بعد صمت وكمون لسنتين واكثر
فرصة الرزاز في النهضة بالتحالف مع الحراك الشعبي
ثالوث المال الاسود والخارجون من الوظيفة والخاسرون للمقاعد يرقبون البطش بالحراك والحكومة
مرايا – عمر كُلّاب
لا يحتاج رئيس الوزراء عمر الرزاز الى من ينصحه بالالتفات جيدا الى ما يجري على حواف رئاسة الوزراء وجوار مكتبه , بل يحتاج الرزاز الى قراءة ما يحدث بعناية فائقة وعلى نظام ثلاي الابعاد , البعد الاول , عودة ” الديناصورات ” الى الحركة والنشاط الشعبي والتصريح , في ظرف تعاني فيه الحكومة من وطأة الهتاف الساخن العائد عكس اتجاه عقارب الرزاز , فهذا الهتاف تردد للمطالبة برحيل حكومة سلفه هاني الملقي واستبشر بمقدم الرزاز , اي ان الهتاف بات معكوسا , وبدل قراءته برواق سياسي , تمت قراءته بطريقة الشماتة او صراع السَلفات , فكثيرون اليوم يدلقون لسانهم بالتصريح والتلميح للرزاز بأن رصيده الشعبي لم يتآكل فقط بل انقلب عليه , والهتاف الذي أتى به بات يطلب رحيله .
طبقة الديناصورات او الحرس القديم , يعيشون اليوم حالة استرخاء سياسي نسبي , فهم من الناجحين في الادارة دون شك , ولكنهم من العاجزين في الانتاجية السياسية لاسباب موضوعية وذاتية , وعودتهم اليوم في اجواء تسيطر عليها الترهل الاداري والتراجع السياسي مشروعة وفي باب المسموح السياسي , فهم يدركون لغة خطابة الشارع ومسنودون بتجربة ادارية ناجحة مدعومة بفشل الجيل الجديد في الادارة والاقتصاد والسياسة , وحديثهم لا يخلو من اخطاء رغم ما فيه من صواب التشخيص ايضا , مع اغفال انهم جزء من المشكلة التي نعيشها .
البعد الثاني , تفتت طبقة المناصرين للرزاز الشخص والتجربة , فكثير من انصار الامس كانوا على الدوار الرابع يومي الخميس والجمعة , في محاولة اعتذار عن موقفهم الداعم للرزاز في بواكير التشكيل , وفيه ايضا انتهازية سياسية من حيث ركوب الموجة الجماهيرية مهما كان الهتاف والحراك على صواب او خطأ , وكان البيئة السياسية تغيرت لصالح الحداثة والاصلاح وعجز الرزاز عن التقاط اللحظة فخذلهم , رغم ان التيار المدني لم يخذل الرزاز فقط بل خذل القصر قبل ذلك , فهذا التيار الصاخب والذي اثار الحراك في الشارع الاردني عجز عن ايجاد برنامج واكتفى بالبرامج الذاتية لقيادته وايصال معظمهم الى مقاعد البرلمان .
فيما اكتفى الخاسرون بالصمت وانتظار وقوع الرزاز للبكاء عليه ومعاتبته لانه لم يكن صارما وحازما في دعم تيارهم , علما بانهم لم يقدموا برنامجا واحدا يستأهل الدعم او يستحق النقاش , واكتفوا باللجوء الى خلفياتهم الحزبية في الرفض العدمي دون بديل موضوعي او مناورة الرزاز على اسماء الفريق الوزاري للحصول على اكبر حصة وزارية رغم ان المراجعة لسلوكهم الحكومي تقودنا الى الحكم بفشل التجربة من بسام حدادين الى خالد الكلالدة وانتهاء بالوزير الحالي موسى المعايطة .
البعد الثالث , ولادة تيار – اناركي – اي تيار الثورة مسمرة والحراك متصل ودائم دون شعار قابل للتطبيق ودون برنامج سياسي جمعي يمكن لرئيس حكومة ان يستعين به لمقاومة قوى الشد العكسي , وهذا التيار يستقبل دعمه من صوفيّته السياسية فهو تيار برئ ومؤمن بالاردن , لكنه يستمد التعبئة من فرسان النضال الالكتروني الذين يجلسون خلف اجهزتهم المحمولة والمكتبية فقط ولا يقدمون ادنى دعم حقيقي , سوى انتظار ما ستؤول اليه الامور للانقضاض على المنجز وخطفه .
هذه الابعاد الثلاثية واضحة وتحتاج الى عناية المراقبة والقراءة الواعية لانتاج ادوات الحلول والتوافق تحديدا مع الطرف الثالث , الذي يعاني من غياب البرنامج وانحسار التأطير الجمعي كأن يتشكل حزب جديد او تيار سياسي واضح المعالم والتفاصيل يجتمع على الحد الادنى من التوافق السياسي , ويفرز قيادة قادرة على تجميع الشباب الفائر حماسا وانتماء وعزل الشواذ والزوان من بيدرهم الطاهر .
ما يحتاج الى تظهير , هو معسكرات ثلاثة ايضا تجلس على مشارف الرابع والساحة الجديدة , فلا هي جزء من الرابع الحالي ولا هي جزء من الحكومة , بل تترقب ان تُطيح بالطرفين معا , لانها فئة لا يسرها مشهد الحراك الشعبي , وتنكر انتماء الرزاز الى طبقتها , فآلية مقدم الرزاز الى الدوار الرابع ترعبها كثيرا ومشهد الحراك على الرابع وفي الساحة المجاورة يرعبها اكثر , لذلك تدعم الحراك وتسعى الى تغذيته تارة بالاشاعة وتارة بدعم لوجستي بنشر الاشاعة والمعلومة المضللة وتارة في محاولة اظهار انه ممول بزرع بعض رجالها فيه ونشر الاشاعة حوله , وللانصاف هي تسعى الى تخريب هذا الشكل الحيوي من الحراك بأكثر من طريقة واكثر من اطار.
هذا الثالوث المكون من تحالف اضلاع , المال الاسود والمرعوب من فكرة المحاسبة ومحاربة الفساد , والغاضب للخروج من رحم الوظيفة والمنصب وثالثهم كثير من الخاسرين في الانتخابات البرلمانية والبلدية , يجلسون على شرفات الرابع وبعض منهم يتبختر بين شبابه في محاولة الانقضاض على مخرجات الحراك الشعبي الخالي من الدنس , لكنه لا يمتلك الادوات القادرة على وضع هذا الرصيد في حسابه الوطني , ولعلنا رأينا كيف آلت مخرجات حراك الشباب في اكثر من عاصمة عربية وفي عاصمتنا الى هذه الفئة , نظرا لعجز الشباب عن ايجاد تعبيرهم السياسي .
فرصة الحكومة وفرصة الرزاز نفسه ان يعيد التواصل مع هؤلاء الشباب وان يدعم فرصتهم في تشكيل اطار سياسي لهم وان يتحالف معهم لانهم يعبرون عن واقع المواطن وان لا يتركهم فريسة لدعوات مجهولة النسب رغم غضب وعتب كثيرين على هذا المصطلح .
اسبوع ساخن رغم برودة الطقس ينتظر الرزاز وحكومته والفرصة في النهضة الشاملة مقرونة بنجاحه في خلق تحالفات شعبية صادقة ومعظمها موجود في جوار مكتبه .
(الأنباط)