مرايا – عُمر كُلّاب
المعرفة التقنية او مصطلح التكنوقراط دخيل على المؤسسة الوطنية الاردنية , وجاء في موسم قحط وطني , اسفر عن تجريف وتصحّر في الحالة السياسية ندفع ثمنه اليوم , ومع ذلك تعاطت الحالة الاردنية مع هذا المصطلح ووجد انصارا ومناوئين , لكن جُبن الوزراء ظاهرة جديدة وطاغية لم يلتفنت اليها كثيرون في موسم النقاش الوطني العارم الذي نعيشه اليوم , بعد ان الهب رئيس الوزراء عمر الرزاز الخيال الشعبي بسلسلة مصطلحات متجددة مثل دولة التكافل ومشروع النهضة وقبلهما العقد الاجتماعي الجديد .
جبن الوزراء يتجلى في اكثر من مؤشر , فكل وزير يخرج من الحكومة في هذه الحقبة يبدأ بنثر افكاره ورؤيته المناهضة لنهج الحكومة التي كان عضوا اصيلا فيها , وكلهم يعانون من مرض الوعي بأثر رجعي , وبأنهم كانوا مكبلي الايدي , وهذا مؤشر ضعف وجبن , فالاصل ان يكون الوزير قائدا لوزارته ومسؤولا اخلاقيا وقانونيا وسياسيا عن كل قرار فيها , واذا ما تنتقضت رؤيته ورؤية رئيس الحكومة او الفريق الوزاري يخرج من الحكومة دون إبطاء , وهذا لم يحدث في عالمنا السياسي الاردني .
الظاهرة تتكرس يوما بعد يوم وتتفاعل اكثر , وبدأت تأخذ شكلا مخجلا ومُعيبا , فقد استمعنا كثيرا الى وزراء ينتقدون رئيسهم همسا , ولا اظنهم يقولون ذلك في مجلس الوزراء , بل ان احد الوزراء الطازجين جدا وصف رئيس الوزراء الدكتور عمر الرزاز بأنه مهلهل وضعيف والغريب ان وزيرا طازجا ايضا شاركه الرأي , والاغرب انهما يكيلان المدح للرئيس داخل جلسة الفريق الحكومي وفي اللقاءات المعلنة , فهل هناك جبن اكثر من ذلك ؟
ميزة الدولة الاردنية انها نجحت وسط اقليم ملتهب بجرأة قيادتها واخلاص رجالها , ولعل الموروث السياسي المحكي في معظمه للاسف , نقل لنا حجم الجرأة التي كان يتمتع بها رجالات الدولة , ولانصاف الحالة فإن من الضرورة الاشارة الى يوميات الاستاذ عدنان ابو عودة المنشورة والتي تكشف بحيادية كيف كانت الحالة الاردنية وجرأة رجالها ووجود مطبخ سياسي في الدولة , يقول رأيه دون خجل او وجل , فنجحت الدولة وعبرت كل قنابل الاقليم وحرائقه .
اليوم في ظل ظرف صعب ودقيق , ياتي وزراء جبناء يقولون ما لا يفعلون , يشبعون الرئيس نقدا وتهكما ثم يجلسون على مقاعد الحكومة الرسمية يمدحون الرئيس وحصافته , ويقولون في ندواتهم المعلنة شعرا في الرئيس من ربطة عنقه الى أخر كلمة نطقها , ثم بدون خجل يهمسون في مجالسهم الخاصة وخلف ظهر الرئيس ما يثبت جبنهم وانهم اقل من المرحلة بكثير , مما يقلل الامل بقدرة هذا الفريق على تجاوز اللحظة .
كنت من المنتقدين دوما لحالة الحنين الى الماضي التي يعيشها الاردنيون ونلاراها على مواقع التواصل الاجتماعي , وكنت اعتبرها بأنها حالة ادانة للحاضر ولكن بغلاف الحنين الى الماضي , لكنني اليوم اقف مراجعا موقفي , بعد ان سمعت من وزراء وعن وزراء ما يكشف حجم صواب موقف الاردنيين من حنينهم للماضي السياسي , فالوزراء اليوم في غالبيتهم العظمى من طبقة الجبناء , وهذه الطبقة كفيلة بأن تجعل الاردن يتراجع على كل المسارات التي يتولى مسؤوليتها الوزراء الجبناء الذين يعجزون عن قول رأيهم في رئيسهم .
اذا كان الرئيس جادا في مشروع النهضة ومؤمنا بالشعارات التي يطلقها فإنني اقول له بصراحة كل ما تفعله سيرتد اليك طالما ان الجبناء اعضاء في فريقك الحكومي فالجبناء لا يصنعون النصر ابدا .