**محاولات التكيّف مع بعض دول الجوار جاءت أحياناً على حساب مصلحتنا
** التحديات الجغرافية والتاريخية والقضية الفلسطينية أساسية
** لوبيات فاعلة لبعض الدول العربية بالأردن
** الرد الحقيقي على حلم العدو بالوطن البديل يكون بتعزيز الهوية الأردنية والهوية الفلسطينية
** الحاجة الى الاستثمارات أدت الى استقواء رأس المال
** الإدارة الأردنية تعاني من أمراضٍ “بنيوية”
** بعض المؤسسات المستقلة تحولت إلى إمبراطوريات لا تلتزم بخطط الدولة
** مؤسسات مجتمع مدني تتلقى الدعم من قوى خارجية لا مصلحة لها بالوحدة الوطنية
مرايا – صنّف رئيس الوزراء السابق عبدالرؤوف الروابدة التحديات الماثلة أمام الأردن إلى تحديات أساسية وأخرى متغيرة.
وأوضح خلال ندوة في مركز الدراسات الاستراتيجية بالجامعة الأردنية، الاثنين، أن التحديات الأساسية تتمثل في ثلاث هي: التحدي الجغرافي والتاريخي والقضية الفلسطينية.
** (3) تحديات أساسية : الجغرافي والتاريخي والقضية الفلسطينية
وفصّل بالقول، إن التحدي الجغرافي للأردن ينبع من كونه يقع في مركز الشرق العربي، وهو نقطة اتصال بين عناصره، مشيراً إلى أن الأردن يقع بين (3) دول عربية قوية وكبيرة.
ووصف محاولة التكيف مع هذه الدول بأنها “عملية حرجة”، قائلاً: ” إنها كانت تتم في معظم الأحيان على حساب المصلحة الأردنية”.
وتابع قائلاً: “إن موقع الأردن الجغرافي أدى إلى وجود مواطنين أردنيين من أعراق وأجناس مختلفة مما أدى إلى وجود حساسية للتأثر بأي دولة أخرى”؛ لافتاً إلى أن ذلك أدى إلى وجود لوبيات فاعلة بالأردن لبعض الدول العربية.
أما التحدي التاريخي، قال الروابدة: ” إن وصف الأردن بأنه أحدى دول بلاد الشام، والتي كانت واحدة قبل التقسيم، فقد سهل ذلك محاولات الاختراق والتأثير، بدعوى أن البعض أصلٌ والآخر فرع، ومحاولات الاستقواء، بدعوى العمل الوحدوي بغض النظر عن المصالح الوطنية.”
وأكد أن الإرث النبوي للقيادة وشرعية النظام الأردني، رتب تفهم الدولة وتناغمها مع القوى الإسلامية المعتدلة، ولكنه رأى أن ذلك أدى لاحقاً الى خلافات حادة مع بعض الدول العربية والأجنبية التي تناوئ تلك القوى.
وعن تحدي القضية الفلسطينية، استعرض الروابدة (في حديثه) الدور الأردني التاريخي بالتفاعل معها والبذل لأجلها، مشيراً إلى أن الوحدة الأردنية الفلسطينية التي انتهت عام 1988م، بقرار فك الارتباط لم تعترف بها أي دولة عربية.
وأشار إلى أن فك الارتباط جاء الفلسطيني لإبراز الشخصية الوطنية الفلسطينية، وإنشاء منظمة التحرير، واعتبارها عربياً الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني.
واعتبر أن هذا الأمر وضع على الأردن مسؤولية مضاعفة جهوده ليحافظ على العلاقة مع الأهل ودعمهم، لحين الوصول الى حقهم في تقرير المصير وإقامة دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، لافتاً إلى مساعي جلالة الملك للنهوض بمسؤوليته في الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية وتحمل الأردن المسؤولية الرئيسية في موضوع اللاجئين من مواطنيه ومن أبناء غزة أو الضفة.
** تحديات متغيرة: سياسية واقتصادية وإدارية وتربوية واجتماعية والتطرف
ورأى الروابدة، أن الأردن أمام (6) تحديات متغيرة، وهي : سياسية واقتصادية وإدارية وتربوية واجتماعية والتطرف.
وقال إن الرد الحقيقي على حلم العدو بالوطن البديل يكون بتعزيز الهوية الأردنية والهوية الفلسطينية، كل منهما على أرضها، وفي ذلك مصلحة وطنية أردنية عليا لحماية الأردن وأمنه وسيادته من عبث الأطماع الإسرائيلية.
وتناول في سياق تفصيله، للتحدي السياسي، أن “صفقة القرن” هي خطر إثر تأجيل الأشقاء الفلسطينيون بعض قضايا الحل الى المرحلة النهائية.
وقال إن ترامب انتهز الفرصة السانحة، وهو يرى تداعي النظام العربي، واحتدام الصراعات العربية بشكل أزاح القضية مع المحتلين عن صدارة قائمة الأولويات .
وأكد أن الرفض المطلق لهذا المخطط سيأتي من الأردنيين والفلسطينيين على الأرض الفلسطينية، وأن جلالة الملك أعلن الرفض التام لآثار المخطط في موضوعات القدس والوطن البديل والتوطين.
وقال: “إن الإعلان المتوقع بعد رمضان للصفقة سيجد الرفض المطلق من الشعب الأردني”، محذراً مما وصفه “استغلال شكل الرفض وأسلوبه من قوى عديدة يتوقع أن تزعج الدولة الأردنية”- بحسب قوله-.
أما عن التحدي الاقتصادي، قال الروابدة: “أدت الحاجة الى الاستثمارات في مرحلة سلفت الى استقواء رأس المال، وتحكمه بمفاصل الاقتصاد الوطني ، وتمرير القوانين المؤقتة التي تخدمه.”
وأشار إلى أن الدولة أقامت مؤسسات لمكافحة الفساد الى جانب ديوان المحاسبة صاحب السلطة الدستورية، إلا أن دورها لم يحّز على ثقة المواطن بجدية تامة تطال كل القضايا والمشاريع.
ووصف الإدارة الأردنية، بأنها تعاني من أمراضٍ “بنيوية” اختزلها في أربع، أولاها: التجرؤ على الهيكل التنظيمي للدولة ولكل وزارة ودائرة، وثانيها: اختراع سلالم عديدة للرواتب بدعوى مكافأة الخبرات مما أدى إلى إحباط موظفي الخدمة المدنية.
اضافة، إلى ما وصفه بـ “التمايز” في دخول الموظفين إثر تحديد علاوات مجزية لبعض المهن بدعوى أهميتها او قدرتها على الضغط بواسطة نقاباتها، وأخيراً انتقد ربط بعض المؤسسات إدارياً برئيس الوزراء، قائلاً: “إنها تحوّلت الى إمبراطوريات لا تلتزم كثيراً بخطط الدولة، وبضعف الإشراف العام عليها.”
وأشار إلى أن المعلم بات بعيداً عن عملية التنمية والتطوير من داخل المؤسسة التربوية ومازال المنظرون التربويون يتحدثون عن الفكر المستقبلي، “إلا أن المعلم في الميدان ما زال يعمل بالأسلوب والمفاهيم نفسيهما”.
** الحكومات تستجيب للصوت العالي:
وانتقد الروابدة، ما وصفه باستجابة الحكومة لذوي الصوت العالي، قائلاً: “إن تراجع الحركة الحزبية أدى إلى العودة الى عناصر التجمع التقليدية، حيث يجد الإنسان حمايته ومجاله للتعبير ، وتتوفر له إمكانية الاستقواء على الدولة والآخرين”.
وأشار إلى أن محاولات البعض للإستقواء بالعشائرية والجهوية والإقليمية، يضاف لها قيام مؤسسات مجتمع مدني بتلقي الدعم من قوى خارجية لا مصلحة لها بالوحدة الوطنية في الأردن، بل وتقود إلى التشظي، مبيناً أن الحكومات غالباً ما تستجيب لذوي الصوت العالي.
ودعا إلى تعزيز الحصانة الوطنية بمواجهة التطرف من خلال مؤسسات التربية والثقافة والتوجيه الديني.
** خارطة طريق واضحة:
ودعا الروابدة إلى وضع خارطة طريق واضحة للإصلاح، مستعرضاً بعض عناصرها، والتي تقوم على حكومات سياسية كفؤة إدارياً وفنياً، تمارس ولايتها العامة وفق أحكام الدستور والقانون، بالتعاون والتوازي مع السلطة التشريعية.
اضافة، إلى وضع قانون انتخاب توافقي، يمثل بصدق واقع الوطن وتطلعاته، ويستفيد من التجارب السابقة، ويحرك الأغلبية الصامته لضمان التمثيل الأشمل والأوسع، والمحاربة الجدية للمال السياسي والتدخل في الانتخابات.
ودعا أيضاً، إلى تشجيع الحركة الحزبية من خلال قانون الأحزاب يضمن جدية تشكيلها واتساع قاعدتها، والتقليل من أعدادها بتوحيد المتماثل منها، لضمان دور فاعل لها في الحياة العامة.
واستعرض أفكاراً أخرى، رأى فيها طريقاً للإصلاح بينها: وضع قانون جديد للإدارة اللامركزية، وتقوية الهيئات المسؤولة عن النزاهة ومكافحة الفساد، وتوحيد مرجعية الإعلام الرسمي بقيادة “مسيسة”.