مرايا – تحولت الاحتجاجات والمطالبة بالإصلاح إلى شكل جديد قاده المتعطلون عن العمل، وذلك بالسير على الأقدام من شتى المدن والمحافظات وصولاً إلى الديوان الملكي آملين أن تصل معاناتهم وصوتهم لصاحب القرار.
وكلنا يعرف ما حدث من رئيس الديوان الملكي عندما استقبلهم أمام بيت الأردنيين ووجههم للعمل في الأجهزة الأمنية والدفاع المدني والقوات المسلحة، ليتزامن ذلك مع الإعلانات في الصحف وعلى شتى وسائل الإعلام للإلتحاق بالأجهزة المذكورة.
مطالبين الشباب الالتحاق لتعويض النقص في هذه الأجهزة.
ولو أن من هم دون الثلاثين عاماً اختاروا التوجه إلى هذه الفرص لوفروا على أنفسهم مشقة المسير مئات الكيلومترات.
وهنا ارتفعت أصوات بعضاً ممّن يسمون أنفسهم بالإصلاحيين ليطالبوا بحل مشكلة الشباب المتعطل عن العمل، وهنا وجب السؤال لهؤلاء هل بدأتم بنشر وتعميم الأفكار الإصلاحية في المجتمع، قبل أن توجهوا أصابع الإتهام؟
فالإصلاح وتغيير النهج على المستوى الشعبي سيتبعه تلقائياً اصلاحٌ وتغييرٌ في النهج على مستوى صناعة القرار، عندها يظهر الفساد المبهم بصورة واضحة لنتمكن من اجتثاثه.
وعلى سبيل المثال لا الحصر هناك بعض المتعطلين عن العمل ساروا في النمط المجتمعي السائد وهو الانتقال من المرحلة الثانوية إلى مقاعد الدراسة الجامعية دون أن تتشكل لديه أدنى فكرة عن متطلبات سوق العمل، ناهيك عن أن الدراسة الجامعية في بعض حالاتها تستنفذ موارد الأسرة الاقتصادية ليتبع ذلك الانتظار والمطالبة بفرصة عمل تتيح إعادة ما تم صرفه للحصول على هذه الشهادة ويفضل أن تكون في القطاع الحكومي..
لماذا!!؟ لتحقيق الأمان الوظيفي المزعوم بحسب وجهة النظر السائدة التي تتمثل بأن من يضع قدمه في القطاع العام لن يغادره حتى سن التقاعد.
ومن هذا المنطلق تجد الواسطة المرتع وتبدأ مرحلة المراثون إلى بيوت ومكاتب النواب والوزراء من الأقارب والأصدقاء أو ما يسمى ( المحاسيب).
لكن هل يستطيع القطاع العام بشواغره المحدودة جداً أن يستوعب الآلاف من الخريجين ؟؟
وهل هذه المعادلة بين عدد فرص القطاع العام المحدودة وأعداد طالبي الوظائف منصفة؟؟
ولابد أن لا نغفل الدور المحبط لديوان الخدمة المدنية الذي أصبح دوراً إحصائياً لا غير، الذي اقتصر دوره على إحصاء أعداد المتقدمين بطلبات توظيف في القطاع العام فقط، والتي مضى على بعضها أكثر من عشرين عاماً وما زالت تنتظر.
وهنا تجدر الإشارة إلى أن بعض مستغلي القانون -إن جاز التعبير- يتقدم بطلب إجازة بدون راتب لمدة عشر سنوات تجدد سنوياً، ليعمل في هذه الفترة في قطاع آخر و بمردود مادي أعلى وغالباً في بلاد الإغتراب مطمئناً لبقاء موقعه الوظيفي على ماهو عليه حتى عودته ليأخذ إستراحة المحارب على مقعدٍ خلف مكتبٍ في إحدى مؤسسات القطاع العام بعد أن أضاع بذلك فرصة للعمل قد يستحقها شابٌ في مقتبل العمر وبداية الطريق بدل أن يجمع ما يكفيه لشراء سنواتِ الضمان الإجتماعي في نهاية خدمته ليفوز بامتيازات كل من المغتربين وموظفي القطاع العام.
وبالعودة إلى مسيرات المتعطلين عن العمل والتوجه إلى الديوان الملكي لحل أي مشكلة وبعد أن أسقط المواطن من حساباته دور الحكومة في مواجهة أي مشكلة يجب السؤال هنا عن دور المواطن نفسه ومسؤوليته في ما آلت إليه الأوضاع الراهنة؟
وهل يعد لزاماً على الحكومة توفير فرصة عمل يصعب استحداثها لكل من يحمل شهادة جامعية؟
وهل أصبح مطلوباً من الحكومة أن توافق المتطلبات الفردية لكافة مواطنيها حتى يسود الرضى في المجتمع؟
كل هذه التساؤلات بحاجة إلى إجابة موضوعية تبتعد عن إلقاء اللوم على الآخر، عندها فقط يمكننا إعادة النظر في كل ما يحدث بحثاً عن واقع أفضل.
وهنا تجدر الإشارة إلى أن الحكومة سارعت بعد مسيرات المتعطلين عن العمل وخاصة أبناء محافظة معان إلى محاولة الإستجابة لمطالباتهم وقد جرى ارسال فريق وزاري الى المحافظة وتم اطلاق اول دورة لخدمة وطن وباشرت اللجنة الأمنية مهامها في مركز معان الثقافي منذ صباح امس الأربعاء والتي تضم مندوبين عن (الجيش العربي، الامن العام، الدفاع المدني، قوات درك) باستقبال طلبات الالتحاق بالقوات المسلحة/الجيش العربي والأجهزة الأمنية من أبناء معان والبادية الجنوبية.