مرايا – كشف تسريب صوتي، غير مقصود، بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ورئيس أكبر مؤسسات قطاع البناء والعقارات الواقع الكارثي الذي يعصف بالاقتصاد التركي.
بدأ المشهد الفوضوي على هامش قيام الرئيس التركي بوضع حجر الأساس لمشروع دار الأوبرا في ساحة تقسيم بمدينة اسطنبول، حيث باغته رئيس سلطة الإسكان التركية عمر بولوت بحديث، بينما كان ميكروفون موضوعا بالقرب منهما على وضع التشغيل.
وقال رئيس أكبر مؤسسات قطاع البناء والعقارات لأردوغان: “لدينا مشكلة مالية. سيادة الرئيس، لدينا مشاكل خطيرة بشأن التمويل. ربما يمكننا أن نناقش ذلك فيما بعد”.
لكن أردوغان الذي لم يلتفت إلى الميكروفون المفتوح، قال لبولوت: “أكمل”، فأضاف الأخير في حوار نقلته القنوات الرسمية على الهواء مباشرة “لقد تضررنا بشدة، شركة توكي دمرتنا”.
ويقصد بولوت بـ”توكي” الشركة العملاقة للبناء التي تشرف عليها الدولة، وتثقل ديونها المتعثرة كاهل سلطة الإسكان التركية.
ابحث عن “التريليون ليرة”
وترتبط القضية التي يتحدث عنها بولوت بقصة التريليون ليرة، وهي مجموع ديون الشركات التركية التي اقترضت بالعملة الأجنبية، بعد انهيار العملة المحلية وآثارها قائمة إلى الآن.
يقول موقع أحوال تركية إن الشركات التركية استدانت نحو 190 مليار دولار في عام 2017، مما دفع شركات التصنيف الائتماني والمحللين لتوجيه تحذيرات شديدة بشأن تعرض الشركات لمخاطر ترتبط بالعملة الأجنبية.
وفي نفس العام (2017) بيعت الليرة بنحو 3 مقابل الدولار الواحد، مما يعني أن قيمة الديون أصبحت 570 مليار ليرة بالعملة المحلية.
ويضيف أحوال “يتحمل أردوغان معظم اللوم بشأن نحو 400 مليار ليرة إضافية ينبغي للشركات التركية ردها الآن”.
وكثيرا ما انتقدت المعارضة التركية ورئيس البنك المركزي تدخل أردوغان في السياسات الاقتصادية لبلاده، فضلا عن تعاطيه مع أزمة القس الأميركي أندرو برونسون الذي اعتقلته السلطات، الأمر الذي انعكس سلبا على قيمة الليرة.
ولا تتوفر بيانات رسمية متاحة عن وضع الاقتصاد التركي ككل، لكن البنوك تتحدث عن ارتفاع في طلبات إعادة هيكلة الديون.
وزادت القروض التي تخضع لتدقيق شديد في “آك بنك”، وهو ثاني أكبر البنوك التركية المدرجة بالبورصة، إلى ثلاثة أضعافها تقريبا لتبلغ 22.3 مليار ليرة أواخر العام الماضي، مقارنة بالشهور الستة السابقة لهذا التاريخ.
وتفوق نسبة التضخم في تركيا ثلاثة أمثال متوسط نسبتها في الدول ذات الأسواق الناشئة المماثلة، وأصبحت البلاد في سلة واحدة مع البلاد التي تعاني معدلات تضخم ضخمة مثل الأرجنتين (22.9 في المئة) وأوكرانيا (13.6 في المئة).
وتتوقع أحوال أن تواجه أكثر من نصف الشركات في قطاع البناء والعقارات، ويبلغ عددها 360 ألف شركة، أزمات حقيقية، قائلة: “هناك بالفعل تكهنات بأن أكثر من 5 آلاف شركة عقارية تقدمت بطلبات لتنفيذ إجراءات الإفلاس”.
وفي شهر أكتوبر الماضي ارتفع معدل التضخم السنوي إلى 25.2%، الأمر الذي انعكس على المستثمرين في قطاع الإسكان، فتعرضوا لخسائر بنسبة 17% على أساس القيمة الحقيقية.
ونتيجة لكل ذلك، انتشر الركود المشهود في المناطق المركزية لقطاع الإسكان، مثل مدينتي إسطنبول وأنقرة، إلى جميع أنحاء البلاد، بحسب ما ذكر موقع أحوال تركية.