مرايا – لا يكاد يبدأ عام أو فصل دراسي جديد، إلا وتتكرر سنويا مأساة اكتظاظ الصفوف ونقص البناء المدرسي بشكل حاد، وسط حلول شكلية عرجاء غير مجدية لا تستشرف المستقبل تؤثر سلبا على نوعية التعليم في العقبة، في الوقت الذي لم يبن فيه أي غرفة صفية منذ أكثر من عشر سنوات رغم زيادة أعداد سكان العقبة الى أكثر من ثلاثة أضعاف خلال الفترة ذاتها.
ويؤكد سكان أنهم يواجهون صعوبة في تسجيل أبنائهم في المدارس القريبة من مكان سكنهم، مما يضطرهم الى تحمل معاناة توصيلهم الى مدارس أخرى في مناطق مختلفة في المدينة، نتيجة ضعف في معالجة المشكلة منذ أعوام.
ويبين أولياء الأمور أن عدد الغرف الصفية في جميع مدارس العقبة لا يفي بالغرض؛ إذ إن الغرف الصفية وخاصة التعليم الأساسي تكتظ بالطلبة، والذين يصل عددهم الى 60 طالباً وطالبة في بعض المدارس، مما يؤثر على تعليمهم الأساسي في هذه المرحلة المهمة من العمر.
ويقول المواطن محمد الرياطي، إنه لدى مراجعته لتسجيل ابنه في مدرسة العاشرة تفاجأ بعدم وجود مقعد دراسي لابنه، مما اضطره الى تسجيله في مدرسة بعيدة عن مكان سكنه بالرغم من وجود أبنائه الثلاثة في المدرسة ذاتها، مؤكداً “أن التعليم في العقبة أصبح لا يرقى الى المستوى المطلوب في ظل عدم بناء أي غرفة صفية منذ أكثر من عشر سنوات”.
ويطالب سكان مديرية التربية والتعليم في العقبة بزيادة عدد الغرف الصفية في مناطق مختلفة في العقبة، لاسيما منطقة العاشرة والعالمية والسابقة والخامسة وبناء مدارس خاصة في منطقة التاسعة، التي تكتظ بالآلاف الطلاب، مما يضطر أولياء الأمور الى تسجيل أبنائهم في المدارس الخاصة، والتي تثقل كاهل المواطنين وذوي الطلبة بأقساط مدرسية عالية جداً وتحمل تكلفة نقل أبنائهم ذهاباً وإياباً.
ويقول سكان، إن السبب الرئيسي لمشكلة تردي التعليم في العقبة يعود الى ضعف التخطيط المبني على تحديد الاحتياجات، وهذه مسؤولية وزارة التربية والتعليم بشكل أساسي ويتبعها المؤسسات الحكومية العاملة في العقبة، وعلى رأسها سلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة وذراعها التطويرية شركة تطوير العقبة والقطاع الخاص.
وتؤكد المواطنة تغريد النعيمي، أن منطقة التاسعة تخلو تماماً من البناء المدرسي الحكومي، مما فسح المجال أمام المدارس الخاصة بالتوسع والانتشار، وهو ما يضطر المواطن الى تسجيل أبنائه فيها وبأقساط سنوية مرتفعة جداً ومبالغ فيها، مشيرة إلى أن “هناك تقصيرا كبيرا لعدم اتخاذ إجراءات كفيلة مسبقا بتخفيف الاكتظاظ بالصفوف المدرسية، بالإضافة الى بناء مدارس إضافية تتوافق والتوسع العمراني في المدينة التي تنمو في المجالات كافة”.
ودعت فاعليات مجتمعية وزارة التربية والتعليم الى العمل وبشكل فوري على استئجار مبان جاهزة لاستيعاب الأعداد الزائدة من الطلبة، والإسراع في وضع خطة طارئة لبناء غرف صفية تحتاجها المدارس المكتظة، وخاصة تلك التي تم الاتفاق عليها وإقرارها وتأخر تنفيذها، مؤكدة أن ما تواجهه العملية التربوية والتعليمية في محافظة العقبة ناتج عن ضعف في الخطط الاستراتيجية وغياب الرؤية الاستشرافية، القادرة على مواجهة التحديات، بالإضافة الى ضعف التشاركية وغياب ترتيب الأولويات بين القطاعات الرسمية والقطاع الخاص، وضعف الدور التنموي المنوط بسلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة، وخاصة في قطاع التعليم المدرسي.
وأقر مجلس محافظة العقبة، مؤخرا، موازنة المحافظة؛ اذ بلغت مخصصات قطاع التربية والتعليم 6 ملايين و500 ألف دينار، وهي تحتل النصيب الأكبر بين القطاعات كافة، نظرا لحاجة المدينة لبناء عدد أكبر من المدارس، مثلما قرر العام الماضي في موازنته ما مقداره 3 ملايين و980 ألف دينار موزعة على 18 مشروعا، ما بين إنشاء مدارس جديدة، وتوسعة مدارس قائمة وزيادة غرف صفية لبعض المدارس، وعمل صيانة لبعضها الآخر، وتزويدها بمقاعد وأنظمة تكييف وتبريد ومظلات.
إلا أن رئيس مجلس المحافظة، محمد الزوايدة، يشير الى أن نسبة الإنجاز في مشاريع الصحة والأشغال بلغت 0 %، نتيجة لعدم اقتناع كثير من الوزراء فيما يسمى باللامركزية وتطبيقاتها، إضافة الى قيام بعض الوزراء بمنح هبات ومخصصات من مجالس المحافظات لتنفيذ بعض طلبات النواب والمتنفذين في قطاعات متعددة على حساب موازنة المجالس، مؤكداً أنه منذ عشر سنوات لم تبن أي غرفة صفية في العقبة، محملاً وزارة التربية والتعليم وسلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة مسؤولية الوضع المتردي للقطاع التعليمي في المحافظة.
وكانت شركة تطوير العقبة؛ الذراع التطويرية لسلطة العقبة الاقتصادية الخاصة، قد طرحت المرحلتين الأولى والثانية لتنفيذ مجمع المدارس المركزية، ليستوعب زهاء 6 آلاف طالب وطالبة من مختلف مناطق العقبة، استجابة لحاجات أبناء العقبة التعليمية، وكذلك حاجة سوق العمل في المنطقة الخاصة الى التخصصات المهنية، مثل الفندقة والتقنية والفنية.
ويهدف المشروع الى تطوير القطاع التعليمي، وتوفير خدمات تعليمية وتربوية نوعية لأهالي المنطقة والعاملين فيها، وما يزال العمل قائما في المشروع، بحسب الرئيس التنفيذي لشركة تطوير العقبة، المهندس غسان غانم.
ويشير رئيس لجنة التربية والتعليم في مجلس المحافظة جهاد الفران، إلى أن قطاع التعليم في العقبة يعاني من اختلالات عدة أبرزها تهتك البنى التحتية للمدارس، واكتظاظ الصفوف بما وصل إلى 60 طالبا وأحياناً أكثر، إضافة إلى النقص الحاد في معلمي التخصصات العلمية في المدارس الرئيسية، رغم تبني القطاع الخاص لبعض المدارس الحكومية.
ويبين الفران أن مشكلة الاكتظاظ في مدارس المدينة، التي تأخذ بالتوسع سكانياً تؤرق الطلبة وأولياء أمورهم، مؤكداً أن العقبة بحاجة الى عدد كبير من المدراس الحكومية في مناطق مختلفة، وهو الأمر الذي تقر به مديرية تربية العقبة.
وأكد أن قضية التربية والتعليم في العقبة هي صلب اهتمام مجلس المحافظة، مشيراً إلى أن المجلس يعمل مع مختلف الجهات الحكومية والخاصة لإيجاد حلول جدرية لتخفيف آثار مشكلة نقص المدارس واكتظاظ الصفوف وصولاً لحل المشكلة من جذورها.
ويقرّ مصدر في مديرية تربية وتعليم العقبة بوجود اكتظاظ في مدارس العقبة، خاصة مدارس العاشرة والثامنة والكرامة، مرجعا سبب ذلك الى الزيادة السكانية والتوسع العمراني الممتد على الجهة الشرقية للمدينة.
وبين أن الوزارة، من خلال خطتها رصدت ميزانية، لبناء مدارس عدة في مدينة العقبة التي تعاني من اكتظاظ بالصفوف، خصوصا مدرستي الرابية الواقعة في منطقة الشامية والعاشرة والثامنة والمحدود والتاسعة، بالإضافة الى تحويل بعض المدارس الى التعليم في الفترة المسائية لتخفيف الأزمة.
وأشار المصدر إلى أن النقص الذي يحصل بالمعلمين يتم تعبئته عن طريق التعليم الإضافي، خاصة في تخصصات معلم صف، اللغة الإنجليزية، واللغة العربية، مبيناً أن ظاهرة انتقال المعلمين من العقبة لمدن أخرى واضحة لأن معظم المدرسين بالعقبة من خارج المحافظة.
وأكد أن مديرية التربية في المحافظة استنفدت ما بوسعها لمحاولة حل معاناة النقص على حساب التعليم الإضافي، الى جانب تخفيف نصاب الحصص على المعلم خاصة التخصصات العلمية، إلا أن المشكلة ما تزال قائمة وتعاني من نقص الكادر التدريسي.
ورغم محاولة “الغد” الاتصال مع مدير تربية العقبة جاسر الرواشدة للاستفسار والوقوف على حال العملية التعليمية في العقبة، إلا أنه لم يرد على الهاتف.