مرايا – استفزت صحيفة “وول ستريت جورنال”، استطلاعا للرأي، نشرته يوم 8 يونيو الجاري، الفلسطينيين عندما قالت في عنوان رئيس لها إن “بعض” الفلسطينيين يتنازلون عن حقهم في إقامة الدولة، توصلت نتائجه إلى أن معظم الفلسطينيين يرغبون في تسوية عادلة ودائمة لقضية الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وفي ثنايا النتائج أشارت الصحيفة إلى “تخلي بعض الفلسطينيين عن فكرة الاعتراف بدولتهم الخاصة، وبدأ بعضهم يتقبّل حل الدولة الواحدة”.

ولكن أي شخص يتابع أحداث القضية الفلسطينية يعرف أن عدداً من الفلسطينيين أخذوا يؤيدون حلاً للقضية الفلسطينية بدولة واحدة هي إسرائيل، بحيث يحصلون على الجنسية الإسرائيلية.

لكن هذه النتيجة لم تأتِ من التطلعات الوطنية القاتمة، وإنما من الواقعية المرهقة لشعب يعيش تحت الاحتلال ويواجه أفضل وأقوى جيش في الشرق الأوسط، والذي يحظى بدعم أقوى دولة في العالم.

وعرَّفت الفيلسوفة الأميركية من أصل ألماني، حنا أرندت، كون المرء بلا دولة تمثله، مثل من يفقد الحق في أن تكون له حقوق. ولدى مواجهة خيار إما تحقيق حقوق المواطنة في أي دولة مهما كانت أو البقاء بلا جنسية، يفضل الفلسطينيون الخيار الأخير وهو ما يمكن أن يفضله أي شخص آخر. ولكن ذلك يختلف عن قبول حالة عدم الجنسية التي يعرضها صهر الرئيس الأميركي غاريد كوشنر.

وفيما يلي استطلاع لآراء الفلسطينيين في هذه القضية، إضافة إلى الآراء الحقيقية للفلسطينيين فيما يتعلق بخطة كوشنر والرئيس الأميركي دونالد ترامب نشره موقع ” كومون دريمز – Common Dreams”:

ثمة أغلبية ساحقة من الفلسطينيين نسبتها 83% يعتقدون أن إدارة ترامب غير جادة فعلاً في طرح خطة سلام جديدة، في حين أن 12% يعتقدون أنها جادة. وثمة أغلبية كبيرة يعتقدون أنه إذا قدمت الولايات المتحدة فعلاً خطة سلام، فإنها لن تدعو إلى إنشاء دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل، في حين يعتقد 15% أنها ستدعو فعلاً. وبصورة مشابهة يعتقد 81% من الفلسطينيين أن الخطة لن تدعو إلى جعل عاصمة فلسطين في القدس الشرقية، في حين أن 14% يعتقدون أنها ستفعل.

ويعتقد 78% من الفلسطينيين أن خطة ترامب لن تدعو إلى حدود للدولة الفلسطينية، تستند إلى خطوط 4 يونيو 1967، مع إجراء مقايضة بسيطة ببعض الأراضي، في حين يعتقد 17% أنها ستفعل.

وتعتقد أغلبية ساحقة نسبتها 84% من الفلسطينيين أن خطة السلام لن تدعو إلى حل عادل لمشكلة اللاجئين، في حين يعتقد 10% أنها ستفعل. وهناك نسبة مشابهة قدرها 84% من الفلسطينيين تعتقد أن خطة السلام لن تدعو إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وانسحاب الجيش الإسرائيلي من المناطق التي احتلتها إسرائيل عام 1967، في حين أن 11% يعتقدون أنها ستفعل. ويعتقد 79% من الفلسطينيين أنه يتعين على القيادة الفلسطينية أن ترفض خطة السلام الأميركية، هذا إذا قدمتها، في حين يعتقد 14% أنه يجب أن تقبلها.

لكن إذا تضمنت خطة ترامب فعلاً كل هذه البنود المذكورة آنفاً، تدعو أغلبية نسبتها تصل إلى 52% إلى رفضها، و34% تدعو إلى قبولها. وتكون نسبة من يدعو إلى قبولها أكبر في قطاع غزة حيث تصل إلى 55%، في حين أن نسبة الرافضين لها أعلى في الضفة الغربية حيث تصل إلى 59%.

وتعارض أغلبية من الفلسطينيين نسبتها 64% استئناف التفاوض بين القيادة الفلسطينية وإدارة ترامب.

ويتضح من هذا الاستطلاع أن المواطنة والحقوق المدنية الأساسية أكثر أهمية من الدولة بحد ذاتها، بالنسبة للكثير من الناس.

وبناء عليه، فإن النتائج التي خلص إليها هذا الاستطلاع لا تدعم خطة كوشنر.

استطلاع “وول ستريت جورنال” المثير للجدل الذي تتوفر قرائن كثيرة كافية لدحض نتائجه، والسياق الفلسطيني العام، والتغييرات التي أحدثتها الخطة التي مازالت إلى في مرحلة المشروع ولم تبرح مستوى التصريحات الإعلامية، كلها عوامل متضافرة تدفع إلى طرح أسئلة عميقة متصلة بغد القضية الفلسطينية؛ هل بدأ بعض الفلسطينيين، فعلا، في تقبل حل الدولة الواحدة؟ هل أننا إزاء نظر فلسطيني جديد للقضية، قوامه تقديم الحقوق على الدولة؟ وكيف يترجمُ الفلسطينيون رغبتهم في تسوية عادلة ودائمة للقضية؟.