مرايا – بقلم محمد فخري – معدل 86 بالثانوي بمنطقة الجفر مش سهل حد يجيبه خصوصاً إنه الجفر مهمشة شوي ووضعها مش زي باقي مناطق المملكة ، بعد النجاح درست بجامعة مؤته وتخرجت قايد مراسم وإستلمت سيف من جلالة الملك وأجى توزيعي على العمليات “كتيبة 71 لمكافحة الإرهاب” وإنجبرت أغادر من الجفر وأسكن بالزرقاء بمكان مخصص للضباط من هون شعرت إنه قايد لمكافحة الإرهاب إشي مش سهل ولا لقب خفيف بالعكس هو لقب ورتبه ثقيلة ولازم أكون قدها ، علاقتي بأهلي وصحابي كانت ممتازة ، ما كنت أبخل على حد وإيدي مفتوحة للجميع ، مع إنه وضعي المادي شوي مش كثير بس كنت أساعد الكل ، كنت أنظملهم وأضبطلهم المناسبات وكانوا يحسوا بالفرق إذا أنا نظمتها أو لأ ، المهم بعد ما إتخرجت ضليت آخذ دورات لسنة 2010 وطلعت على أفغانستان مع قوات حفظ السلام ورجعت بعد 6 شهور معي كم ليرة تزوجت فيهم ، ولولا هاي السفرة كان ما تزوجت لإنه من وينلي أجيب ؟
وبرضو رجعت وأخذت دورات وسنة 2013 طلعت كمان 6 شهور ع الكونغو مع قوات حفظ السلام ، ما كنت أطلع طشة وسياحة وسفر ، بالعكس كنت أطلع ع مناطق فيها حروب وقلبي أهلي يكون على نار لحد ما أرجع ، لإنه الوضع وضع حرب ، عمرني ما شكيت ولا بكيت كان كل همي أولادي يتعلموا أحسن تعليم وعشان أقدر أعلمهم هيك كان في مباعدة لما خلفتهم إلياس عمره 6 وغنى سنتين ، كانت كل فترة تصير أحداث لمجموعة إرهابية بمحاولة لتنهز الأردن وينهز أمنها وإستقرارها ويروحوا زملاء اللي يتصدوا إلهم ويرتقوا شهداء أو إصابات ويمنعوا هالإرهاب ، منهم راشد الزيود اللي إستشهد وهو بقاوم بخلية إرهابية وحكيت لأبوه إعتبرني إبنك وطلبته إنه أضحي عن روح ابنه ، حياتي كانت بسيطة زي أي بني آدم لحد يوم الجمعة 10/8/2018 كنت ببيت لأختي بالزرقاء مجتمع مع الأهل ع العشاء ورن تلفوني المساء واللي كان صاير إنه في تفجير لدورية للأمن الأردني بالفحيص وفي شهداء وإصابات ، إطلعت أشوف شو الوضع بصفتي قايد لمكافحة الإرهاب وإرجعت ، ثاني يوم السبت الظهر تلفوني رن وكان لازم أطلع للواجب لإنه في معلومات إستخبارية عرفوا من خلالها مكان الإرهابيين اللي عملوا هالعملية ، إطلعت وبالطريق رنت علي أم إلياس سألتني عن العزومة اللي كنت مرتب إلها بهذا اليوم وحكيت إلها :
منار أنا هسا مشغول إتصرفي إنتي .
المعلومات كانت عن تواجد الإرهابيين بمنطقة السلط ببناية من 4 طوابق ، حاصرناها وطلبنا منهم تسليم حالهم لنسهل عليهم وعلينا العملية وما يكون في إصابات بس رفضوا ، وبلشوا يطخوا علينا وحاولنا نداهمهم ونشتبك معهم وحتى أهالي السلط كانوا بدهم يساعدونا ورفضت وحكتلهم اذا بنحتاج مساعدتكم بنخبركم ، مبدأنا إذا كان لا بد من إنه يقع إصابات تكون فينا ولا بالمدنيين ، دخلت أول واحد بالمجموعة بصفتي قايدها وقربنا من البناية أنا والزملاء ومع الطخ وتبادل إطلاق النار إنفجرت العمارات وإنهارت علينا لإنه أصلا هالعمارة فيها متفجرات مجهزة من الإرهابيين وكان فيها 3 عبوات كل عبوة 5 كغم ، وهاي العبوات اللي بدهم يفجروا فيها نقاط ثانية ، بهذا الوقت أهلي وكل بيتنا برنوا علي وأنا ما برد والجارات بلشوا يدخلوا على بيتنا ويسألوا عني ، هون أهلي عرفوا بعملية السلط وربطوا موضوع تطنيش للتلفون بالعملية وسمعوا إنه في إصابات وشهداء وراحوا على مستشفى المدينة الطبية الساعة 9 المساء ، كلهم قعدوا على الرصيف بالمستشفى من أصحاب وأهل وحبايب ، اللي كان يتفرج على صور جمعتني معه واللي فاتح المسجات وبقرأ برسائلنا واللي ماسك طاقيتي اللي هديته إياها واللي بدعيلي ، واللي بتذكر كلامي وكانوا كل ما يشوفوا سيارة إسعاف يقوموا ركاض يهجموا عليها وما يلاقوني فيها ، كلهم عرفوا بإستشهادي بس كان عندهم أمل بسيط ، بعد 6 ساعات إنتظار وبحدود الساعة 3 الفجر دخلت سيارة إسعاف وكانت بدون صوت على غيرعادت سيارات الإسعاف كنت أنا فيها ، بعدها الدموع والحسرة والقهر كان ما بنوصف الكل بكى وعيط وصرخ على هالشهيد اللي راح بلحظة !
المداهمة إستشهدنا فيها 4 وإنقتل 3 إرهابيين وإنمسك 5 إرهابيين ومع التحقيق تبين إنهم كانوا بدهم يستهدفوا فيما بعد :
– مخابرات البلقاء وإستخبارات البلقاء ومحافظة البلقاء ، ودوريات بالسلط والزرقاء وجرش وتجمعات للمدنيين .
وغير هيك تم تفجير عبوات مزروعة بجبال بالسلط كانوا مخبيينها ، وإنتهت العملية يوم الأحد 12/8/2018 الساعة 8 المساء .
48 ساعة من الساعة 7:15 يوم الجمعة 10/8/2018 للساعة 8 يوم الأحد توقفت عاصفة إرهاب ،
أنا إنتقلت جثتي من المستشفى للجفر بباص لمسافة 270 كيلو مش بطيارة !
، جنازتي شيعها آلاف مألفة ، بيت أجر إستقبل أكثر من مليون معزي ، كل الأردن أجت وباست راس إلياس وهو ما بعرف شو في ، أبو الشهيد راشد الزيود حط إلياس بحضنه وكان في بينهم بالعمر 50 سنة وكانوا الاشي المشترك بينهم شهيد ، ما تركت وراي ولا اشي ، لا تركت بيت ولا سيارة تركت 24 ليرة بالبنك بحسابي وتركت قرض وراي ووصية من سنة 2015 هالوصية بتحكي عن أول يوم بالمدرسة لليتيم كيف رح يكون بدون أبوه اللي رح يخفف عليه رهبة المدرسة ، وكيف لازم يستقبله الأستاذ وما كنت أعرف إنه بعد أسبوع من إستشهادي رح يكون أول يوم لإلياس بالمدرسة !
تركتله لقب رباني زي ما كنت أحكي لزملائي ، ما بهمني عميد ولا عقيد زي لقب الشهيد بكفي إنه هاللقب رباني ، الشهيد الأردني اللي تصدى لإرهاب ما إله دين ولعدو مش معروف ، هالشهيد اللي ما بقل عن شهداء فلسطين وبالعكس هو راح بس قدر يوقف مخطط إرهابي كان رح ينتقل لأكثر من نقطة وربنا سخره ليكون بإستشهاده نهاية إرهاب ما كانت رح تنعرف نهايته ..
جلالة الملك أجى على بيت الأجر وحضن إلياس وكل الأردن حضنته ووصلوله للمدرسة أول يوم وكل الأردن عرفته وعرفت أبوه ، وبكرة بس يكبر رح يحكي أبوي :
الشهيد المقدم : معاذ خميس الدماني الحويطات ورح يضل صافن فيهم وكأنه بحكيلهم :
لا أعلم من باع وطني لكن والدي دفع الثمن .
#الشهيد_ليس_رقمًا،