مرايا – انتقدت منظمات دولية ومحلية الحكومة لسنّها قانونا جديدا للعمل يضع قيودا غير مسبوقة على الاحتجاجات العمالية في الأردن بخلاف ما نصت عليه المواثيق والمعاهدات.
وقال رئيس المرصد العمالي أحمد عوض، في تصريح خاص لـ”العربي الجديد”، إن الحكومة حدّدت حق الاحتجاج العمالي في إطار النقابات العمالية فقط، مشيرا إلى أنه تم وضع عراقيل أمام تأسيس نقابات عمالية جديدة والتي يبلغ عددها حاليا 17 نقابة فقط وهي على هذا العدد منذ أكثر من 30 عاما.
وبين أن كل من منظمة العمل الدولية والاتحاد الدولي لنقابات العمل وجهت رسائل احتجاج للحكومة لمطالبتها بالعودة عن التعديلات التي طرأت على قانون العمل وتلك التي أقرها أيضا مجلس النواب (الشق الأول للبرلمان).
وأضاف عوض أن قانون العمل الذي أقرته الحكومة مؤخرا ووافق عليه مجلس النواب أدخل تعديلات مجحفة إذ يمكّن أصحاب العمل من التعدي على حقوق العمال وعدم الاستجابة لمطالبهم المشروعة المتمثلة في تحسين الأوضاع المعيشية وتأمين بيئة عمل مناسبة.
وقال إنه في حال أقر مجلس الأعيان (الشق الثاني للبرلمان) القانون فإن العمال لن يعود بمقدورهم المطالبة بحقوقهم على النحو الذي كان في السنوات السابقة بسبب حصر حق العمال في تنظيم الاحتجاجات بالنقابات العمالية التي من الصعوبة بمكان تأسيسها حاليا.
ويعود ضعف شروط وسياسات العمل في الأردن إلى أن قانون العمل يفتقر إلى أدوات تنفيذه، إذ إنه يحترم العديد من معايير العمل المتعارف عليها عالميا، ولكن قطاعات واسعة من العاملين لا يتمتعون بهذه الحقوق على أرض الواقع.
ويعود ذلك بشكل أساسي إلى ضعف القوة الاجتماعية صاحبة المصلحة في إنفاذه، والمتمثلة في قوة النقابات الدافعة عن حقوق العمال، حسب عوض.
وبيّن رئيس المرصد العمالي أن هناك ثلاث مواد أساسية، نزعت من القانون أدوات تنفيذه الأولى ومنها المادة رقم (2) التي حرمت العاملين الذين ليس لديهم نقابات عمالية من الاستفادة من منافع الاعتراف بالنزاع العمالي الجماعي، واقتصارها على العاملين الذين لديهم نقابات عمالية، ما أدى إلى حرمان غالبية العمال من الاستفادة من أدوات فض نزاعات العمل الواردة في القانون ذاته.
وأشار إلى أن المادتين رقم (44) و(98) وضعتا قيوداً إضافية على حركة العمال المطالبة بحقوقهم الطبيعية. وبلغ عدد الاحتجاجات العمالية في الأردن عام 2017 في مختلف القطاعات 230 احتجاجا، فيما قال رئيس المرصد العمالي إنه سيتم الإعلان خلال الأيام القليلة المقبلة عن الاحتجاجات التي حدثت العام الماضي.
وأكد عوض أن منظمة العمل الدولية أرسلت رسالة إلى الأردن احتجاجا على بعض التعديلات التي وردت في قانون العمل، وأقرها مجلس النواب وبخاصة حرمان العمال من المطالبة بحقوقهم من دون وجود نقابات تمثلهم.
وقالت المنظمة إن الهيئات الإشرافية في منظمة العمل الدولية تعتبر أن التشريعات التي تشترط توافر عدد كبير من الأعضاء المؤسسين إنما تعرقل بشدة تشكيل النقابات، لا بل تجعله مستحيلاً، كما هي الحال مثلاً عندما يشترط القانون لتشكيل النقابة ألا يقل عدد أعضائها المؤسسين عن خمسين.
وبينت المنظمة أن القانون يشترط في المؤسس لأي نقابة أن يكون أردنياً ويترتب على هذا الشرط إقصاء مئات آلاف العمال غير الأردنيين العاملين في البلاد.
وتعتبر لجنة الحريات النقابية في منظمة العمل الدولية أنه من الضروري اعتماد المرونة في ما يتعلق بشرط الجنسية بحيث يكون للعمال الأجانب حق المشاركة في تأسيس النقابات وتسييرها على الأقل بعد فترة معقولة من بقائهم في البلاد مثلاً أو اعتماد نسبة معينة للأجانب من بين المؤسسين.
أما في الفقرة التي تشترط ألا يقل سن العامل المنتسب إلى النقابة عن 18 سنة، فقد شدّدت الهيئات الإشرافية في منظمة العمل الدولية على ضرورة ضمان الحقوق النقابية للقاصرين الذين بلغوا الحد الأدنى لسنّ الاستخدام، سواء كانوا من العاملين أم من المتدربين.
وفي سياق متصل، وجه الاتحاد الدولي لنقابات العمال رسالة احتجاج مماثلة إلى رئيس الوزراء الأردني عمر الرزاز طالبه فيها بإعادة النظر بتعديلات قانون العمل التي تضر بالعمال.
وقال الاتحاد في رسالته التي حصلت “العربي الجديد”، على نسخة منها، إنه “نيابة عن 207 ملايين عضو في الاتحاد الدولي لنقابات العمال بما في ذلك نقابات الأردن نكتب للتعبير عن قلقنا مع العديد من التعديلات على قانون العمل الذي اعتمده مجلس النواب والذي سينظر فيه مجلس الأعيان خلال أيام”.
وأضاف الاتحاد “لقد فشلت تعديلات قانون العمل في معالجة المخاوف العديدة التي طال أمدها وأعرب عنها النظام الإشرافي للعمل الدولي في منظمة العمل الدولية في ما يتعلق بالحقوق الأساسية لحرية تكوين الجمعيات والتفاوض الجماعي”.
وتابع أن التعديلات تزيد مساوئ قانون العمل، ما يؤدي إلى الحد من حق النقابات العمالية في تشكيل أنشطتها وتنفيذها دون تدخل. ودعا الاتحاد، البرلمان الأردني، إلى سحب التعديلات وإدخال تشريع يتوافق بشكل تام مع اتفاقيات منظمة العمل.