مرايا -أجرى جلالة الملك عبدالله الثاني، في قصر الحسينية اليوم الخميس، مباحثات مع الرئيس الفلبيني رودريغو دوتيرتي، ركزت على سبل تعزيز العلاقات بين البلدين، وتطورات الأوضاع في المنطقة.
وتم التأكيد، خلال مباحثات، حضرها سمو الأمير علي بن الحسين، وعدد من كبار المسؤولين في البلدين، على ضرورة تطوير التعاون بين الأردن والفلبين في المجالات الاقتصادية والاستثمارية والسياحية والطاقة والتعدين والعسكرية، وأهمية التنسيق والتشاور بين البلدين حيال القضايا ذات الاهتمام المشترك.
واتفق جلالة الملك والرئيس الفلبيني على أهمية البناء على علاقات الصداقة المتميزة بين البلدين والممتدة على ما يزيد عن أربعين عاماً.
وجرى خلال المباحثات استعراض المزايا والحوافز الاستثمارية التي يوفرها الاقتصاد الأردني في العديد من المجالات، وفرص الاستفادة من الموقع الاستراتيجي للمملكة كبوابة للأسواق العالمية، خصوصا المنطقة وشرق أفريقيا، مثلما تطرقت إلى اتفاقيات التجارة الحرة التي تربط الأردن مع العديد من الدول.
وفي بداية المباحثات الموسعة، رحب جلالة الملك بالرئيس دوتيرتي والوفد المرافق، وقال “فخامة الرئيس، اسمح لي باسمي، وباسم عائلتي، وباسم حكومة وشعب الأردن أن أرحب بك في الأردن في هذه المناسبة التاريخية وهي أول زيارة لرئيس الفليبين. ويشرفنا أن تقوموا بهذه الزيارة التي تمثل حدثا تاريخيا، ويسعدنا أن نرحب بك، وبالوفد الرفيع من زملائك الذين يرافقونك”.
وأكد جلالته “إنني على ثقة بأن وجودك معنا اليوم، يعطي الزخم للمضي قدما على عدة صعد، وأعتقد أننا بصدد مرحلة جديدة من التعاون بين بلدينا، وكما تحدثنا خلال لقائنا الثنائي، فقد حصل تقدم ملموس، وعلى عدة صعد، في علاقاتنا الثنائية خلال السنوات القليلة الماضية، ولكنني أرى أن زيارتكم اليوم سوف تنقلنا للمرحلة التالية من التقدم في العلاقات”.
وتابع جلالته قائلا “لقد تجسد ذلك في وقت سابق خلال هذا اليوم عبر توقيع عدة اتفاقيات للارتقاء بالعلاقات الثنائية على مستوى مؤسسات حكومية وعلى مستوى العلاقات بين شعبينا”.
ولفت جلالته إلى أهمية الاجتماعات بين رجال الأعمال في البلدين، وقال “سعدتُ أيضاً بوجود وفد لممثلين عن مجتمع الأعمال الفلبيني يزور الأردن، فبناء العلاقات والجسور بين بلدينا يتم عندما يزيد اعتماد شعبينا اقتصاديا على بعضهما البعض”.
واضاف جلالته “آمل أن تتاح لي الفرصة لنبادلكم الزيارة، وليرافقني مسؤولون حكوميون بالإضافة إلى القطاع الخاص الأردني للاطلاع على الفرص الكبيرة في بلدكم”.
وفيما يتعلق بمحاربة الإرهاب، قال جلالة الملك “أعتقد أن من بين القضايا التي تربطنا مواجهة آفة الإرهاب، فهو تحدٍ لمنطقتنا ولمنطقتكم كما هو لبلدنا ولبلدكم”.
وأضاف جلالته “على امتداد العامين الماضيين، فإن التعاون بين بلدينا في محاربة شرور الإرهاب التي تعانون منها في بلدكم، ونعاني منها في بلدنا، يعد شهادة تعبر عن المستوى الدولي للتعاون والتنسيق الذي أصبح الآن أكثر وضوحا، ذلك أننا مستمرون في مواجهة هذا التحدي الذي قد يستمر لخمس أو عشرة سنوات وربما لخمسة عشر سنة قادمة، وإنني آمل أن البعد العسكري لهذا التحدي، والذي تبذلون جهدا كبيرا فيه، سوف يتم تجاوزه سريعا، ولكننا سنحتاج للمزيد من الوقت لمواجهة التعصب والأفكار التي زرعها هؤلاء الأشرار في منطقتكم ومنطقتنا”.
من جهته، أعرب الرئيس الفلبيني رودريغو دوتيرتي عن اعتزاز بلاده بالعلاقات التي تربطها مع الأردن، والحرص على تطويرها وتنميتها بما يخدم المصالح المشتركة للبلدين.
وقال “جلالة الملك، أود أولا أن أشكركم والأردن على دعوتي لزيارة بلدكم برفقة عدد من الوزراء والمسؤولين. ثانيا، أود أن أعبر عن امتناني الكبير للشعب الأردني ولجلالتكم على استضافة الآلاف من المواطنين الفلبينيين الذين يعملون في بلدكم وآمل أن يكون لهم أثر إيجابي في مجتمعكم خصوصا في قطاع العمالة المنزلية”.
وأضاف “أشكركم على ما تبدونه من لطف وكرم أخلاق تجاههم، فقد علمت أنهم يتلقون معاملة جيدة للغاية، وأنا سعيد جدا لسماع ذلك”.
وتابع قائلا ” أود الإشارة أيضاً إلى مخاوفنا من الإرهاب، حيث سنبحث مجالات التعاون العسكري والذي سيساعدنا كثيرا، وسيكون له أثر كبير في تعزيز الصداقة بيننا”.
وقال الرئيس الفلبيني “إن الإرهاب أصبح آفة تهدد البشرية اليوم، وسيحتاج إلى سنوات طويلة للقضاء عليه، وأنا حقيقة لا أعرف كم من الوقت سيحتاج ذلك، ولكنني آمل أن يتم القضاء عليه ربما ليس في عهد هذا الجيل، ولكن في عهد الجيل القادم، حتى ينعم بالراحة والأمان”.
وأضاف “أود أن أؤكد لكم أننا قدمنا إلى بلدكم لنؤكد لكم التزامنا بتعزيز الصداقة والتعاون مع بلدكم، فلنا مصالح وطنية في منطقة الشرق الأوسط، حيث قدم الآلاف من الفلبينيين للعمل في بلدكم من أجل تحسين أوضاعهم الاقتصادية”.
وتناولت المباحثات التطورات الراهنة في المنطقة، خصوصا عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، حيث أكد جلالة الملك ضرورة التوصل إلى سلام عادل ودائم للقضية الفلسطينية، يستند إلى حل الدولتين وبما يضمن إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من حزيران عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، تعيش بأمن وسلام إلى جانب إسرائيل.
وجرى أيضا استعراض جهود الحرب على الإرهاب، حيث أكد جلالته ضرورة تكثيف وتنسيق الجهود الإقليمية والدولية لمحاربة الإرهاب والفكر المتطرف، ضمن نهج شمولي يعالج المجالات العسكرية والأمنية والفكرية.
وحضر المباحثات الموسعة، التي تخللها غداء عمل، رئيس الوزراء، ووزير الخارجية وشؤون المغتربين، ومستشار جلالة الملك، مدير مكتب جلالته، ومستشار جلالة الملك للشؤون الاقتصادية، ورئيس هيئة الأركان المشتركة، ومدير المخابرات العامة، ووزراء التنمية الاجتماعية، والعمل، والبيئة، والنقل والشؤون البلدية، والدولة لشؤون الاستثمار، والطاقة والثروة المعدنية.
فيما حضرها عن الجانب الفلبيني، رئيس ديوان الرئاسة، ووزراء الخارجية، والعمل، والدفاع الوطني، والتجارة والصناعة، والنقل، ومستشار الأمن الوطني، والسفير الفلبيني في عمان وعدد من كبار المسؤولين.
وكانت جرت للرئيس الفلبيني مراسم استقبال رسمية في قصر الحسينية، حيث كان جلالة الملك في مقدمة مستقبليه.
واستعرض جلالته والرئيس الضيف حرس الشرف الذي اصطف لتحيتهما، فيما عزفت الموسيقى السلامين الوطني الفلبيني، والملكي الأردني.
وعلى هامش زيارة الرئيس الفلبيني للمملكة، وقع البلدان عددا من مذكرات التفاهم.
فقد تم توقيع مذكرة تفاهم حول المشاورات السياسية بين وزارة الخارجية وشؤون المغتربين ووزارة الخارجية الفلبينية، وقعها وزيرا خارجية البلدين.
كما وقع البلدان مذكرة تفاهم حول التعاون الدفاعي بين القوات المسلحة الأردنية – الجيش العربي ووزارة الدفاع الوطني في جمهورية الفلبين، وقعها عن الجانب الأردني رئيس هيئة الأركان المشتركة، وعن الجانب الفلبيني وزير الدفاع الوطني.
وتم توقيع إطار تعاون في مجال توظيف العمالة المنزلية ومذكرة تفاهم في مجال التعاون العمالي، وقعها وزيرا العمل في البلدين.
كما جرى توقيع مذكرة تفاهم بين هيئة الاستثمار الأردنية وهيئة الاستثمار الفلبينية، وقعها عن الجانب الأردني وزير الدولة لشؤون الاستثمار، وعن الجانب الفلبيني وزير الصناعة والتجارة.
ووقعت مذكرة تفاهم بين الهيئة البحرية الأردنية وسلطة الصناعة البحرية الفلبينية، وقعها عن الجانب الأردني المدير العام للهيئة البحرية الأردنية، وعن الجانب الفلبيني السفير الفلبيني في عمان.