مرايا – أصدر منتدى الاستراتيجيات الأردني ورقة سياسات بعنوان: قانون ضريبة الدخل المعدل في سياق السياسة المالية في الأردن، ضمن جهود المنتدى في إثراء الحوار الوطني حول قانون ضريبة الدخل، وتكريسا لرسالته في العمل على تحقيق نمو اقتصادي شامل والوصول إلى أردن مزدهر.
وقال المنتدى في بيان اصدره اليوم السبت، إنه نظرا لعدم إمكانية فصل قانون ضريبة الدخل عن منظومة السياسة المالية الأردنية، استعرضت الورقة حالة السياسة المالية في الأردن ومواطن الضعف فيها، وحللت القانون المقترح وفقا لما يجب معالجته في السياسة المالية وما يجب أن ترمي إليه.
واضاف المنتدى: انه يهدف من خلال هذه الورقة إلى تقديم مقترحات تضع السياسة المالية في الأردن في سياقها الصحيح.
وذكرت الورقة، أن عملية رسم السياسة المالية يجب أن تتم وفقا لإطار يضم ثلاثة عناصر رئيسة، هي: تحقيق التنمية الشاملة، ووجود بعد اقتصادي للسياسة المالية يتمثل بتحقيق استقرار الاقتصاد الكلي، وكفاءة توزيع الموارد وتحقيق العدالة في توزيع الثروة، فيما يكمن العنصر الأخير في إدارة المخاطر الاجتماعية المتمثلة بوجود شبكة للأمان الاجتماعي.
ولدى تقييم الورقة لجوانب الانفاق العام والايرادات العامة للسياسة المالية، تبين أن الانفاق العام في الأردن انخفض بشكل كبير خلال العقود الأخيرة، وانخفض معدل الانفاق العام إلى الناتج المحلي الإجمالي لما نسبته 9ر29 بالمئة في العامين 2016-2017 من 7ر43 بالمئة في الفترة 1976-1985.
وعند مقارنة معدل الانفاق العام في العامين الأخيرين، وجد المنتدى أنه أقل من الكثير من دول العالم، ويبلغ هذا المعدل في فرنسا 6ر56 بالمئة، والنمسا 2ر50 بالمئة، وكرواتيا 5ر46 بالمئة، وهولندا 6ر43 بالمئة، والمملكة المتحدة 5ر41 بالمئة، ولاتفيا 8ر37 بالمئة.
أما ما يتعلق بالإيرادات العامة فإنها تعادل 8ر22 بالمئة كنسبة إلى الناتج المحلي الإجمالي في الفترة 2015-2017، وهي أيضا أقل مما هي عليه في العديد من دول العالم، اذ تبلغ هذه النسبة في فنلندا 9ر53 بالمئة، وفرنسا 4ر53 بالمئة، والدنمارك 2ر53 بالمئة، والنمسا 1ر49 بالمئة، وألمانيا 9ر44 بالمئة، ورومانيا 4ر32 بالمئة.
وفي سياق متصل، أظهرت الأرقام الواردة في الورقة أن نسبة الإيرادات الضريبية إلى الناتج المحلي الإجمالي في الأردن تعادل 4ر15 بالمئة، فيما ترتفع هذه النسبة في الدول الأخرى، إذ بلغت في بولندا 5ر20 بالمئة، وسلوفينيا 9ر21 بالمئة، ولاتفيا 3ر22 بالمئة، وهولندا 7ر23 بالمئة، فيما تصل في دول مثل السويد إلى 8ر40 بالمئة، والدنمارك 7ر46 بالمئة.
وبناء على ما ذلك، قال منتدى الاستراتيجيات الأردني ان الحكومة يجب أن تعمل على تحقيق المزيد من الإيرادات لإيجاد القدرة المالية للتعامل مع التحديات التي تواجهها، وتسمح بمزيد من الإنفاق على جميع الأمور التي تحفز النمو على المدى المتوسط، بما في ذلك البنية التحتية والرعاية الصحية والتعليم.
وفيما يتعلق بالنظام الضريبي في الأردن، بينت الورقة أن أكثر الضرائب التي تعتمد عليها الحكومة في تحقيق الإيرادات الضريبية هي ضريبة المبيعات، وتشكل نحو 69 بالمئة من مجمل الإيرادات الضريبية التي تحققها الحكومة. وقال المنتدى ان هذه النسبة تشير إلى أن الفقراء يساهمون بنسبة أكبر في الإيرادات الضريبية نسبة إلى دخلهم أكثر من أولئك الأيسر حالا.
واشار إلى أن الأردن من أكثر الدول في العالم اعتمادا على ضريبة المبيعات في تحقيق الإيرادات الضريبية، ففي عام 2016 شكلت إيرادات الحكومة من ضريبة المبيعات ما نسبته 8ر67 بالمئة من اجمالي الإيرادات الضريبية، فيما كانت هذه النسبة تعادل 9ر42 بالمئة في استونيا، و7ر41 بالمئة في لاتفيا، و9ر40 بالمئة في اليونان، و32 في النرويج، و9ر28 بالمئة في فرنسا، و17 بالمئة في الولايات المتحدة الأميركية.
وأضاف المنتدى ان من الأمور التي تشير إلى وجود اختلالات واضحة في النظام الضريبي بالأردن وفي كفاءة عملية التحصيل الضريبي، أن الموظفين العاملين بأجور شهرية يدفعون ضرائب دخل تكاد تكون ضعف ما يدفعه المهنيون والشركات الصغيرة والمتوسطة العاملة في القطاع الخاص، إذ بلغت الإيرادات الضريبية من الموظفين بأجور شهرية في عام 2017 ما قيمته 8ر129 مليون دينار، فيما بلغت الإيرادات الضريبية المحصلة من قطاع الأفراد (المهنيون والحرفيون والشركات الصغيرة والمتوسطة) في العام ذاته ما قيمته 1ر66 مليون دينار.
وفي هذا السياق، أكد المنتدى ضرورة محاربة التهرب الضريبي بجدية أكبر لزيادة التحصيل الضريبي من قطاع المهنيين والشركات الصغيرة والمتوسطة.
أما بالنسبة لقطاع الأفراد، أوصى منتدى الاستراتيجيات الأردني بعدم الغاء الإعفاء وقدره 4 آلاف دينار بدل نفقات التعليم والصحة وفوائد القروض، نظرا لعدم كفاية وكفاءة الخدمات الحكومية في هذه المجالات، وحاجة المواطنين الملحة لهذه الخدمات في القطاع الخاص.
كما أوصى المنتدى الحكومة بالإعلان بشفافية عن المبالغ المحصلة من ضريبة التكافل الاجتماعي وتوضيح سبل انفاقها والقنوات التي ستنفق من خلالها هذه المبالغ.
وفيما يتعلق بالضرائب على قطاع البنوك، أوصت الورقة بعدم رفع ضريبة الدخل على قطاع البنوك، حيث ان الشركات المساهمة العامة بما فيها البنوك تساهم بنحو 17 بالمئة من الإيرادات الضريبية، وهذه النسبة أعلى مما هي عليه في دول أخرى مثل المملكة المتحدة 10 بالمئة، والدنمارك وتركيا 5ر9 بالمئة.
وقال المنتدى أن البنوك تساهم كذلك بما يعادل 80 بالمئة من اجمالي الايرادات الضريبية التي تحصلها الحكومة من جميع الشركات المساهمة العامة والمدرجة في سوق عمان المالي.
وأوصى بإصلاح دائرة ضريبة الدخل والمبيعات، والاستثمار في موظفيها وتحسين كفاءتهم، والاستثمار في التكنولوجيا وتوظيفها لتطوير ورفع كفاءة عملية التحصيل وزيادة المبالغ المحصلة.
وذكر المنتدى ان باستطاعة الكثير من العاملين في دائرة ضريبة الدخل والمبيعات فتح مكاتب استشارات ضريبية مباشرة بعد انهاء عملهم في الدائرة، ما قد يضر عملية التحصيل الضريبي،ما يتطلب ضبط وتنظيم مثل هذه الأمور من خلال تشريعات واضحة.
كما أوصى بأن تصدر الأنظمة المذكورة في نص القانون المعدل، بالتزامن مع اصدار القانون كي لا يحدث أي خلل في تطبيق قانون ضريبة الدخل وعدم فتح المجال للاجتهادات الشخصية في تفسير نصوص القانون.
وقال أنه وفي حال قررت الحكومة رفع الضريبة على البنوك عليها أن تدرس الآثار الاقتصادية والاستثمارية لهذا القرار وانعكاساته على قطاع البنوك والقطاعات الاقتصادية المختلفة، وكذلك على المواطنين.
وشدد المنتدى على تحقيق الكفاءة في الانفاق العام بشقيه الجاري والرأسمالي، وأن تقيّم الحكومة العمليات والاستثمارات التي تنفقها عليها من حيث التكلفة وجودة المخرجات، وضبط الهدر في الانفاق وتعزيز الرقابة والمساءلة حول سبل إنفاق المال العام.