مرايا – تتجه الأنظار، الثلاثاء، الى “ستاد دو فرانس” في ضواحي باريس الذي يحتضن مواجهة التناقضات بين بطلة العالم الحالية وفرنسا وبطلة 2014 ألمانيا، وذلك في الجولة الثالثة من منافسات المجموعة الأولى للمستوى الأول من دوري الأمم الأوروبية.
ويدخل المنتخبان العملاقان الى هذه المواجهة في ظروف متناقضة تماما، ففرنسا منتشية من فوزها بلقب كأس العالم للمرة الثانية في تاريخها بعد فوزها في تموز على كرواتيا 4-2 في نهائي مونديال روسيا، فيما تجر ألمانيا خلفها ذيل خيبة التنازل عن اللقب العالمي وخروجها من الدور الأول بعد خسارتين أمام المكسيك وكوريا الجنوبية.
ورغم الخروج من المونديال الروسي بعد ثلاث مباريات فقط، أبقى الاتحاد الألماني على خدمات المدرب يواكيم لوف الذي استلم الاشراف على “مانشافت” مباشرة بعد نهائيات مونديال ألمانيا عام 2006، وذلك ايمانا منه بقدرته على قيادة عملية بناء المنتخب.
لكن المؤشرات الأولى لهذه العملية ليست مشجعة، إذ حقق رجال لوف فوزا يتيما منذ النهائيات وكان وديا امام البيرو، فيما اكتفوا بالتعادل في مباراتهم الأولى ضمن دوري الأمم الأوروبية على أرضهم أمام فرنسا بالذات، قبل أن تحصل النتيجة الكارثية السبت بتلقي أسوأ هزيمة على يد هولندا وجاءت بثلاثية نظيفة.
وكما في المونديال، سنحت لألمانيا فرص عدة للتسجيل لكن لاعبيها فشلوا في ايجاد الطريق نحو المرمى، وتكرر سيناريو خسارة المواجهات الفردية واضاعة الكرات ما جعل مرمى الحارس مانويل نوير عرضة لخطر دائم. وكما في المونديال، استغل مهاجمو المنتخبات المنافسة مساحات شاسعة في خط الدفاع الألماني ليدكوا شباكه بالأهداف.
– التمسك بايجاد التوازن بين الخبرة والشباب –
ولخص لوف هذا الأمر بقوله “نشعر في هذه اللحظة بأننا لا نملك الثقة بالنفس التي كانت سلاحا بارزا لنا. عندما تُمنى شباكنا بالأهداف، نفقد البوصلة، هذا لم يكن يحدث لنا قبل أشهر عدة”.
وطالبت صحيفة “بيلد” الواسعة الانتشار بإقالة لوف ووجهت له انتقادات لاذعة بقولها “لا وجود لجرأة مبتكرة، لأفكار في اللعب، لا فعالية أمام المرمى. قام (المدرب) بإشراك مهاجم شالكه أوث الذي لم يسجل أي هدف هذا الموسم، وترك الجناحين الرائعين ساني وبراندت على مقاعد اللاعبين الاحتياط”.
وتعيب “بيلد” على لوف وفاءه للاعبيه القدامى الذي توج معهم أبطالا للعالم في البرازيل عام 2014.
واعترف لوف الذي بدا محبطا بعد المباراة في تصريحات للتلفزيون الالماني بأن النقاش حول مستقبله “أمر طبيعي…بطبيعة الحال توقعت حصول هذا الأمر. يتعين علي التعايش مع ذلك عندما نلعب بهذه الطريقة”.
وجدد المدرب السبت تمسكه بفلسفة المزج بين عنصري الخبرة والشباب، مضيفا “لطالما قلت بأنه يجب ايجاد التوازن بين الخبرة والشباب. صحيح ان الشبان حققوا اضافة عندما دخلوا لكنهم لا يتمتعون في الوقت الحالي بالنوعية الكافية ليكونوا في الذروة، ويجب عدم انتظار المعجزات منهم. فيرنر، براندت، سانيه أو غنابري يحتاجون الى المزيد من الوقت”.
وفي المقلب الفرنسي، تبدو الأمور مختلفة تماما، إذ أنه وبعد التتويج العالمي بقيادة لاعبين مثل كيليان مبابي، يجد رجال المدرب ديدييه ديشان أنفسهم في صدارة المجموعة بأربع نقاط وبفارق نقطة أمام هولندا الثانية التي خسرت أمام “الديوك” بنتيجة 1-2 في الجولة الثانية.
وبعد التعادل الودي الصعب الخميس مع ضيفتهم ايسلندا 2-2 بفضل هدف في الثواني الأخيرة لمبابي، من المتوقع أن يبدأ ديشان لقاء الثلاثاء بنفس التشكيلة التي خاضت المباراة النهائية لمونديال روسيا باستثناء قلب الدفاع صامويل أومتيتي الذي يعاني من اصابة في ركبته، ما سيفتح الباب امام بريسنل كيمبيبي للمشاركة أساسيا رغم الأداء المهزوز لمدافع باريس سان جرمان في مباراة الخميس ضد ايسلندا.
– ذكريات مشؤومة من تشرين الثاني/نوفمبر 2015 –
في المقابل، تلقى المنتخب الألماني ضربة أخرى بإصابة قلب دفاع بايرن ميونيخ جيروم بواتنغ الذي سيغيب عن مباراة الثلاثاء التي سيسعى خلالها رجال لوف الى تجنب هزيمة سادسة خلال 2018.
وتعرض بواتنغ للاصابة في ربلة الساق السبت ضد هولندا قبل 20 دقيقة على نهاية المباراة، لكنه أكملها حتى النهاية لأن لوف استخدم تبديلاته الثلاثة في محاولة منه لادراك التعادل، لكنه لم يحقق مبتغاه بل تلقت شباك الحارس مانويل نوير هدفين آخرين في الدقائق الأخيرة، ليتلقى أبطال مونديال 2016 أسوأ هزيمة لهم أمام الهولنديين.
وفي ظل غياب بواتنغ، سيعتمد لوف على زميله في دفاع بايرن نيكلاس شوله أو لاعب باير ليفركوزن جوناثان تاه الذي انضم الى المنتخب السبت بعد يوم على قيادته منتخب دون 21 عاما للفوز على النروج 2-1 الجمعة، ما ضمن تأهل بلاده الى بطولة أوروبا للشباب المقررة العام المقبل في إيطاليا.
وسيكون رجال لوف مطالبين بالفوز على “ستاد دو فرانس” أو أقله تجنب الهزيمة التي ستكون السادسة للمنتخب خلال عام واحد، وهذا أمر لم يحصل في تاريخ الـ”مانشافت” القابع في ذيل المجموعة بنقطة حصل عليها من تعادل ذهابا مع فرنسا.
وستكون مباراة الثلاثاء الأولى لألمانيا ضد فرنسا على “ستاد دو فرانس” منذ الاعتداءات الانتحارية التي حصلت في 13 تشرين الثاني/نوفمبر 2015 وأسفرت عن مقتل 130 شخصا واصابة المئات، لكنه لعب على هذا الملعب في حزيران 2016 حين تواجه مع بولندا في الدور الأول لكأس أوروبا (صفر-صفر).
وكان المنتخب الألماني يلعب في تلك الأمسية المشؤومة من تشرين الثاني 2015 لقاء وديا مع فرنسا خسره صفر-2، عندما حصلت الاعتداءات وسمع صوت الانفجارات بشكل مدوي في الملعب بعد ان فجر ثلاثة انتحاريين نفسهم عند مداخله ما ادى الى مقتل شخص واحد.
ولم ينس الالمان بتاتا تلك الليلة المرعبة التي دفعت بواتنغ الى التأكيد خلال كأس أوروبا بأن زوجته وطفليه التوأم لم يسافروا الى فرنسا من اجل مشاهدته يلعب في البطولة القارية، لأنه رأى بأن “الخطر كبير بكل بساطة”.