مرايا – كشفت كريمة أمين عام حزب الله، حسن نصر الله، أن الخطر الإسرائيلي الدائم الذي يتهدد والدها منذ حرب يوليو 2006 غيّر حياتها وقلبها رأسا على عقب، وأثر على علاقة السيد بالعائلة والأحفاد.
وأسهبت زينب حسن نصر الله في حديث لموقع “العهد” باستذكار أجمل لحظات الطفولة قائلة: “كل ما كان قبل حرب تموز كان جميلا، كنت أستطيع زيارة بيت العائلة براحة تامة حيث كنا نلتقي الوالد على الغداء أو العشاء. الراسخ في الذهن والمحفور في القلب صور جميلة فعندما كنا نعود من مجالس أبي عبد الله الحسين في الصيف، كنت أجلس إلى جانبه ونرتوي سويا من أكواب اللبن البارد”.
لكن بعد الحرب، تغير المشهد بفعل الخطر الإسرائيلي.
وتوضح: “أكيد أنه لا يعيش تحت الأرض وهو ليس في سجن. كل ما يحتاجه متوفر لديه. وحياته طبيعية بكل جوانبها باستثناء ما يتعلق بحركة تنقلاته ولقاءاته التي تخضع للإجراءات الأمنية”.
نصر الله مع نجله جواد
وتحدثت زينب (33 عاما)عن الصعوبات، واستذكرت لحظات الطفولة التي بكت فيها ابنة نصر الله الوحيدة لغياب والدها وانشغاله وقالت: “في عمر 10 سنوات، كنت متعلقة به إلى حد كبير وأعيش ألم البعد عندما يطيل الغياب عنا”..”أنا أفتخر بكوني ابنة فلان.. هو مصدر عزي ومكانتي التي قد لا أكون أهلا لها”
وأضافت: “بالنسبة لي تتداخل شخصيتا الأب والقائد معا. كل ما يمكن أن يتبناه من مواقف أو يطلبه من الناس كأب أو قائد هو مصدر التزام بالنسبة لي. وأبعد من ذلك إذا ما كان هناك أمر ما طبيعي أو عادي بالنسبة لأي إنسان ولكنني أعلم أنه قد يزعجه فأنا أتجنبه. فهو القدوة والنموذج”.
وأوضحت: “الدرس الأكبر الذي تعلمته من والدي هو التواضع. هو إنسان متواضع جدا وعنده من الحياء الكثير. فمع كل العظمة التي يتمتع بها، انظروا إلى حيائه وبساطة حياته، وهو ما أحبه في والدي. وأعتقد أنها الصفة التي يعشقها الناس فيه. فهم يتحدثون عن تواضعه وإحساسه بالآخرين، كما فعل عندما افتخر بكونه أصبح واحدا من عوائل الشهداء”.
نصر الله في مطلع شبابه
ودحضت زينب فكرة الحديث عن رفاهية ما وميزات خاصة كونها ابنة قائد غيّر ملامح المنطقة، وتقول: “نحن أبناء طبقة متوسطة ونحمد الله الذي جنبنا الفقر. ليس بسبب كوننا أبناء فلان. فمعيشتي على سبيل المثال هي من عمل زوجي”.
وتستذكر زينب شقيقها هادي الذي قتل في عملية ضد القوات الإسرائيلية، وتقول: “كابنة اثنتي عشرة سنة عند شهادة هادي لا يمكن أن أستحضر الكثير. لكنه كان شخصا خدوما جدا ومتواضعا ومحبا. كانت تجمعه علاقة خاصة بأبي وأمي. فهو كان يحرص أن يتجنب كل ما يمكن أن يكدر صفوهما”.
وتضيف: “أذكر أنه وبعد بدء عمله في المقاومة غاب لفترة طويلة. وفي إحدى الليالي سمعت صوته يتحدث إلى أمي. قفزت وبدأت أقبله فإذا به يحضر لي هدية. كانت عبارة عن مرآة زجاجية تصدر موسيقى. لا زلت أحتفظ بها إلى اليوم. تخيلي أنها نجت من القصف بحرب تموز”!
وتتابع: “لا يغيب أي من تفاصيل نهار شهادة هادي من عقلي. كنت في المطبخ أساعد أمي في غسل الثياب. بدأت الأخوات المقربات بالتوافد إلى المنزل. قلت لأمي هناك شيء ما.. تقوم إحدى الأخوات وتبدأ بالحديث معي عن الصبر والإيمان ممهدة لي بأنه يجب أن أساعدها بإبلاغ أمي بشهادة هادي.
في تلك اللحظة اغرورقت عيناي بالدموع بانتظار إبلاغ أمي. فوجئت أن أمي كانت مستعدة للأمر فهي كانت تعلم أنه فقد الاتصال بالمجموعة التي كان هادي جزءا منها. هي كانت تتوقع إما الأسر أو الشهادة. لم تقم بأي ردة فعل حتى إنني لم أر دمعتها أمام الناس. كنا جميعا نحرص على أن لا نعبر عن مشاعرنا أمام بعضنا البعض. كل يبكي في خلوته”.
وعن حنان ومحبة والدها الأمين العام تقول زينب: “الأمين العام لحزب الله جد محب. عندما نراه، فإن أطفالي وأبناء إخوتي جميعهم يتنافسون على الجلوس بجانبه. لذلك تجد الأحفاد الصغار جدًا، أحدهم يجلس في حضنه، والآخر على ركبته وما إلى ذلك. إنهم يصدرون الكثير من الضوضاء لتشتد المنافسة بين من سيجلس بجانبه أولا. إلا أنه لا يتذمر أبدا بل يطلب منا أن نترك الأطفال يفعلون ما يريدون حتى لو زاد صخبهم. إنه حريص على أن يكونوا سعداء ومرتاحين. كجد هو يتابع شؤون الأحفاد الأكبر سنًا، ويناقش معهم الأشياء ويشاورونه كثيرًا في حياتهم. إنهم متعلقون به. في كثير من الأحيان يكون رأيه هو الكلمة الفصل بالنسبة لهم”.
وتخلص للقول:”بالطبع إنه يفتقد بالتأكيد أفراد عائلته، ويحب أن يراهم ويقضي وقتًا أطول معهم. ومع ذلك، فهو متكيف مع الوضع ونحن نفهم جميعًا أنه من واجبنا قبول الموقف. هذا واجب عيني. لا يعتقد الكثيرون أننا نراه أحيانًا بضع مرات فقط كل عام، ولكن هذا صحيح. أقول لهم إن الأمر ليس سهلاً، خاصة وأنني ابنته ولديّ علاقة خاصة به. لكن علينا أن نضع في الاعتبار أن مجرد وجوده بيننا وبهذا القدر من العطاء فهذه نعمة لا تقدر. إنه لا ينتمي إلينا فحسب بل للأمة الإسلامية كلها”.