مرايا – أثار الحديث عن مشروع الكونفدرالية بين الأردن وفلسطين حالة من القلق للأردن الرسمي والشعبي، مما دعا الملك عبد الله الثاني لقطع الطريق أمام هذه المشاريع للتساؤل بصيغة استنكارية: “كونفدرالية مع من؟!”.
ويأتي الحديث عن كونفدرالية أردنية فلسطينية في سياق تنفيذ ملفات “صفقة القرن” لإنهاء القضية الفلسطينية، مما يمثل قفزة في المجهول وتغييرا للجغرافيا والديمغرافيا الأردنية ومسا مباشرا بأمن المملكة واستقرارها، وفق محللين وسياسيين.
فعلى المستوى الرسمي، قالت وزيرة شؤون الإعلام جمانة غنيمات -في حديثها للجزيرة نت- إن موقف بلادها “ثابت وواضح برفض كافة هذه المشاريع”، مؤكدة أن الملك عبد الله الثاني حسم الحديث في هذا الموضوع.
وأضافت أن كافة السيناريوهات التي تتحدث عن كونفدرالية أردنية فلسطينية مرفوضة إطلاقا، طالما لم تقم الدولة الفلسطينية على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس، مشيرة إلى أن الأردن لم يوضع تحت أي ضغط عربي أو دولي لتمرير هذه المشاريع “المرفوضة من حيث المبدأ”.
إنهاء القضية
وربط مدير مركز القدس للدراسات السياسية عريب الرنتاوي بين طرح مشروع الكونفدرالية في هذا التوقيت وصفقة القرن، وقال إن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب تسعى منذ مجيئها لتفكيك المشروع الوطني الفلسطيني بما ينسجم مع الإدارة اليمينية الإسرائيلية، وهذا يترافق مع حملة ضغوط على الفلسطينيين.
ولم تكتف الإدارة الأميركية بذلك فحسب، بل إن المطروح حاليا -وفق الرنتاوي- هو “فدرالية وليس كونفدرالية، وربما يضاف لها قطاع غزة، وتصبح (الفدرالية هي) الأقاليم الثلاثة: الأردن وفلسطين وغزة”.
وأكد في حديث للجزيرة نت أن الأردن دولة مستقلة وأن مشروع الكونفدرالية يستهدف أمنه واستقراره وحقوقه التاريخية والأهم من ذلك استهداف هويته الوطنية، لذلك فالموقف الآن لا يقاس بقيمة المساعدات المالية الأميركية المقدمة للمملكة.
كما لفت إلى أن الخطورة تكمن في أن المشروع المطروح ينقل حاليا كرة اللهب في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي ليصبح صراعا فلسطينيا أردنيا، منتقدا ظهور “أصوات لجهلة وغلاة ومتطرفين على ضفتي نهر الأردن تعزز هذا الصراع”.
ترحيل المشكلة
أما المحلل السياسي عمر العياصرة فقد رأى أن الهدف الرئيس من طرح الإدارة الأميركية مشروع الكونفدرالية هو خلاص المجتمع الدولي من قصة حق تقرير المصير للفلسطينيين المهجرين من بلادهم، وترحيل مشكلة الديمغرافيا للأردن بعد قانون يهودية الدولة.
وأفاد العياصرة بأن مشروع الكونفدرالية نوقش مع الفلسطينيين عدة مرات، وعرض على الأردن الرسمي وتم بحثه قبل تسعة أشهر، إلا أنه لم يجر الإعلان عنه حتى الآن، وأضاف “لا نعرف مدى الضغوط التي مورست على اللاعبين الأساسيين في المنطقة”.
ولأنه يمس هوية الأردن الوطنية وأمنه القومي وشكله الديمغرافي، فقد طالب المتحدث السلطات الأردنية بالتنسيق مع السلطة الوطنية الفلسطينية لرفض هذا المشروع.
الموقف الخليجي
ولا ينصح الرنتاوي الأردن بالتعويل أو الرهان على المواقف الخليجية خاصة السعودية والإمارات، موضحا أن مستوى انخراط الخليج في مواجهة هذه المشاريع يكاد يكون صفرا، بل إن بعض دوله تقف في الصف الآخر داعمة للإدارة الأميركية.
وقال بهذا الخصوص “لا يوجد رهان جدي على المواقف الخليجية والعربية، وحلقات التصدي للمشروع تبدأ فلسطينيا بالمصالحة، وأردنيا بتقوية الجبهة الداخلية والتنسيق مع الدول الداعمة للمواقف الأردنية”.
في المقابل يرى العياصرة أن الرياض تمارس سياسات الضغط الاقتصادي والسياسي على الأردن، لخدمة المشاريع الأميركية الإسرائيلية وتنفيذ صفقة القرن، خاصة في ملفات القدس واللاجئين.