مرايا – يرى مراقبون أن خطابات رئيس أركان الجيش الجزائري أحمد قايد صالح، باتت “توجه” الحياة السياسية سواء عبر طلبات أو نصائح، حتى أن بعضهم يتساءل ما إذا كانت الجزائر تسير على خطى مصر. واتسمت المظاهرات في الجمعة الـ14 من الاحتجاجات بتطويق العاصمة واعتقال العشرات “بشكل ممنهج” حسب شهود.
اعتقلت الشرطة الجزائرية صباح الجمعة عشرات الأشخاص قرب ساحة البريد المركزي بالعاصمة حيث تلتقي المظاهرات الأسبوعية المستمرة منذ 22 فبراير/شباط للمطالبة برحيل رموز نظام بوتفليقة وإلغاء الانتخابات الرئاسية المقررة في الرابع من يوليو/تموز.
وقد غادر معظم المتظاهرين الشارع بهدوء في نهاية اليوم باستثناء عدد قليل فرقتهم الشرطة، وتم اعتقال 19 شخصا بحسب صحافي من وكالة الأنباء الفرنسية.
وقد خرجت مسيرات في مدن أخرى بينها وهران وقسنطينة، ثاني وثالث مدن البلاد.
وفي الصباح، قال مهنى عبد السلام، أحد المحتجين وهو أستاذ في جامعة باب الزوار بالعاصمة، “لاحظت أن الشرطة تعتقل بشكل منهجي كل من يحمل لافتة”، واستدرك “لكن لن نتوقف” عن التظاهر.
استجواب ومصادرة معدات تسجيل
كما أشار صحافي في وكالة الأنباء الفرنسية إلى استجواب امرأة صباح الجمعة، بينما لفت موقع “كل شيء عن الجزائر” إلى “توقيفات واسعة بين المتظاهرين” في العاصمة وإلى “حضور قوي للشرطيات، للمرة الأولى منذ بدء المظاهرات”.
من جهتها تحدثت الإذاعة عن “حضور متزايد للشرطة” في العاصمة، وأشارت خلال نشرة أخبار منتصف النهار إلى إجراءات “التحقق من الأوراق الثبوتية واستجوابات” بالإضافة إلى “مصادرة معدات تسجيل للصحافيين”.
واصطفت سيارات الشرطة إضافة إلى طوق أمني شكلته قوات مكافحة الشغب لمنع المحتجين من الاقتراب من مبنى البريد المركزي الذي يعتبر رمزيا في قلب العاصمة وشكل نقطة انطلاق منذ 22 فبراير/شباط لمسيرات الحركة الاحتجاجية غير المسبوقة ضد النظام.
وكما جرى في الأسابيع الماضية، استهدفت الشعارات بشكل خاص قائد أركان الجيش أحمد قايد صالح الذي بات بحكم الأمر الواقع الرجل القوي في البلاد منذ استقالة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في الثاني من أبريل/نيسان تحت ضغط الشارع والجيش.
“مدينة محاصرة”
تداولت مواقع التواصل الاجتماعي دعوات إلى عدم الرد على الاستفزازات الأمنية والحفاظ على الطابع السلمي لحركة الاحتجاج.
وكتب القيادي في حزب العمال الاشتراكي سمير العربي عبر فيس بوك أنه “برفقة عشرين من المواطنين في عربة المساجين” وأرفق ذلك بصورة.
وندد الصحافي حمدي باعلاء في تغريدة بـ”مدينة محاصرة من النظام الذي يأمل نهاية التظاهرات”.
وللأسبوع الرابع عشر على التوالي، يتظاهر الجزائريون للمطالبة بتفكيك “النظام” الحاكم ورحيل رموزه وأولهم الرئيس بالوكالة عبد القادر بن صالح ورئيس الوزراء نور الدين بدوي ورئيس الأركان وجميعهم كانوا من المساعدين المقربين من بوتفليقة.
كما يطالب المحتجون بعدم إجراء الانتخابات الرئاسية المقررة في الرابع من يوليو/تموز، معتبرين أن أركان النظام القديم لا يمكنهم ضمان انتخابات حرة ومنصفة.
سيناريو شبيه بمصر؟
وعشية انتهاء الأجل القانوني للترشح، لم يعلن عن ترشح أي شخصية ذات أهمية سياسية. كما يثير الرفض الواسع للاقتراع شكوكا متزايدة حول تنظيم الانتخابات الرئاسية.
وفي حين يلزم رئيس الجمهورية بالوكالة ورئيس الوزراء الصمت، أدلى رئيس أركان الجيش بثلاثة تصريحات خلال الأسبوع.
فقد رفض الاثنين المطلبين الرئيسيين للحركة الاحتجاجية، وهما تأجيل الانتخابات الرئاسية ورحيل كل رموز “النظام” الموروث من عشرين عاما من حكم بوتفليقة.
واعتبر أن “إجراء الانتخابات الرئاسية يمكن من تفادي الوقوع في فخ الفراغ الدستوري، وما يترتب عنه من مخاطر وانزلاقات غير محمودة العواقب”. واتهم “ذوي المخططات المريبة” باستخدام المظاهرات “للمطالبة بالرحيل الجماعي لكافة إطارات الدولة بحجة أنهم رموز النظام، وهو مصطلح غير موضوعي وغير معقول، بل خطير وخبيث”.
ودعا الجزائريين الثلاثاء إلى التحلي بـ”اليقظة” ووضع “يدهم في يد جيشهم” لمنع “أصحاب المخططات الخبيثة” من “التسلل” وسط المحتجين، كما جاء في خطاب ألقاه أمام قادة القوات المسلحة.
ثم نفى قائد أركان الجيش الأربعاء أن تكون لديه “طموحات سياسية”.
ويرى مراقبون أن خطابات قايد صالح الدورية أمام ضباط الجيش، باتت “توجه” الحياة السياسية سواء عبر طلبات أو نصائح، حتى أن بعضهم يتساءل ما إذا كانت الجزائر تسير على خطى مصر.
وكما في مصر، فإن الجيش الجزائري يلعب دورا محوريا في السلطة الحاكمة منذ الاستقلال عن الاستعمار الفرنسي عام 1962.فرانس24/ أ ف ب