مرايا – مع اقتراب فصل الشتاء من كل عام، تبدأ مئات الأسر غير الأردنية والباحثة عن الدفء بافتراش ارض وادي الأردن، ليشكلوا بمجملهم تجمعات سكانية متباعدة، فأي ارض خلاء قد تكون محطا لرحالهم، خاصة تلك الأراضي القريبة من الخدمات الرئيسة سواء في المناطق الزراعية او المجاورة للمناطق السكنية.

ازدياد أعداد العائلات المكونة من لاجئين سوريين ومن يسمون بـ”النور”، بالاضافة الى العمالة الوافدة يضاعف من الأعباء الملقاة على المؤسسات الخدمية، اذ ان انتشار هذه التجمعات في عدد من مناطق وبشكل عشوائي عادة ما يتسبب بمشاكل بيئية وصحية خطيرة.

ويلفت رئيس بلدية الشونة الوسطى إبراهيم فاهد العدوان، ان غالبية سكان هذه التجمعات يقومون بإلقاء نفاياتهم في الأودية القريبة وأحيانا في قناة الملك عبدالله وبعضهم يعمد الى إحراقها، لأن آليات البلدية لا تستطيع الوصول الى مكان سكنهم، والذي غالبا ما يكون خارج حدود التنظيم، مبينا ان سوء الأوضاع طال حتى المناطق السكنية المنظمة، اذ ان ازدياد عدد سكان هذه المناطق زاد من الأعباء الملقاة على كوادر البلدية.

ويشير إلى أن عدم توفر أدنى متطلبات الصحة العامة في هذه التجمعات يتسبب بمشاكل صحية وبيئية خطيرة، نتيجة الإلقاء العشوائي للنفايات والاعتداء على شبكات المياه والكهرباء، مضيفا ان هذا الأمر يزيد من الطلب على الخدمات في الوقت الذي تعاني فيه البلديات من شح الموارد التي تمكنها من الاستمرار في خدمة مواطنيها.

ويشدد العدوان على ضرورة العمل على توفير الدعم اللازم للبلديات والمراكز الصحية والمستشفيات وقطاع التربية، لمواجهة هذه الزيادة السكانية، وضرورة العمل على إنشاء المشاريع التنموية، التي من شأنها توفير فرص العمل لأبناء المنطقة المتعطلين عن العمل، منوها الى أن الفرص المحدودة في سوق العمل بات يشغلها لاجئون سوريون وعمالة وافدة.

ويؤكد مواطنون ان معظم سكان هذه التجمعات يحصلون على مياه الري بطرق غير مشروعة، او من مصادر غير آمنة والاعتداء على شبكات الكهرباء، فضلا عن المكاره الصحية التي يخلفونها بعد رحيلهم.

ويقول مدير مكتب توزيع كهرباء الشونة الجنوبية غازي الشنيكات، ان “استجرار قاطني هذه التجمعات للتيار الكهربائي بطرق غير مشروعة، يشكل أحد أهم العقبات التي تواجه كوادر الشركة، اذ ان الجهود التي تبذلها الشركة للحد من عمليات السرقة لا تجدي ففي كل مرة تقوم الكوادر بإزالة الأسلاك، يتم اعادتها من قبل ساكني الخيام”. ويوضح الشنيكات انه لا يمكن للشركة ان تراقب كل عمود كهرباء او حتى منطقة بعينها والحل يكمن في ترحيلهم، مؤكدا على خطورة الوضع، إذ إن إلقاء الأسلاك على الشبكات يؤدي إلى الكثير من الأعطال من جهة ويهدد حياة قاطني هذه التجمعات وخاصة الأطفال نتيجة تعرضهم للصعق.

ويحذر مدير صحة لواء الشونة الجنوبية الدكتور ناصر السعايدة من خطورة اوضاع هذه التجمعات كونها غير مخدومة ولا تتوفر فيها أدنى شروط الصحة والسلامة العامة، خاصة وان معظم المياه غير صالحة للشرب ويقضون حاجتهم في المزارع او في المناطق الخالية، لافتا إلى ان الكوادر الصحية وفرق التطعيم الوطني تواجه صعوبة إعطاء المطاعيم لسكان هذه التجمعات، لرفضهم إياها او لتنقلهم المستمر ما يصعب من عملية متابعتهم.

ويؤكد السعايدة، ان المستشفيات والمراكز الصحية تواجه ازديادا مضطردا في طلب الخدمة الصحية خلال فصل الشتاء مع انتقال اعداد كبيرة من الغجر والسوريين للمنطقة، مضيفا ان معظم هؤلاء غير منتفعين من التأمين الصحي وأوضاعهم المعيشية صعبة للغاية، ما يزيد من معاناة العاملين في المراكز.

ويرى مساعد رئيس مجلس المحافظة المحامي عماد زيدان العدوان، أن عدد سكان الأغوار يرتفع خلال فصل الشتاء بمعدل يزيد على 20 %، وهذا الارتفاع لا يصاحبه أي تغير في حجم الخدمات المقدمة الأمر الذي ينعكس سلبا على نوعيتها، مشيرا إلى انه سيتم العمل من خلال موزانة العام 2019، على دعم القطاعات الصحية والتربوية والخدماتية لمواجهة ظروف الزيادة السكانية.

ويستدرك زيدان “انه لم يتم تنفيذ أية مشاريع على موازنة 2018، رغم رصد مبالغ لها لتأخر الحكومة أو إغفالها تنفيذ هذه المشاريع، ما انعكس سلبا على واقع الخدمات في المنطقة”، مؤكدا على ضرورة العمل بجدية على تنفيذ المشاريع التي أقرت من قبل مجلس المحافظة والتي جرى رصد مبالغ لها في الموازنة.

من جانبه يبين رئيس لجنة الصحة والسلامة العامة متصرف لواء الشونة الجنوبية الدكتور باسم المبيضين، أن وجود التجمعات السكانية العشوائية له تأثير كبير على قطاع البلديات، من خلال زيادة الحجم اليومي من النفايات، التي يتم جمعها بمعدل (300) طن يوميا، إضافة إلى زيادة النفقات الشهرية المخصصة للخدمات العامة، التي تقدمها البلديات للمواطنين، مشددا على ضرورة مراقبة هذه التجمعات والتركيز على نوعية المياه المستخدمة للشرب، وآلية جمع النفايات وكيفية التخلص منها إضافة الى آلية الصرف الصحي.

بدوره يحذر مدير بيئة وادي الأردن المهندس شحاده الديات، من تداعيات التجمعات السكانية العشوائية على البيئة بشكل عام ، داعيا الجهات المعنية الى توفير حاويات او براميل لتجميع النفايات وعدم إلقائها عشوائيا، وضرورة توفير مصادر مياه صالحة للشرب، وإنشاء حفر امتصاصية ضمن المواصفات المتبعة حفاظا على الصحة والسلامة العامة.