مرايا – فقدُ الأبناء صدمةٌ تزلزل كيان الآباء، فما بالك لو كان الآباء يعيشون هذه الصدمة كل يوم وكل لحظة على مدى سنوات، وسط تجاهل “مركب” من الأجهزة المسؤولة. هذه المأساة تعيشها أسرة أحمد وثراء وثائر منذ نحو 20 عاما.
اكتشفت الأسرة إصابة الأبناء واحدا تلو الآخر بمرض “عديد السكاريد المخاطي”، وهو واحد من أمراض وراثية تسمى “الأمراض التخزينية” النادرة، وتتسبب بتكسر الخلايا وتراكمها أو تخزينها داخل الجسم ما يؤدي لحدوث تضخم بالأعضاء وتشوهات في العمود الفقري.
وينتهي الأمر بالمصاب بالوفاة في غياب العلاج بأنزيم تعويضي يتكلف عشرات الآلاف من الدنانير سنويا بما يفوق قدرة أغلب الأسر الأردنية، التي يقل متوسط الدخل الشهري لنحو 85 % منها عن 352 دينارا بحسب دائرة الإحصاءات العامة.
مات ثائر العام 2015 في العشرين من العمر، دون أن يحقق حلمه باجتياز الثانوية العامة، ولحقت به أخته ثراء في نفس السن هذا العام، وما زال أحمد (16 عاما) يصارع المرض. سأل أمه ذات يوم: “ماما.. احنا أعمارنا محدودة منوصل للعشرين وبعدين خلاص؟!”. ملامح الأب والأم سحقها الانكسار اليومي وسط معايشة المأساة وقلة الحيلة واليأس.
عشرات الأسر في الأردن تعيش نفس المعاناة مع أبنائها، بسبب الأمراض التخزينية النادرة، وسط تجاهل على عدة مستويات من وزارة الصحة، في مخالفة للدستور الذي يكفل حق العلاج للمواطنين. الوزارة ترفض أساسا مطالبات من جمعيات أهلية ونواب بتحمل نفقات علاج هؤلاء المرضى، وحين عرضت شركة فرنسية منتجة لأدوية لهؤلاء المرضى اتفاقية لتخفيض التكلفة لم ترد الحكومة على مدى سنوات، بل وحين تكفلت الشركة بتوفير الدواء لعدد من المرضى وجد ذووهم أنفسهم مضطرين للخوض بدهاليز البيروقراطية لتخليص إجراءات دخول الأدوية للبلاد.
لا توجد قاعدة بيانات للمرضى ولا حصر يحدد أعدادهم، لكن تقديرات الوزارة وجمعيات أهلية وشركة الأدوية تقدر أعداد الحالات المسجلة في الأردن ما بين 80 و90 مريضا.
وفقا للجمعية الأردنية للأمراض الوراثية التخزينية النادرة، توجد في الأردن ثلاثة أنواع من تلك الأمراض غير مغطاة بالتأمين الصحي؛ وهي جوشر Gaucher وبومبي Pompe وعديد السكاريد المخاطية MPS.
وترتبط حدة المرض بمدى نقص الإنزيم التعويضي، وقد تظهر الأعراض بسنوات الطفولة وقد تتأخر إلى سنوات لاحقة. يعتبر أبو صلاح (اسم مستعار) وعمره 49 عاما، الحالة المقابلة لحالة أسرة أحمد وثائر وثراء. فالأب هنا هو المصاب بالمرض. وهو الأكبر سنا بين الأردنيين المصابين بتلك الأمراض، بحسب بيانات جمعية الأمراض الوراثية التخزينية النادرة.
على مدى عقود من حياته كان يشكو من دوار بين الحين والآخر وآلام في الجسم. اعتاد زيارة الأطباء الذين وصفوا له مسكنات ومضادات حيوية لتخفيف الألم. تزوج وأنجب أربعة أطفال وواصل حياته العملية كصاحب مصانع لمواد التنظيف والعطور حسبما أفاد. لكن في الخامسة والأربعين اشتدت معاناته من تضخم الطحال والكبد. كثرت زياراته للأطباء دون أن يتوصلوا لتشخيص حالته إلى أن تعرف إلى د. محمد الأنطاكي رئيس جمعية العناية بمرضى جوشر الأردنية، الذي طلب منه إجراء فحوص لإرسالها إلى جامعة هامبورج في ألمانيا، حيث ثبتت إصابته بمرض جوشر.
أصبح يزور خمسة أطباء بصورة شبه أسبوعية بتكلفة تتراوح بين 20 و25 دينارا لكل طبيب وأدوية تصل إلى 100 دينار. لكنه لم يستطع شراء الإنزيم التعويضي الذي يوقف تقدم المرض وقد تصل تكلفته السنوية إلى 90 ألف دولار بحسب الباحث في الخدمات الطبية الملكية العميد الدكتور محمد الرقاد مستشار الأمراض الوراثية السريرية.
اضطر أبو صلاح لبيع مصنعه لتغطية تكاليف العلاج، وانسحب من الحياة تدريجيا في انتظار الأجل المحتوم.
ويقول “السوق والناس نسيتني، أنا الآن عجزان اشتري لبنتي كيس شيبس مش قادر أعطي ابني نص دينار، المسكنات ضربت الطحال والكبد عندي ومرضي له علاج خاص، بدي أتعالج حتى أقدر أطلع أجيب رزقي بدي أصرف على أولادي وأنا رافع راسي.”
تكلفة مرتفعة
ترجع الأمراض التخزينية النادرة إلى طفرات وراثية تحملها جينات متنحية بحسب الرقاد. ويصاب الطفل بالمرض إذا ورث جينا متنحيا من الأب وآخر من الأم يحملان نفس الطفرة.
وأشار الرقاد إلى أن تكلفة الإنزيم التعويضي قد تتراوح بين 60 ألف دولار و90 ألفا سنويا حسب الجرعة التي تتوقف على وزن المريض. أضاف أنه “إذا شخّص المرض مبكرا وحصل الطفل على الإنزيم تكون أموره جيدة، ونمنع حدوث مضاعفات للمرض والسيطرة عليه”.
وقال إن التعامل مع الحالات المصابة “يبدأ بتشخيصها سريريا وإجراء فحوصات أولية، وفي حال الشك في طبيعة الأعراض يحول المريض إلى فريق الاستقلاب (الطفرة) لعمل فحوصات متقدمة في مركز الأميرة هيا للتقانات الحيوية بمستشفى الملك المؤسس حيث تقاس إنزيمات معينة للمرض. وإذا تعزز احتمال إصابة المريض بأحد الأمراض الوراثية النادرة ينقل إلى عيادة الوراثة لعمل فحص متقدم للحمض النووي، وعادة ما تتم هذه الفحوصات خارج الأردن لتحديد الطفرة الوراثية”، وهي فحوصات مكلفة ماليا.
وأضاف الرقاد أنه في حال تشخيص مرض نادر نسبته مثلا 1 إلى 100 ألف أو أكثر، نسجل اسم عائلة المريض، ما يسهل التشخيص إذا جاء مريض آخر من نفس العائلة. وأشار إلى إمكانية استخدام تقنية أطفال الأنابيب للإنجاب في تلك الحالات حيث يمكن فحص الجنين وإزالته إذا كان مصابا بموجب فتوى شرعية، وذلك لتجنب ظهور حالات جديدة لتلك الأمراض.
وقال: “مشكلتنا في الأردن عدم وجود عمل تكاملي بين جميع المؤسسات كوزارة الصحة والخدمات الطبية والقطاع الخاص، ليصبح لدينا تجميع للمعلومات والوصول لمرحلة إحصائية دقيقة.”
أرقام متباينة
وتظهر إحصاءات المدينة الطبية التابعة للخدمات الطبية الملكية أن عدد مرضى “جوشر” الذين راجعوا المدينة الطبية خلال السنوات العشر الماضية يبلغ 48 مريضا منهم 23 ما زالوا على قيد الحياة.
وبلغ عدد مرضى “بومبي” المشخصين 38 مريضا بينهم 32 طفلا، و6 بالغين. وما زال على قيد الحياة 24 مريضا مسجلين في المدينة.
ويبلغ عدد مرضى عديد السكاريد المخاطي (MPS) 24 مريضا تراوحت أعمارهم وقت التشخيص بين ثلاث وتسع سنوات، وتوفي منهم اثنان.
وأفادت مسؤولة منظمة الصحة العالمية في عمان د. لورا الصوالحة بعدم وجود بيانات لدى المنظمة حول تلك الأمراض في الأردن.
المتحدث باسم وزارة الصحة حاتم الأزرعي قال ردا على سؤال لمعدة التحقيق إن عدد حالات مرض جوشر في المملكة يبلغ 38 مريضا لكن لا توجد إحصاءات دقيقة عن عدد حالات مرضى بومبي وعديد السكاريد المخاطي.
جمعيات أهلية.. يد واحدة لا تصفق
من جانبه، يقول رئيس الجمعية الأردنية للأمراض الوراثية التخزينية النادرة المهندس عماد المومني، والتي تأسست العام الماضي، إنه لا يوجد حصر شامل لأعداد حالات هذه الأمراض في الأردن.
“الجمعيات الأهلية لن تصفق بيد واحدة، ولذا وجهت الجمعية مراسلات إلى وزيري الصحة والتخطيط ورئيس الحكومة ورئيس مجلس النواب للمطالبة بتأمين العلاج لهؤلاء المرضى لكن دون جدوى” يقول المومني. وفي العام الماضي، وقع 38 نائبا في البرلمان على مذكرة تطالب رئيس مجلس النواب بالعمل على حل مشكلة هؤلاء المرضى الذين قالت المذكرة إنهم 50 مواطنا أردنيا. ولم يحدث تحرك أيضا.
وقال د. إبراهيم البدور رئيس لجنة الصحة والبيئة في البرلمان في رد على معدة التحقيق منتصف تشرين الأول (اكتوبر) الماضي إنه لم يرد رد من الحكومة على المذكرة.
وفي نيسان (إبريل) 2017 كتب وزير الصحة آنذاك محمود الشياب إلى رئيس الحكومة مطالبا بالموافقة على علاج 50 مريضا بمرض جوشر و30 مريضا بأمراض استقلابية أخرى بتكلفة اجمالية 6.5 مليون دينار سنويا. وأشار إلى أن عددا من مرضى جوشر يتلقون علاجا على حساب الشركة المصنعة التي تعرض خصما بمقدار النصف على تكلفة علاج باقي الحالات. لكن رئاسة الحكومة ردت على الوزارة مطالبة بالبحث عن جهات تمويل لتلك التكاليف. وحين كتبت الجمعية الأردنية للأمراض الوراثية التخزينية إلى رئاسة الحكومة موضحا أن التكلفة لا تتجاوز 3.5 مليون دينار حسب تقديرات الجمعية لكن المراسلات انتهت إلى هيئة التأمين الصحي وسط حالة من الجمود.
اتفاق مع الشركة المنتجة
وكانت جمعية العناية بمرضى جوشر وشركة “سانوفي جنزايم” الفرنسية المنتجة للدواء توصلتا إلى مسودة اتفاقية مع وزارة الصحة عام 2013 تتضمن استمرار الشركة في تحمل تكلفة علاج 17 مريضا أردنيا، وهو ما تقوم به منذ 14 عاما، وأن تقدم خصما بنسبة 50 في المائة لباقي الحالات، إضافة إلى تدريب أطباء أردنيين على تشخيص هذه الأمراض وتوفير مختبر لإجراء الفحوصات اللازمة لها.
وقال مدير تسويق الشركة د. إبراهيم صبحى إن الاتفاقية ما زالت قيد البحث والدراسة منذ عرضها على وزارة الصحة قبل خمس سنوات. وتوقع أن يكون في الأردن ما بين 70 إلى 90 حالة من حالات الأمراض التخزينية النادرة بالنظر إلى عدد السكان البالغ نحو 9 ملايين نسمة بينهم مليونا لاجئ.
ويرى رئيس جمعية الحماية من الأخطاء الطبية المهندس مصطفى مناصرة، أن التكلفة المقدرة لعلاج المصابين بالأمراض التخزينية النادرة لا ينبغي أن تكون مشكلة. وأضاف أن الأصل أن تخصص الحكومة موازنة للأمور الطارئة والمتعلقة بالمواضيع الصحية والإنسانية، وتوفير العلاج للمرضى.
ويدعو الناشط الحقوقي كمال المشرقي الدولة إلى إعادة ترتيب الأوراق فيما يتعلق بملف الصحة، بحيث تعطي مرضى الأمراض الوراثية النادرة حصة أكبر، فقد تكون في المملكة حالات عديدة أخرى من تلك الأمراض النادرة، ولم يتم الوصول إليها.
تعاطف أجنبي.. تجاهل حكومي
أهالي المصابين بمرض جوشر الذين يحصلون على الأدوية مجانا من الشركة المنتجة أنشأوا مجموعة على “واتس آب” للتواصل فيما بينهم إلى جانب المكالمات الهاتفية والرسائل القصيرة، وخاصة فيما يتعلق بموعد وصول العلاج الذي تتبرع به الشركة الأجنبية إلى مستشفى البشير في عمان حيث يتسلم الأهالي العلاج.
مشاكل هذه الأسر مع المرض لم تنته بتحمل الشركة تكلفة العلاج. إجراءات دخول الأدوية عبر المطار ليست بالأمر السهل وتستغرق وقتا بسبب بطء الإجراءات مما دفع بعض الأهالي الى التدخل بأنفسهم لمتابعة الأوراق وإنهاء الإجراءات بل وسداد الرسوم نيابة عن وزارة الصحة.
والدة الطفلين محمد (14 سنة) وليان (8 سنوات) تقول إنها تواصلت مع الشركة المنتجة عبر جمعية العناية بمرضى جوشر وتم تأمين العلاج لهما بالمجان. لكن حين تقترب الأدوية من النفاد تعيش الأسرة على أعصابها خشية تأخر تخليص الدفعة الجديدة.
وتقول “إذا تأخر العلاج تبدأ معاناتهم مع آلام الظهر والتعب إجمالا.”
يقول مدير التسويق في الشركة الفرنسية صبحى إن الشركة تنسق مع الأطباء لمعرفة كمية العلاج التي يحتاجها كل مريض حسب وزنه وبعد الحصول على موافقات الجهات الرسمية يتم الشحن إلى الأردن.
تطوعت أسرة إحدى المصابات بمرض جوشر بمتابعة الإجراءات في الدوائر الرسمية كل ستة أشهر بمجرد أن تتلقى إخطارا من الشركة ببدء إجراءات طلب الموافقة على دخول الشحنة. وتقول والدة المريضة إن تخليص الإجراءات يحتاج ما بين 300 و400 دينار كرسوم على الأوراق وأجرة النقل وأرضيات. ويتعاون غالبية الأهالي في جمع المبلغ لكنها كثيرا ما تتحمل الجزء الأكبر لإنجاز المعاملات في أسرع وقت. والمفارقة أن الأم قد تسدد رسوم التخليص لكن إيصال السداد يخرج باسم وزارة الصحة حسبما تصر عليه الجهات التي تنجز المعاملات.
وتقول الأم التي تعمل مديرة بأحد البنوك إن إنهاء المعاملات يحتاج ما بين 3- 4 أشهر من السعي بين أروقة الجهات الحكومية مثل وزارة الصحة ومؤسسة الغذاء والدواء والجمارك.
وتقول الأم: “أنا عايشة وموجودة وأبو بنتي موجود، وبعدين لو متنا ورحنا إحنا، مين بده يعمل هذا الحكي كله”.
المريضة نفسها طالبة متفوقة وحصلت في الثانوية العامة هذا العام على مجموع 90.1 % علمي وتم قبولها لدراسة تخصص دكتور صيدلة في جامعة العلوم والتكنولوجيا.
ويقول د. صبحى إن “الإجراءات تأخذ أحيانا وقتا من خلال وزارة الصحة ومؤسسة الغذاء والدواء. نحن كشركة نساعد المرضى على قدر استطاعتنا، لكن نتمنى من الطرف الآخر كوزارة الصحة تسريع إجراءات إدخال الدواء، فهذا دواء تبرع ومسجل، ويحمي حياة المرضى والأطفال منهم.”
أمراض معفاة من تكلفة العلاج
الإعفاء من التكلفة الذي يسعى له المصابون بالأمراض التخزينية النادرة له سوابق في أمراض أخرى، يقول بعض الأهالي، حيث توفر الدولة العلاج مجانا لحالات أخرى.
في بداية عام 2018 الجاري عرض موقع رئاسة الوزراء أبرز إنجازات الحكومة في مجال دعم التأمين الصحي في 2017 وشملت تقديم أكثر من 100 مليون دينار للعلاج الطبي لغير المؤمنين صحيا. وتعفي الحكومة المصابين ببعض الأمراض من تكلفة العلاج ومنهم مرضى الثلاسيميا وفقر الدم المنجلي ويبلغ عددهم في الأردن ألف مريض.
يقول رئيس قسم الثلاسيميا في مستشفى البشير د. قاسم الشرشير إنه يؤمن للمرضى العلاج اللازم من الأدوية الطارحة للحديد فضلا عن تغطية المضاعفات التي قد تشمل مشاكل في القلب والغدد الصماء. وأضاف ان التكلفة السنوية للعلاج حوالي عشرة ملايين دينار أي بحدود عشرة آلاف دينار للمريض. وخلال السنوات العشر الماضية، ارتفع متوسط عمر المريض إلى 45-50 عاما بعدما كان في حدود 20-30 عاما بفعل الالتزام ببرنامج العلاج وتعاطي الأدوية.
وتتكفل الدولة أيضا بعلاج مرضى السرطان بتكلفة شاملة يتوقع أن تتراوح بين 500 مليون و600 مليون دينار بمتوسط 20 ألف دينار للمريض الواحد بحسب رئيس قسم السجل الوطني للسرطان في وزارة الصحة د. عمر النمري.
إلزام قانوني
يقول المحامي إبراهيم البخيت إن المادة (6) من الدستور الأردني تلزم الدولة بعلاج المواطنين، كما تشير المادة 3/أ من قانون الصحة العامة رقم 47 لسنة 2008 بالحفاظ على الصحة العامة بتقديم الخدمات الصحية. وتضمن المادة (27) من قانون التأمين الصحي علاج الأطفال دون سن السادسة في مستشفيات وزارة الصحة مجانا بشرط عدم شمولهم بتأمين صحي آخر.
وأشار البخيت إلى أنه بموجب هذه القوانين “يجب أن تبادر الدولة بتأمين العلاج والخدمات الصحية والطبية لحالات الأمراض التخزينية النادرة خاصة أنها تسبب الوفاة”.
وفي بريطانيا، قال أليستير كينت مدير شبكة الأمراض النادرة والتحالف الوراثي في بريطانيا في رد على معدة التحقيق، إن توفير الرعاية الصحية لمرضى الأمراض التخزينية النادرة يقع على عاتق هيئة الخدمات الصحية الوطنية (NHS). وينص دستور الخدمات الصحية على أنها “توفر الخدمة الصحية الوطنية خدمة شاملة ومتاحة للجميع بغض النظر عن الجنس أو العرق أو الإعاقة أو السن أو الميول الجنسية أو الدين أو المعتقد”.
وفي عام 2013، قامت المملكة المتحدة بنشر استراتيجية للأمراض الوراثية النادرة، تتضمن 51 التزاما لضمان الرعاية الصحية والاجتماعية للمرضى والهدف الأساسي من الاستراتيجية هو “ضمان عدم ترك أي شخص لمجرد أنه مصاب بمرض نادر”.
وتعرف منظمة الصحة العالمية الحق في الصحة بأن “الحكومات يجب أن تهيئ الظروف التي يمكن فيها لكل فرد أن يكون موفور الصحة بقدر الإمكان. وتتراوح هذه الظروف بين ضمان توفير الخدمات الصحية وظروف العمل الصحية والمأمونة والإسكان الملائم والأطعمة المغذية.”
وقال مسؤول في وزارة الصحة، طلب عدم نشر اسمه، إن العلاجات لهذه الأمراض تتميز بكلفتها الباهظة جدا فيما كلف علاج مريض الثلاسيميا وفقر الدم المنجلي والهيموفيليا أقل بكثير من كلف الأمراض الوراثية النادرة وتساهم فيه منظمات عالمية مثل الجمعية العالمية لمرضى الثلاسيميا.
وأضاف أنه في الأردن “قد يكون لدى عائلة طفل أو أكثر لديهم أمراض وراثية ورغم ذلك يصرون على إنجاب مزيد من الأطفال ولا يوجد فحص وقائي شامل لكل الأمراض الوراثية ولكن علاجهم في مركز متخصص مثل قسم الأمراض الوراثية في المدينة الطبية ربما يسهم في زيادة الوعي والتفهم لواقع المشكلة لدى العائلات وقد يؤدي إلى خفض أعداد المرضى الجدد”.
وزارة الصحة رفعت، بحسب ما هو مثبت على موقعها الالكتروني، شعار: “تحسين مستوى حياة المواطن يتطلب الاهتمام بالرعاية الصحية وهي حق كل مواطن ومواطنة”، والمصابون بالأمراض التخزينية النادرة ينتظرون من الوزارة الالتزام بهذا الشعار.
* أنجز هذا التحقيق بدعم من “شبكة إعلاميون من أجل صحافة استقصائية عربية” (أريج) وبإشراف الزميلين حمد العثمان وعماد عمر.