مريا – كشف مؤشر رأس المال البشري الصادر حديثا عن البنك الدولي أنّ الأردن لديه “فجوة” في جودة التعليم التي يتلقاها أطفاله.
وبين التقرير أنه في الوقت الذي يحصل فيه طلاب الأردن على 11.6 عام من الدراسة خلال عمر 4 أعوام الى 18 عاما، فإنّ التعليم الحقيقي الذي يحصلون عليه يصل الى 7.6 أعوام ما يعني أن هناك فجوة تساوي 4 سنوات.
وفي مؤشر السنوات المتوقعة من المدرسة أشار التقرير إلى أنّ الطفل الأردني يبدأ الدراسة في سن 4 سنوات وهو يكمل 11.6 عام من الدراسة عندما يصل إلى عمر الـ 18.
لكنّ عندما يتم النظر الى جودة التعليم التي يحصل عليها الطالب فإن هناك “فجوة تساوي 4 سنوات” حيث أنّه يحصل فعليا على 7.6 سنوات تعليم بدلا من 11.6 سنة.
وأشار البنك الدولي إلى أن هناك انخفاضا بسيطا في مؤشر رأس المال البشري بالنسبة للأردن حيث كان الأردن العام 2012 عند 0.57 لينزل إلى 0.56.
وهو يرى أنّ مؤشر “رأس المال البشري للعام 2017” للأردن أقل بقليل من المتوسط بالنسبة لبلدان المنطقة (الشرق الأوسط وشمال افريقيا)، لكنه أعلى من المتوسط ضمن الدول ذات “الشريحة العليا من البلدان متوسطة الدخل” والتي ينتمي لها الأردن.
وأشار إلى أن تصنيفات الأردن في المؤشر جاءت ضمن التوقعات إذا ما قورن بالبلدان ذات الدخل المتوسط.
ويركز مؤشر رأس المال البشري HCI والذي أطلق حديثا من قبل البنك الدولي على المعارف والمهارات والقدرات الصحية التي تتراكم لدى الأشخاص على مدار حياتهم بما يمكنهم من استغلال إمكاناتهم كأفراد منتجين في المجتمع.
ويساعد الاستثمار في البشر عن طريق توفير التغذية، والرعاية الصحية، والتعليم الجيد، والوظائف، والمهارات على تنمية رأس المال البشري ويعد ذلك عنصرا أساسيا لإنهاء الفقر المدقع وبناء مجتمعات أكثر شمولا.
ووفقا للمؤشر فإنّ الطفل المولود في الأردن اليوم سيشكل حوالي 56 % من الإنتاجية المستقبلية، بشرط أن يتمتع بتعليم وصحة كاملة، مشيرا الى أنّ احتمالية البقاء على قيد الحياة حتى عمر 5 سنوات في الأردن كانت “مرتفعة” حيث أنّ 98 من أصل 100 طفل ولدوا في الأردن على قيد الحياة حتى سن الخامسة.
وذكر المؤشر في “معدل بقاء الكبار” أنّ 98 % من السكان تتراوح أعمارهم ما بين 15 الى 60 عاما ، كما أنّ 92 من أصل 100 طفل في الأردن لا يعانون من التقزم وأنّ مؤشرات رأس المال البشري جاءت لصالح الاناث على حساب الذكور.
ويؤكد البنك في مشروع تنمية رأس المال البشري أنّ النمو الاقتصادي والتنمية تعتمد على رأس المال البشري والمادي معا وكذلك على العوامل التي تؤثر على إنتاجيتهما، فالاستثمارات في رأس المال البشري والمادي تكمل وتعزز بعضها بعضا.
ولكي تكون القوى العاملة منتجة، فإنها تحتاج إلى رأس المال المادي مثل البنية التحتية والمعدات واستقرار الاقتصاد وحوكمته بشكل جيد.
وفي المقابل، يمكن لقوى عاملة متمتعة بالصحة والتعليم أن تحقق دخلا أكبر وتؤدي إلى زيادة الاستثمار في رأس المال المادي للاقتصاد.
وعالميا يكشف البنك عن وجود فجوة هائلة في رأس المال البشري ورغم تحقيق مكاسب غير مسبوقة في مجال التنمية البشرية على مدى السنوات الـ25 الماضية، ما تزال هناك تحديات خطيرة لاسيما بالنسبة للبلدان النامية.
وأشار الى أن نحو ربع مجموع الأطفال الصغار يعانون من التقزم (قصر القامة بالنسبة للعمر-وهو مؤشر تحذيري من خطر وجود قصور في النمو البدني والإداركي).
كما أن هناك أزمة في التعلم تعيق تقدم العديد من البلدان وتظهر البيانات أن سنوات التعلم التي يحصل عليها الأطفال في بعض البلدان تقل بخمس سنوات عما يتلقاه نظراؤهم في بلدان أخرى رغم استمرارهم في الدارسة لنفس المدة الزمنية.
وذكر أن نصف سكان العالم لا يحصل على خدمات الرعاية الصحية الأساسية، وسنويا يتم دفع العديد منهم إلى السقوط في براثن الفقر بسبب ما ينفقونه من أموالهم الخاصة على الرعاية الصحية.
وأشار الى أنه في أشد بلدان العالم فقرا، لا تغطي شبكات الأمان الاجتماعي 4 من بين كل 5 فقراء، وبالتالي يكونون معرضين بشدة للمعاناة.
وأكد البنك أن هذه الفجوة في رأس المال البشري معرضة لخطر الاتساع بشكل وشيك في ظل التغيرات العالمية السريعة في مجال التكنولوجيا، والخصائص السكانية، وأوضاع الهشاشة، والمناخ. لكنه يتم في الغالب تجاهل الاستثمار في البشر ويعد ذلك غير مقبول في عالم توجد به العديد من الأمثلة على التحول الوطني السريع لرأس المال البشري-من بينها سنغافورة وجمهورية كوريا وأيرلندا- وحالات لنجاحات محددة في بعض أفقر بلدان العالم. فعلى سبيل المثال، حققت ملاوي تقدما سريعا للغاية في الحد من الإصابة بالتقزم.
وتعد تنمية رأس المال البشري بالغة الأهمية لجميع البلدان أيا كان مستوى دخلها .وفي حين تواجه البلدان الأشد فقرا أو هشاشة عقبات كبيرة أمام تحسين نواتج التعليم والرعاية الصحية بها، فإنه حتى البلدان التي لديها أقوى رأسمال بشري في العالم يتعين عليها مواصلة التركيز على الاستثمار في البشر إذا ما أرادت أن تظل ناجحة وقادرة على المنافسة في الاقتصاد العالمي.