مرايا – مواد غذائية وربما وجبات سريعة مشبعة بالدهون، وأخرى تحتوي على الصودا والكافيين والسكريات والملونات تغزو المقاصف المدرسية وتتصدر قوائم أطعمتها، رصدتها وكالة الأنباء (بترا) أثناء جولة قامت بها على عدد من المدارس، ورغم من وجود اشتراطات صحية وتعليمات تمنع بيع مثل هذه المواد الغذائية وتفرض عقوبات على المقاصف المخالفة إلا أن بعضها لا يلقي لذلك بالاً.
خبراء ومختصون أجمعوا على أن كثيرا من المواد الغذائية المتاحة في بعض المقاصف المدرسية لها أضرار على صحة الجسم، ما يحتم على أولياء الأمور الانتباه لحماية أبنائهم من خطرها من خلال توفير بيئة غذائية آمنة في البيت وخارجه، خاصة في المدارس التي يتوجب عليها توفير أغذية آمنة للطلاب في المقاصف المدرسية، لتحقيق التوازن الغذائي لنمو سليم للعقل والجسد، إلا أن بعض المقاصف تغص بأنواع شتى من السكريات والملونات الصناعية والدهون المشبعة، وأيضا القهوة والشاي. أخصائية التغذية سيرين البحيري اكدت في تقييمها للطعام المقدم للأطفال في المدارس، ضرورة الاخذ بالاعتبار ثلاث نقاط أساسية في التغذية هي: كمية ونوعية المواد الحافظة، كمية السكر، كمية الزيت والدهون، مشيرة الى أن “من المؤسف ان كثيرا من المقاصف المدرسية تقتني مواد غذائية تحتوي على كل أو بعض هذه العناصر الضارة”.
وأشارت إلى نتائج العديد من الدراسات التي أثبتت التأثير السلبي للمواد الحافظة والألوان والمواد الصناعية المضافة لأغذية الأطفال ودورها في تقليل المناعة، والإصابة بالسرطان مستقبلا، إضافة إلى التأثير سلبا على الجهاز العصبي والتسبب بفرط النشاط وقله التركيز لديهم، موضحة ان تناول الاطفال للسكريات والحلويات وبشكل مفرط يرفع من فرصة الإصابة بالسمنة وداء السكري من النوع الثاني، فيما يؤثر تناول الأطعمة المشبعة بالدهون على زيادة الوزن ويؤثر سلبا على صحة القلب والشرايين.
ودعت البحيري المقاصف المدرسية الى استبدال بيع الأطعمة المصنعة بتلك الطبيعية كالخضار والفاكهة الطازجة وعصائر الحليب المبستر وغيرها من المأكولات الخالية من المواد الحافظة والسكريات والدهون.
وفي حديث مع بعض الأهالي تفاجأت أم الطالبة مايا عندما علمت أن ابنتها (في الصف العاشر) تناولت طعام الغداء في المدرسة عن طريق خدمة طلبات التوصيل من أحد المطاعم وأن المدرسة تسمح لهم بذلك بشكل اعتيادي، مبدية عدم رضاها عن سماح المدرسة بهذه السلوكيات.
ويقول أحمد والد الطالب مراد أن ابنه (ست سنوات) اصيب بالتهاب في حلقه نتيجة تناوله عصيرا باردا ابتاعه من مقصف المدرسة دون مراعاة سنه، فيما تتعرض والدة الطالبة سالي لضغط مستمر من ابنتها لشراء البطاطا المقلية من مقصف المدرسة والذي يتم الترويج له بين الصفوف، على الرغم من محاولة إقناعها بأنها مضرة بالصحة إذا تناولتها بشكل مستمر. وينصح نقيب أصحاب المدارس الخاصة منذر الصوراني أهالي الطلاب بتزويد أبنائهم بالطعام المناسب من البيت والاستغناء عن المصروف، لأنها أفضل وسيلة لتجنيبهم خطر الأغذية غير الصحية التي تباع لهم من المقاصف المدرسية.
لكن استشاري علم النفس الدكتور عبدالله أبو عدس يختلف مع الصوراني في مسألة منع المصروف عن الابناء، معتبرا ان المصروف الذي يعطى للطالب أحد أهم الوسائل التربوية لتطوير الذكاء المادي لدى الطالب، ويؤدي إلى نتائج إيجابية تنعكس بشكل مباشر على شخصيته أمام زملائه، ويزيد من وعيه بالقيمة المالية والثقافة الاستثمارية، عدا عن تعلم المهارات الحسابية منذ صغره. وأشار أبو عدس إلى أن المصروف المدرسي يسهل على الأهل خاصة في السنوات الدراسية الاولى لابنهم من توجيهه للطرق الصحيحة في اختيار المواد التي يبتاعها بحيث تكون المادة صحية ومفيدة وأساسية للنمو الجسمي والعقلي له، ناهيك عن تعليمه ان يكون مسؤولا عن اختياراته. وحول ضبط المقاصف المدرسية المخالفة قال الناطق الإعلامي باسم وزارة الصحة حاتم الأزرعي، إن جولات دورية تتم بالاشتراك مع وزارتي الصحة والتربية والتعليم والمؤسسة العامة للغذاء والدواء للوقوف للتأكد من مدى التزام المقاصف المدرسية بتعليمات الصحة والاشتراطات المطلوبة، موضحا أن هذه التعليمات والاشتراطات مستندة إلى أحكام الصحة العامة وتتعلق بتجهيزات المقصف، والأغذية المسموحة والممنوعة، والعاملين بالمقاصف، بهدف تعزيز الأنماط الغذائية السليمة. وقال الأزرعي، إن وزارة الصحة وعند مخالفة أحد المقاصف المدرسية للاشتراطات والتعليمات الصحية، تخاطب وزارة التربية والتعليم لتصويب المخالفة، واذا استمرت المدرسة بالمخالفة وعدم التصويب تقوم المؤسسة العامة للغذاء والدواء بالتنسيب لاتخاذ الإجراء المناسب بحق المدرسة، وغالبا ما تستجيب المدارس للتعليمات، لافتا الى أن وزير الصحة وعقب قرار السماح ببيع (الشيبس) في المدارس إذا كان مصنوعا من رقائق البطاطا والذرة الخالية من الملونات الصناعية فقط، قرر تشكيل لجنة لإعادة دراسة اشتراطات تداول المواد الغذائية في المقاصف المدرسية. ودعا الأزرعي القائمين على هذه المقاصف الى عدم تداول المواد الغذائية الممنوعة والاكتفاء بالمسموح منها، مشددا على دور الأهالي بتعزيز الثقافة الغذائية لدى ابنائهم وتصويب عاداتهم الغذائية بحيث تكون صحية وسليمة ومعرفة ما يضرهم وما ينفعهم، داعيا الأهالي في حال عدم رضاهم عن بيع مواد غذائية معينة بالمقاصف المدرسية التواصل مع وزارة الصحة وإبلاغها بوجود مخالفة معينة لم يتم تصويبها من قبل المدرسة.
قانون الغذاء وقانون الرقابة والتفتيش على الانشطة الاقتصادية ومن ضمنها المقاصف المدرسية، أناط بالمؤسسة العامة للغذاء والدواء مسؤولية الرقابة والتفتيش على جميع مراحل تداول الغذاء للتأكد من سلامته في الأسواق المحلية، بحسب مدير الغذاء في المؤسسة المهندس أمجد الرشايدة.
وقال الرشايدة، “بناء على التفويض الممنوح لمفتشي وزارة الصحة، يتابع قسم الصحة المدرسية في وزارة الصحة بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم، مدى التزام المقاصف المدرسية بالاشتراطات والتعليمات الخاصة بسلامة الغذاء المتداول، واتخاذ الاجراءات القانونية بحق كل من يخالف التعليمات والانظمة الخاصة بسلامته، مشيرا الى وجود مندوب من المؤسسة العامة للغذاء في لجنة المقاصف المدرسية المشكلة من قبل وزير الصحة، لوضع الاشتراطات والتعليمات الخاصة بالمقاصف المدرسية.
وأشار إلى أن المؤسسة معنية بسلامة جميع الاغذية المباعة داخل المقصف المدرسي وصلاحيتها للاستهلاك البشري ومطابقتها للمواصفات الخاصة بها، حيث يتم مراقبة المصانع المنتجة لها في حال كان المنتج محليا، ومراقبة وفحص الماد المستوردة، وفي حال إنشاء مطبخ لإعداد الاطعمة داخل المقصف، يشترط الحصول على الترخيص اللازم من قبل المؤسسة العامة للغذاء والدواء لإعداد اطعمة آمنة ومطابقة للمواصفات المطلوبة. مديرة إدارة التعليم في وزارة التربية والتعليم وفاء العبداللات قالت، إن الوزارة تقوم في بداية كل عام دراسي بتعميم تعليمات المقاصف المدرسيةالاشتراطات الصحية للأغذية المسموح ببيعها في هذه المقاصف وكذلك الممنوعة على المدارس الحكومية كافة استنادا لقانون الصحة العامة وتعتبر هذه التعليمات ملزمة بموجب القانون.
وأشارت العبداللات إلى قيام المدارس بالإشراف على المقاصف المدرسية من خلال مدير المدرسة ومشرف المقصف المدرسي ولجنة مراقبة المقصف في المدرسة والمكونة من أحد المعلمين رئيسا وعضوية معلم آخر وطالب ومسؤول الصحة المدرسية (معلم الصحة) إضافة إلى متابعة وزارة الصحة من خلال مراقب الصحة التابع للمركز الصحي المجاور للمدرسة، فضلاً عن إشراف مسؤول المقاصف المدرسية في مديرية التربية والتعليم، بموازاة فريق وحدة المساءلة وتوكيد الجودة الذي يرفع تقريرا لأمين عام الوزارة عن زياراته لمقاصف المدارس الخاصة.
وأوضحت أنه في حال المخالفة‌ يتحمل مدير المدرسة ومشرف المقصف المدرسي المسؤولية القانونية في المدارس الحكومية ويتخذ بحقه العقوبة المناسبة، إضافة إلى اشعار تلافي السلبيات من مراقب وزارة الصحة، أما المدارس الخاصة فيتم إعطاء إشعارات لها حال المخالفة من خلال لجنة مشكلة من وزارة التربية والتعليم ووزارة الصحة والمؤسسة العامة الغذاء والدواء، ومن ثم إيقاف المقصف عن العمل لحين معالجة الخلل، وقد تصل العقوبة إلى حد إغلاق المقصف في حال تكرار المخالفة الصحية من خلال النماذج المعتمدة في وزارة الصحة والمؤسسة العامة للغذاء والدواء والتي يترتب عليها غرامات مالية وتحويل للمحكمة المختصة.
وأشارت إلى أن وزارة التربية والتعليم تحرص على متابعة السلامة الصحية للطلبة وتفتح أبوابها للتغذية الراجعة حولها، حيث تقوم بتنفيذ برامج الاعتماد الصحي وتنظيم حملات توعوية للطلاب، داعية إلى تضافر الجهود بين الجهات المعنية باعتبار العملية التربوية مسؤولية تشاركية.
–(بترا)