مرايا – كتب محمد فخري –  البيت تبعنا كان مأوى للمطاردين ، أمي كانت تخبي المطاردين والجرحى وترعاهم وتعالجهم وتحثهم يكملوا ع نفس هالطريق ، من بين هالمطاردين اللي كان يتخبى عنا عماد عقل ، اللي كان أخطر رجل عالكيان وكانوا ملقبينه صاحب الأرواح السبعة ، وأخواني كانوا بكتائب القسام ومنهم نضال أول من صنع صواريخ للقسام ، وأمي كانت أول وحدة أجتها فكرة حفر الأنفاق ، وكانت إذا صار إشتباك ما تهدأ إلا لما تنزلنا على الميدان ، هاي بيئتي وهون تربية ، رغم إني صغير بالعمر عماد عقل كان يستعين فيي ويودي معي رسائل للمقاومين ولأصحابه ، وحتى مرة على عرباية نقلتله صواريخ وخبيتهم بالحطب وما كان حد يشك فيي ، وأول مرة ساهمت بإشي فعلي وكبير كان لما شفت 3 جنود ورحت حكيت لعماد عنهم ، وعماد راقبهم وقتلهم ، وراحت الأيام وأجت لحد ما العملاء حكوا عن مكان عماد وين متخبي ، والكيان حاصروا البيت بـ 200 جندي ودبابات وطيارات وتحولت البيت لساحة معركة وقدروا يغتالوا عماد بحوالي 70 رصاصة ، وقصفوا بيتنا 4 مرات ، أنا كنت غير عن الأولاد تربيت بين الرصاص والسلاح وحتى إنه شريت كلاشنكوف حقه 1200 دينار نص حقه دفعه نضال أخوي والنص جمعته من مصروفي ، وكنت لما بدي أطلع وأستخدمه أحكي لنضال وأستشيره ، ومع إني صغير بس أهلي وأخواني كانوا يركنوا علي كثير ، هيك كانت حياتي وجه طفل بس قلب أسد ، نضال أخوي سمع خبر عن مخطط لتنفيذ عملية إستشهادية وراح راقب المكان وعاينه وحكى إنه بدنا وبلزمنا 6 إستشهاديين ، وبعدين قللوا العدد ل 2 وآخر إشي صار قرعة بين هالإثنين لإختيار واحد ، نضال حكى للقائد صلاح شحادة الإستشهادي من عندي ، وكانت المفاجأة إنه اختارني أنا أخوه الصغير ينفذ هالعملية ، صلاح شحادة لما شافني إستغرب لإنه شكلي شكل طفل وعمري 17 سنة والعملية كبيرة وبدها أكثر من واحد ، واللي زي شكلي ما بقدرلها !
بس نضال أصر على صلاح شحادة وحكى لأمي تحكي مع صلاح شحادة وتقنعه يوافق وهون صلاح شحادة لما شاف أم بدها إبنها يستشهد وافق ، وحكى لنضال إنت بتتحمل المسؤولية وبلش نضال يدربني وقعدت 5 شهور أتدرب لحد ما صرت أطخ الذبانة وهي طايرة ، العملية كانت عبارة عن إقتحام مدرسة بتدرب جنود بمستوطنة عتصمونا وبتطلعهم يقتلوا هالشعب ولازم أقتل أكبر عدد من الجنود ، هاي المدرسة كل سنة بتخرج 200 شخص حاقد وكاره وقاتل وخرجت حوالي 2000 شخص منهم 1000 من نخبة الجيش الصهيوني إرتكبوا مجازر وطالبوا بهدم المسجد الأقصى ، كتبت وصيتي وقرأتها لأمي وودعتها وتصورت معها فيديو وآخر ليلة نمت جنبها وحكتلي ترجعليش إلا محمول ع الأكتاف ، وبعدين طلعت وطول الطريق بحكي معها ع التلفون ، السلاح هربناه من حاجز التفاح وكان داخل جرة غاز وكانت ملحومة وصعب كشفها وأنا كان معي هوية مزورة قدرنا نطلع من حاجز التفاح وطلعنا من خان يونس وتجاوزنا كل الحواجز العسكرية وبالطريق لمحت مستوطنين إثنين وكنت بدي أقتلهم بس المسؤول عني منعني وعرف إنه هالولد اللي جنبه عطشان للدم ، لحد ما دخلنا مدرسة مقابلة لمكان تنفيذ العملية والمسؤول عني ورجاني المكان وشرحلي شو أعمل وكان في جنود بلعبوا كرة سلة ، وأعطاني 8 مخازن و 8 قنابل ورجع لداخل غزة وتركني ، كانت الساعة 5 العصر وكنت صايم وكان يوم خميس التاريخ 7/3/2002 وضليت أستنى للساعة 11:52 المساء ، وبالفعل طلعت وقطعت أسلاك مكهربة وتجاوزت كلاب بوليسية وأبراج مراقبة وكاميرات وقصيت سياج ودخلت ، أول ما لمحت دورية كان فيها 3 جنود طخيتهم ، ورميت قنابل واللي بطلع أطخه وأبطحه ، نضال أخوي كان حاكي إلي :
“اللي بشرد طخه ، اللي بشرد قصه ، ما تلتخمش وإنت بتفك المخازن ، اللي بخلص ارميه وما تحطه بجيبتك ، إنجز إستشهد .”
وبالفعل مخزن ورى مخزن ، في برج كان عليه جندي معه سلاحه من الخوف والصدمة إنه كيف هذا فات هون خاف ورمى سلاحه وضل يتفرج ، دخلت على غرفة من العطش شربت مي قدامهم وهمه بتفرجوا علي وطخيتهم واحد واحد ، وتحصنت بغرفة وخلص رصاصي وتحاصرت وفجأة طلقة بنص راسي ما بعرف من وين أجت ووقعت ع وجهي وإستشهدت ، المفاجأة كانت إنه اللي عمل كل هالحكي بمدة 25 دقيقة شخص واحد وإنصدموا من اللي صار !
اللي صار أشبه بزلزال وإعصار ، من قهرهم قطعولي إصبع السبابة ، وتم الإعلان عن :
إستشهاد “محمد فتحي فرحات” من غزة الشجاعية ، وأعلن العدو عن قتل 9 وإصابة 30 ، وكل شوي إعلان بعدد غير والمدرسة كان فيها 130 جندي والمجزرة اللي صارت راح فيها عدد كبير بس الكيان ما بده يعطي المقاومة دفعة معنوية وبنفس الوقت ما بده جنوده يخافوا لو حكى إنه العملية راح فيها 100 جندي تأكدوا إنه كذب وبكون راح 1000، الأخبار إنتشرت وأمي إنبسطت وأخواني وكل الناس إنبسطت ووصلت رسالة للكيان إنهم ضعاف وبنوصلهم وين ومتى ما بدنا وما في قدامنا حل الا قتلهم ، وبعد استشهادي بسنة إستشهد نضال ولحقه أخوي رواد سنة 2005 ، أخواني وأنا 6 ، منهم 3 شهداء ، وأسير و 2 جرحى ومن هون سموا أمي بخنساء فلسطين ، اللي كانت تحرض أولادها وتحكيلهم إستشهدوا وكانت قبلة للمقاومة وأم لفلسطين ، وبسنة 2005 طلعوا الصهاينة من غزة وقدرت أمي تزور مكان تنفيذ عمليتي وقصت الأسلاك وباست الأرض اللي إرتوت بدمي وحكت أولادي كلهم فدا فلسطين ، ومع العمر والهم والمرض توفت سنة 2013 وشيعتها الاف مألفه بجنازتها وبكت عليها كل غزة ، وقدرت تكون مدرسة بالمقاومة ومثال للأم الفلسطينية ، بعدها صار في مدارس كثيرة وأمهات كثيرة على طريقتها بودعن أولادهن ؛ هيك نساء فلسطين خارج المعادلة وخارج أي مقارنة مع أي إمرأة ، غنت ميس شلش أغنيتها الها :
هي يا محمد ودع إمك ، وإنعمل فيلم إسمه نسمة وإعصار عن هالعملية وضلت ذكرى أم نضال وإبنها محمد موجودة لليوم معنا وقديش إحنا بحاجة لأم نضال وأولادها بهيك وقت .