مرايا – أكد إعلاميون أهمية ما جاء في مقال جلالة الملك بعنوان “منصّات التواصل أم التناحر الاجتماعي؟”، معتبرين إياه دعوة واضحة للأردنيين للنقاش الجاد والبناء لإيجاد أطر واضحة للخروج بحلول حول أخطر الظواهر الاجتماعية المقلقة، والتي تتجلى بإنتاج المعلومة واستهلاكها على منصات التواصل الاجتماعي المختلفة.
وطالبوا في أحاديث منفصلة ، بضرورة التركيز على إحداث تغيير في العقلية المجتمعية، من خلال استحداث مناهج تعليمية جديدة في المدارس والجامعات، تكسب الطلاب والمواطنين فيما بعد، القدرة على التعامل مع المعلومات الحقيقية والابتعاد عن الإشاعات والأخبار الزائفة، دون التمادي في التجريح واغتيال الشخصيات وغيرها.
وكان جلالته، قال أول من أمس، في مقال له، إنه “حين نتصفح منصات التواصل الاجتماعي نصطدم أحيانا بكمٍّ هائل من العدوانية، والتجريح، والكراهية”، مضيفا أنه يجب أن “نفرق بين آراء انتقدت الأداء وطالبت بتحديد المسؤوليات وبين قلة ممن أساؤوا بالشماتة والسخرية”.
مدير معهد الإعلام الأردني، الدكتور باسم الطويسي، قال إن جلالة الملك كان في مقاله واضحا وضوحا سياسياً وأخلاقياً في نفس الوقت، وقدم وثيقة فكرية مهمة لعلاقة المجتمعات بالتكنولوجيا في هذه اللحظة التاريخية لتطور وسائل الاتصال والاعلام.
وأضاف الطويسي، ان “علينا أن نلاحظ إن جلالته قدم الفوائد والمصالح التي يمكن أن تجنيها المجتمعات من هذه الوسائل على الأضرار التي يمكن أن ترتكبها مجموعة صغيرة من الناس”.
وبين أن جلالته كان حريصا كل الحرص على التأكيد على حماية حرية التعبير وحق الناس في المعرفة، كما أوضح أن الاستخدام السلبي لهذه الوسائل قد حولها من نعمة إلى نقمة، ومن أدوات للتواصل الاجتماعي إلى ساحات للتناحر الاجتماعي.
وأشار الطويسي، إلى أن قدرة الإشاعات على الانتشار، كما تفيد الدراسات العلمية، تتجاوز 70 ضعفا من قدرة الحقائق على ذلك، منوها إلى أن الرسائل الملكية في المقال، تصلح لأن تكون خطة عمل وطنية.
ودعا إلى ضرورة تبني التربية الإعلامية والمعلوماتية في المدارس والجامعات ومؤسسات التنشئة الاجتماعية، بمعنى أن “نطور مناهج تكسب الطلبة والأجيال الجديدة كيفية التعامل مع هذه الوئاسل وكيفية كشف الإشاعات كي لا يقعوا ضحية الأخبار المضللة”.
ولفت الطويسي إلى أنه على الأردن أن يتبنى مبادرة عربية للضغط على شركات تكنولوجيا الاتصالات العالمية الكبرى مثل “فيسبوك” و “تويتر” وغيرهما، كي تطور أدوات تدعم المحتوى العربي وتمكن مستخدمي الإنترنت من التعرف على الأخبار الزائفة وخطاب الكراهية، وهذا ما حدث في مجتمعات أخرى بضغط من الدول والحكومات.
مدير هيئة الإعلام، المحامي محمد قطيشات قال بدوره، إن مقال جلالة الملك تضمن دعوة المواطنين للنقاش والتحاور حول العديد من المواضيع ومن ضمنها التفرقة بين النقد وما بين الإساءة.
وأشار قطيشات، إلى أن هذه الدعوة جاءت في مكانها، لأن هناك خلطا واضحا عبر وسائل التواصل الاجتماعي بين هذين الأمرين، مرده عدم فهم شروط ومبررات ممارسة حق النقد، والتي تتمثل بضرورة صحة الواقعة والمعلومة التي تضمنها موضوع النقد، وضرورة أن يكون هناك مصلحة عامة من وراء النقد وليس مصلحة شخصية، إضافة إلى أن يكون النقد موجها للأداء أو السلوك أو القرار وليس الدخول في الحياة الخاصة وانتهاك حق الخصوصية وأن تكون عبارات النقد متلائمة مع حجم المشكلة.
ولفت إلى أن هذه الشروط لا بد أن تكون واضحة لدى مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي، لتجنب المساءلة القانونية وليمارسوا دورهم في النقد ومراقبة أداء السلطات بدلا من أن تكون مساحة للإشاعات والأخبار الزائفة.
وطالب بانتهاج تربية في المناهج المدرسية والجامعية على كيفية التعامل مع وسائل التواصل الاجتماعي واستخدامها، وأن يكون هناك تثقيف من قبل مؤسسات المجتمع المدني لكيفية استخدام هذه المنصات، إضافة إلى اهمية ان يكون هناك بعد تشريعي، يحقق الردع العام والخاص دون إفراغ الحق الدستوري، وهو حرية الرأي والتعبير من مضمونه بشكل يقيد ممارسة المواطنين لهذا الحق.
بدوره، اعتبر نائب نقيب الصحفيين، الزميل ينال برماوي، أن مقال جلالة الملك، يمثل مرجعاً وأساساً للدولة الأردنية بكافة مكوناتها، من حكومة ومؤسسات مجتمع مدني ومواطنين، لكيفية التعاطي مع قنوات التواصل الاجتماعي وبما يسهم في معالجة الاختلالات التي اتسع نطاقها مؤخرا عبر مختلف أدوات التواصل الاجتماعي، خاصة انتشار الإشاعة وخطاب الكراهية واغتيال الشخصية وفي بعض الأحيان الابتزاز.
وشدد برماوي، على أن جلالته أكد في مقاله، على حق المواطن في النقد ضمن أسس موضوعية تبتغي الصالح العام، بعيدا عن إثارة النعرات والفتن بمعلومات مغلوطة، واستخدام الإشاعة كوسيلة للفت الانتباه وإثارة القلاقل في المجتمع.
ودعا إلى تعامل صحيح مع قنوات التواصل الاجتماعي، عبر مواجهة الإشاعة بالحقائق وعدم إخفاء المعلومات، لافتا إلى أنه هنا تبرز أهمية تزويد وسائل الإعلام المختلفة بالحقائق أولا بأول، بحيث تشكل هذه الوسائل كما كانت منذ سنوات طويلة، مصدر المواطن الأول للحصول على المعلومات الدقيقة.
وطالب برماوي بتكثيف برامج التوعية في الأطر السليمة لاستخدام قنوات التواصل الاجتماعي، إضافة إلى حاجة المواطنين لإعادة إنتاج السلوك الفردي من أجل تحصين أبناء المجتمع ضد الإشاعات والتمييز بين الأكاذيب والحقائق.