مرايا – عمر كلاب
رغم ان الرقم قديم ومنذ سنوات اربع , الا ان الدكتور نائل العدوان مدير الصحة النفسية في وزارة الصحة , أكد ان مليونا وسبعمائة وخمسين الفا من الاردنيين يعانون من اضطرابات نفسية , بل ان تقارير تقول ان الرقم ارتفع بفعل العوامل الجيوسياسية واللجوء وبعد ارتفاع الاسعار وهبوط الرواتب وقرارات الحكومات المتعاقبة وتصرفات مجلس النواب المستمرة , فكل المشهد العام يشير الى ان الحالة النفسية المضطربة تلامس كل بيت اردني بفرد او اكثر , فالدكتور العدوان يؤكد ان شخصا من كل اربعة , يعاني من اضطراب والنسبة في الاردن مرتفعة عن النسبة العالمية .
هذه النسبة العالية , لا يمكن معالجتها في العيادات الخاصة والعامة , ليس بفعل ارتفاع اسعار الدواء النفسي ولا بحكم ارتفاع كشفية الطبيب النفسي ولا بحكم الفوبيا والضغط الاجتماعي من مراجعة طبيب نفسي , لأنه تهمة بالجنون او الهسهسة , بل لعدم وجود اماكن او اطباء كفاية , ولا يوجد مكان قادر على استيعاب هذه الاعداد حتى استاد عمان الدولي , الذي اقترحه في السابق الدكتور مصطفى الحمارنة لمعالجة امراض الاردنيين النفسية سابقا التقارير الدولية ,فالحمارنة اشار مبكرا الى خطورة الظواهر النفسية التي تصيب المجتمع الاردني واقترح وقتها ان يتم ادخال كل 30 الفا الى الاستاد لتلقي العلاج الجماعي .
لذلك لا يوجد في الاردن شخص قادر على معالجة الاردنيين من امراضهم النفسية الا وزير المياه المهندس رائد ابو السعود , أما كيف ولماذا , فالوزير ووزارته وحدهم الذين يدخلون كل بيت ارني , ويمكن ان يقوموا باستخدام شيوخ ومقرئين للقراءة على المياه الواصلة الى بيوت الاردنيين , فتستطيع الوزارة مثلا , قراءة ما تيسر من الايات على مصادر المياه من سدود وخزانات كبرى قبل توزيعها وبالتالي يصل ماء ” مقري عليه ” الى بيوتنا , فنغتسل وننتفع ببركاته , هكذا يفعل كثير من الاردنيين في حالات كثيرة ومن الافضل ان تخلط الوزارة المياه بأوراق من شجرة السدر لان فيها ما يمنح الجسد راحة وطمأنينة حسب المشايخ ومعشر القراء او اصحاب الطب البديل فرع الطب الديني .
الضحك من شدة الألم هو ما ينطبق على حالتنا , فنحن ما زلنا نكابر ونرفض الاعتراف بغياب منظومة انذار مبكر للظواهر الاجتماعية , ولا يوجد لدينا اية منظومة محترمة او نصف محترمة للتوعية النفسية , رغم عشرات الظواهر التي نراها يوميا , في الشوارع والمولات والمحال التجارية , بات من الغرابة بمكان ان ترى اردنيا لا يستعمل الهاتف الخليوي اثناء القيادة , وباتت ” الجحرة ” مع تقطيب الحواجب مثل تحية الصباح والمساء حال تجاوزك عن مركبة او الاشارة لها بفتح المسرب , ناهيك عن نمط الجرائم والتصرفات الشاذة , وانعدام ادنى معايير الاخلاص في العمل .
طبعا لا يمكن اغفال تجويد القرار الرسمي والبرلماني , لان هذه القرارات والتصرفات والمسلكيات الحكومية لا تجلب المرض النفسي فقط , بل تجلب الضغط والسكري وما تيسر من انسداد الشرايين وامراض القلب ومختلف انواع الجلطات , فكل قرار حكومي واحد او تصويت برلماني واحد قادر على انتاج امراض مستعصية , فكيف اذا استمر النهج الحكومي والبرلماني على حالته منذ سنوات , اكيد ان امراضنا اصبحت مزمنة وتحتاج ليس الى ماء مقري عليه بل الى سحرة ومشعوذين كي يخرجونا من ضائقتنا , بعد ان اشبعنا المهرجون السياسيون والاقتصاديون الذين تولّوا زمام المرحلة .