مساحة الأراضي الزراعية بمناطق وادي الأردن حوالي 330 ألف دونم تستفيد منها 11 ألف أسرة في وادي الأردن تعتمد على القطاع في معيشتهم، في الوقت الذي يقبع فيه أكثر من ثلثي سكان الوادي تحت خط الفقر، مع ارتفاع ملحوظ في نسبة البطالة، خاصة بين الشباب خلال السنوات الاخيرة.