مرايا – لا يمكن إلا التوقف عند مقاربة لافتة على لسان رئيس الوزراء الأردني السابق سمير الرفاعي عندما استخدم ولأول مرة عبارة «شركات صناعة الاعتقاد»، هو يتحدث عن أصوات في الداخل والخارج مسنودة بالأموال ينبغي ألا تعلو على أصوات الأغلبية الوطنية ذات الرأي والموقف.
تقريبًا قد تكون من المرات النادرة التي يتحدث فيها سياسي ومسؤول أردني رفيع المستوى عن استهداف بلاده من قبل أموال وشركات متخصصة بصناعة الاعتقاد، حيث يعالج الرفاعي هنا نموًا ملموسًا خلف الستارة في أروقة الدولة الأردنية في القناعة بأن عملية التحرش في المؤسسات لا تبدو بريئة أو تلقائية، بل ممولة وموجهة.
هنا حصريًا كشف الرفاعي أن بعض الأصوات المرتفعة مسنودة باللوجستيات والأموال والإمكانات الضخمة، ومن هيئات غير حكومية ضخمة، وشركات عالمية محترفة، قائلاً إن تلك الأصوات لا يصح ديمقراطيًا أن ترتفع عن أصوات الأغلبية الوطنية لعدم تكافؤ الإمكانات.
وفي الأثناء، تحدث نائب رئيس مجلس الأعيان ورئيس الوزراء الأسبق عن عناوين ليبرالية أو مدنية، بتحالف معلن مرة وغير معلن مرات، مع أطياف الإسلام السياسي دفعت في اتجاه أن يتورط الأردن في دعم تيارات من المعارضة السورية. وقال إن هؤلاء لم نسمع صوتهم بعدما اجتاح التطرف القطر السوري الشقيق.
لافتًا جدًا إلى أن الرفاعي الذي يجلس في مرتبة متقدمة من طبقة رجال الدولة يتحدث عن قناعات هنا ويتجنب التطرق إلى التفاصيل، خصوصًا أنه يشير إلى رسائل وفيديوهات تصل الأردنيين، مكانها الصحيح سلة المهملات، معتبرًا أن مهمة التاريخ ليست للهواة، إنما لها أهلها.
تلك ملاحظة تعكس بوضوح ذلك المستوى الذي وصلت إليه رسائل إعلامية تكاثرت مؤخرًا في الاتجاه المضاد للدولة الأردنية، بعضها يتم تسجيله وإنتاجه وتصويره من قبل أردنيين ينتحلون صفة المعارضة في الولايات المتحدة تحديدًا.
ولاحقًا، يناقش الرفاعي هوس التواصل الاجتماعي الذي اشتكى منه العاهل الملك الأردني عبد الله الثاني مرات عدة عندما تحدث عن اغتيال الشخصيات، معتبرًا بعدم جواز أن يكون التواصل الاجتماعي بديلا عن انخراط المواطنين في العمل العام. لا بل إن الرفاعي اقترح في مكان آخر في محاضرة مثيرة ألقاها السبت في مدينة الفحيص غرب العاصمة عمان، على موقعي العرائض والمذكرات والحراكيين في الشارع، الانتقال إلى مستوى منتج أكثر يتمثل في التكتل وبناء حزب.
محاضرة الرفاعي كانت جريئة في التشخيص؛ لأنها تضمنت رأيًا مختلفًا في مسألة قانون الضريبة الجديد ومستوى الخضوع الحكومي لصندوق النقد الدولي، ولأنها رفضت تكرارًا الحديث عما يسمى بمؤسسات الظل التي كانت طوال الوقت-كما قال-مؤسسات تنفيذية تعمل بعلم الحكومة ورضاها.
الأهم في التشخيص هنا أن الفساد الحقيقي برأي الرفاعي كان له مصلحة كبيرة في اغتيال الشخصية واتهام المسؤولين بدون قرائن لإلهاء الناس.
بدت ملاحظة أخرى للرفاعي خارج فضاء حكومة الرئيس عمر الرزاز عندما تعلق الأمر بمشاريع الإصلاح السياسي التي قال إنها يجب أن تنطلق أصلًا من نصوص الدستور وأحكامه.
وفي الوقت نفسه أصر الرفاعي على استهداف الأردن، هوية وكيانًا ونظامًا، مطالبًا بوضع برامج واستراتيجيات لحماية الأردن على أساس هذا الاستهداف. واعتبر أن الولاية الدستورية لا تعني استفراد الحكومة بالقرار، مشيرًا إلى أن العديد من المسؤولين لا يقومون بواجبهم في الدفاع عن أعمالهم وقراراتهم، وقال إن هؤلاء يسنفرون عندما تُذكر أسماؤهم ويستنكفون عندما يتعلق الأمر بصورة الدولة وسمعتها.