مرايا – قال رئيس مجلس النواب عاطف الطراونة إن القضية الفلسطينية هي القضية المركزية وإنّ أي حلٍ لا يضمنُ العدالةَ وحمايةَ الحقوقِ هو حلٌ غيرُ قابلٍ للحياةِ، وإنّ استمرارَ الظلمِ الذي يتعرضُ له الشعبُ الفلسطينيُ هو كارثةٌ إنسانيةٌ على المجتمعِ الدوليّ أن يتحملَ أعباءها.

وأكد في كلمة له خلال افتتاح المؤتمر التاسع والعشرين للاتحاد البرلماني العربي بعنوان “القدس العاصمة الأبدية لدولة فلسطين”، أنَ الأردنَ ومن منطلقِ الوصايةِ الهاشميةِ على المقدساتِ الاسلاميةِ والمسيحيةِ في القدسِ الشريف، سيواصلُ دورهُ في رعايةِ المدينةِ المقدسة، مشيرا إلى أن هذا من الثوابت، التي لن يحيد الأردن عن تأديتِها.

وحذر الطراونة من أي محاولةٍ تمسُ بالوضعِ التاريخيّ والقانونيّ القائمِ للقدسِ والمقدسات، ومحاولاتِ طمسِ هويةِ المدينةِ المقدسةِ، والإجراءاتِ الإسرائيليةِ الأحاديةِ، التي تمثلُ انتهاكاتٍ مستمرةٍ وتصعيداً خطيراً.

وتاليا نص كلمة الطراونة:

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على النبي العربي الهاشمي الأمين، وعلى آله وصحبه؛ وعلى الأنبياء والمرسلين من قبله.

معالي الأخ رئيس الاتحاد البرلماني العربي

عطوفة الأمين العام للاتحاد البرلماني العربي

أصحاب الدولة والمعالي والسعادة رؤساء وأعضاء الوفود البرلمانية العربية الشقيقة

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

وبعد؛

نرحبُ بكم في المملكة الأردنية الهاشمية التي تحتضنُ أعمالَ قمتِنا البرلمانيةِ في دورتِها التاسعةِ والعشرينَ في عمانْ، والتي اجتمعتْ تحتَ عنوانْ “القدسُ عاصمةٌ أبديةٌ لدولةِ فلسطين”.

وإذ أنقلُ تحياتِ جلالةِ الملك عبد الله الثاني ابن الحسين لكم جميعاً، فإننا نرحبُ بكم بين أهلِكم في الأردنِ، متمنينَ لكم طيب الإقامة.

أصحاب الدولة والمعالي والسعادة؛

نجتمعُ اليومَ وسطَ ظروفٍ عربيةٍ دقيقةٍ، وملفاتٍ عالقةٍ، وقضايا تتطلعُ شعوبُنا إلى حلها، على أُسسٍ من العدالةِ واستعادةِ الأمنِ والاستقرارِ لمنطقتِنا العربية.

وبالنظرِ إلى هذا الواقعِ الذي نتطلعُ إلى تغييرهِ، فمطلوبٌ منا تكثيفُ جهودِنا العربيةِ الجامعةِ، وتسليحها بالإرادةِ الصلبةِ، من خلال إعادةِ الزخمِ لمؤسساتِ العملِ العربيِ المشتركْ، والتي نُمثِلُ نحنُ واحدةً من أعمدتِها عبر اتحادِكم البرلماني.

ولأن مفهومَ التضامنِ والعملِ العربيِ المشتركِ هو مبدأٌ راسخٌ في معتقداتِنا وقيمنا الوطنيةِ، فلعلنا نحتاجُ إلى البحثِ في كلِ شأنٍ يُعظمُ المشتركاتِ بيننا، ويُحجمُ الاختلافاتِ في وجهاتِ النظر.

وقد يحتاجُ هذا الأمرُ أن نجلسَ تحتَ شعارِ تعزيزِ المسؤوليةِ المشتركةِ في مواجهةِ التحدياتِ التي تتعرضُ لها المنطقةُ، فلم تعدْ هذه القيمُ ترفاً، بل نجدُ أن شعوبنا أضحتْ بحاجةٍ ملحةٍ لإعادةِ توحيدِ المواقفِ وجمعِ الكلمة.

أصحاب الدولة والمعالي والسعادة؛

إن القضيةَ الفلسطينيةَ هي القضيةُ المركزيةُ، وإنّ أي حلٍ لا يضمنُ العدالةَ وحمايةَ الحقوقِ هو حلٌ غيرُ قابلٍ للحياةِ، وإنّ استمرارَ الظلمِ الذي يتعرضُ له الشعبُ الفلسطينيُ هو كارثةٌ إنسانيةٌ على المجتمعِ الدوليّ أن يتحملَ أعباءها.

وبهذا السياقْ، لن تستقرَ المنطقةُ والإقليمُ من دونِ حلٍ عادلٍ يضمنُ إنهاءَ الاحتلالِ، ويضمنُ للفلسطينيينَ قيامَ دولتِهم على ترابِهم الوطنيّ وعاصمتها القدسُ الشرقيةُ، دون إسقاطٍ لحقِ العودةِ والتعويضِ للاجئينَ الفلسطينيينْ.

كما أنَ الأردنَ ومن منطلقِ الوصايةِ الهاشميةِ على المقدساتِ الاسلاميةِ والمسيحيةِ في القدسِ الشريف، سيواصلُ دورهُ في رعايةِ المدينةِ المقدسة، وهذا من ثوابتِنا، التي لن نحيدَ عن تأديتِها، محذرينَ من أي محاولةٍ تمسُ بالوضعِ التاريخيّ والقانونيّ القائمِ للقدسِ والمقدسات، ومحاولاتِ طمسِ هويةِ المدينةِ المقدسةِ، والإجراءاتِ الإسرائيليةِ الأحاديةِ، التي تمثلُ انتهاكاتٍ مستمرةٍ وتصعيداً خطيراً.

إن وضعَ حدٍ للانتهاكاتِ الإسرائيليةِ بحقِ الشعبِ الفلسطيني، هو واحدٌ من أهمِ خطواتِ تمكينِ جهودِ الحربِ على الإرهاب، من خلالِ قطعِ الطريقِ على القوى الظلاميةِ التي تستغلُ هذا الأمرْ، في كسبِ تأييدِ أفكارها المتطرفةِ، وهي الحربُ التي أوجعتنا جميعاً، سواءٌ للفعلِ الإجراميّ الذي مورسَ بحقِ شعوبٍ في منطقتِنا والعالم، أو محاولاتِهم تشويه تعاليمِ الدينِ الاسلاميّ السمحةِ التي مثلتْ منطلقاتٍ للبشريةِ تدعو لقيمِ الاعتدالِ والتسامحِ وقبولِ الآخرِ والعيشِ المشترك.

وبهذا الصدد لا يفوتُنا تهنئةُ جمهوريةِ العراقِ الشقيقِ على نصرِها في الحربِ على الإرهاب، ونجاحِ العمليةِ السياسيةِ، مُتوجةً بفعلٍ ديمقراطيٍ أفرزَ مجلسَ نوابٍ يمثلُ مكوناتِ الشعبِ العراقيَ كافةً، وملتزمٍ بتحسينِ ظروفِ هذا البلدِ العظيمْ، من خلالِ عمليةِ إعادةِ الإعمار، واهتمامهِ بقضايا أمتهِ والانتصارِ لها.

إن العمليةَ السياسيةَ التي أفرزتْ حكومةً توافقيةً تعملُ جنباً إلى جنبْ، مع مؤسسةِ الرئاسةِ والبرلمانْ، ضمنَ مساراتٍ متناغمةٍ، تَصهرُ مكوناتِ الشعبْ، وتضعُ نُصبَ عينِها تحسينَ حياةِ المواطنِ العراقي، وعودتهِ كعنصرٍ فاعلٍ في مساراتِ العمل العربيّ المشترك.

أما عن الجمهوريةِ العربيةِ السوريةِ الشقيقةِ، فلابدّ من تحركٍ فاعلٍ تجاه التوصلِ إلى حلٍ سياسي يضمنُ وحدةَ سوريا أرضاً وشعباً، ويعيدُ لسوريا عافيتَها، ولتستعيدَ دورها ركناً أساسياً من أساسِ الاستقرارِ في المنطقةِ، وركناً من أركانِ العمل العربيّ المشترك.

كما ندعو إلى تظافرِ الجهودِ للحفاظِ على الاستقرارِ في سوريا، وعلى الإنجازاتِ التي تم تحقيقُها ضدّ تنظيمِ داعش الإرهابي، ودعمِ الجهودِ التي تُمهد الطريقَ أمامَ العودةِ الطوعيةِ للاجئينَ السوريينَ إلى وطنهم.

مثلما يتوجبُ علينا الوقوف إلى جانبِ الأشقاءِ في اليمنِ ومساندتِهم في مساعيهم لتحقيقِ الأمنِ والاستقرارِ في مختلفِ أرجاءِ بلادِهم ودعمِ جهودِ حلِ الأزمةِ وفقَ القرارِ الأممي 2216 ومخرجاتِ الحوار الوطنيّ والمبادرةِ الخليجيةِ، مثلما يتوجبُ العملُ على مساندةِ الأشقاءِ الليبيينَ في التوصلِ إلى حلٍ سياسيٍ، وبما يحققُ الأمنَ والاستقرارَ فيها ويضعُ أبنائَها على أعتابِ مستقبلٍ واعدٍ تتخلصُ معهُ من وقعِ الاحترابْ.

كما يتوجب علينا الوقوف إلى جانب الأشقاء في السودان، بما يحفظ أمنهم واستقرارهم ووحدتهم.

أصحاب الدولة والمعالي والسعادة؛

إن المملكةَ الأردنيةَ الهاشمية ستظلُ على الدوامْ عاصمةَ الوفاقِ والاتفاقْ، مستمدينَ رسالتَنا من ثوابتِ الثورةِ العربيةِ الكبرى، التي انتصرتْ معها أمتُنا في حفظِ هويتِها وسيادتِها.

وسيظلُ الأردنُ ثابتاً على دعوتهِ في تبني خارطةِ طريقٍ للخروجِ من الأزماتِ الراهنةِ، وفق رؤىً ومبادراتٍ عربيةٍ، تأطرُها مؤسساتُ العملِ العربيّ المشتركْ، وذلكَ لوضعِ حدٍ للتدخلاتِ في المنطقةِ، والعبثِ بأمنِها واستقرارِها.

وختاماً أتمنى لقمتِنا البرلمانيةِ أن تَبلُغَ أهدافَها عبرَ التوافقِ على مضامينِ الوحدةِ وتفعيلِ منظومةِ العملِ الجماعيّ لمواجهةِ التحدياتِ وتجاوزِ الظروفِ المحيطةِ بشعوبِنا العربيةِ التي أنهكتها تداعياتُ الحروبِ والأزماتْ.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.