مرايا – في الوقت الذي أشاد به “المرصد العمالي الأردني” بالتعديلات الإيجابية التي قدمتها الحكومة على قانون الضمان الاجتماعي التي من شأنها تعزيز الحمايات الاجتماعية للعسكريين، انتقد بشدة تعديلات أخرى من شأنها المساس ببعض الحدود الدنيا من الحمايات الاجتماعية للعاملين في منشآت الأعمال الحديثة.
ووصف البيان الذي أصدره المرصد العمالي الأردني التابع لمركز الفينيق للدراسات اليوم السبت، التعديلات المتعلقة بإلغاء التقاعد المبكر للمشتركين الجدد دون أن يرافقها تطبيق سياسات موازية تتعلق بالأجور والفصل من العمل والتأمين ضد البطالة، انها “تعديلات غير عادلة”، وأنها “ستعمق الاختلالات والفجوات التي تعاني منها منظومة الحماية الاجتماعية المعمول بها في الأردن”.
واستهجن البيان “أن يكون تشجيع الاستثمار وتحفيز الاقتصاد على حساب توفير الحمايات الاجتماعية الأساسية للعاملين”.
وجاء في البيان أنه “من غير المقبول اجراء تعديلات على قانون الضمان الاجتماعي تنتقص حق من حقوق المواطنين”، وطالب “بإجراء حوار ومشاورات حقيقية معمقة تنعكس نتائجها على ملامح هذه التعديلات، خاصة وأن التعديلات تمس في جانب منها الغاء التقاعد المبكر للمشتركين الجدد بعد نفاذ التعديلات، ومن جانب آخر تقديم تسهيلات للمنشئات حديثة النشأة من خلال عدم تقديم بعض الحمايات الاجتماعية للعاملين لديها”.
وطالب البيان بضرورة تنفيذ سياسات موازية لإلغاء فكرة التقاعد المبكر للمشتركين الجدد في الضمان الاجتماعي، وأشار الى بعضها مثل: “تخفيض اشتراكات الضمان الاجتماعي على الجميع، والتي اعتبرها “المرصد العمالي” عقبة ليس فقط أمام منشئات الأعمال الجديدة، بل منشآت الأعمال القائمة – خاصة وأن الحكومة لم تقم بتفعيل التأمين الصحي وفق البيان “لكافة المشتركين في الضمان الاجتماعي- وسبق أن طالب المرصد العمالي بتخفيض اشتراكات الضمان الاجتماعي على كافة العاملين وكافة أصحاب الأعمال، الى حين تفعيل التأمين الصحي للمشتركين”.
الى جانب ذلك طالب المرصد العمالي بضرورة “وضع معايير واضحة في قانون العمل تحول دون أجراء عمليات الفصل التعسفي وغير التعسفي للعاملين والعاملات في مراحل عمرية معينة، تدفعهم الى سوق البطالة (لأنهم لم يصلوا سن التقاعد الوجوبي و/أو المبكر)، ويكون من الصعب عليهم الالتحاق في سوق العمل كعاملين مرة أخرة، وهذه ظاهرة منتشرة جدا في الأردن، لأن ذلك يمكن أن يعرضهم للانضمام الى شرائح الفقراء المختلفة”.
وطالب المرصد العمالي كذلك “بتعديل آليات تعويض التعطل عن العمل –المعمول به حاليا- ليصبح تعويضا للبطالة، بحيث يمكن العاملين والعاملات الذين تعرضوا للفصل -تعسفي وغير تعسفي- من الحصول على تعويضات توفر لهم الحياة الكريمة، لأن إمكانية إعادة انخراطهم في سوق العمل كعاملين أصبحت صعبة جدا، بعد تجاوزهم/ن سن 50 عاما”.
كذلك أوضح بيان المرصد العمالي ان الغاء التقاعد المبكر للمشتركين الجدد، يتطلب “إعادة النظر بشكل ملموس بسياسات الأجور والحد الأدنى لها باتجاه زيادتها، اذ أن غالبية المتقاعدين في سن مبكرة (التقاعد المبكر) يقدمون على هذه الخطوة بسبب عدم كفاية رواتبهم الشهرية لتغطية النفقات الأساسية لأسرهم، والتي تتزايد بشكل ملموس مع التقدم بالعمر، وبسبب ارتفاع أسعار السلع والخدمات الأساسية المختلفة، وخاصة نفقات التعليم ما بعد الأساسي في الأردن (العام والخاص)، في الوقت الذي لم يرافقه زيادات حقيقية على مستويات الأجور للغالبية الكبيرة من العاملين”.
وطالب البيان الحكومة بتقديم “تسهيلات وحوافز للاستثمارات الجديدة” والتي أكد أنها حاجة ملحة، من خلال أدوات أخرى بدل المس بحقوق العاملين، والتي أشار الى بعضها مثل: تخفيض اشتراكات الضمان الاجتماعي بشكل عام، و/أو منحها تخفيضات ضريبية على مدخلات الإنتاج (ضرائب خاصة والضريبة العامة على المبيعات وضريبة الدخل)، إضافة الى إمكانية تخفيض أسعار الفوائد البنكية للقروض الممنوحة لهذه الاستثمارات.
وفي ذات السياق، أكد “المرصد العمالي الأردني” على ضرورة اجراء تعديلات على قانون الضمان الاجتماعي لتسهيل انضمام فئات العاملين غير المشمولين أصلا في منظومة الضمان الاجتماعي (العاملين غير المنظمين) وعلى وجه الخصوص “العاملين مع أنفسهم مثل السائقين والعاملين في المهن الحرة، والذين فشل الإطار المعمول به حاليا (الاشتراك الاختياري) في شمولهم، اذ أن الصيغة المعمول بها والمتمثلة في قيامهم بدفع ما نسبته (15.5%) من رواتبهم لاشتراكهم في الضمان الاجتماعي، لم تنجح في شمولهم فيه”.
وطالب البيان بتقديم “تسهيلات لشمولهم، مثل تخفيض قيمة الاشتراك الاختياري ليصبح مشجعا لهذه الفئات الواسعة من العاملين – والتي تصل الى مئات الالاف من العاملين- لتنضم الى عائلة الضمان الاجتماعي، حتى ولو تطلب الأمر قيام الحكومة بإنشاء صندوق خاص لتغطية هذه الفروقات التي تترتب على عملية تخفيض اشتراكات المشمولين وفق آلية الاشتراك الاختياري”، على اعتبار أن الحمايات الاجتماعية تعد استثمارا وليس نفقات فقط.
وطالب البيان جميع الأطراف الحقوقية والنقابية بالتصدي لهذه التعديلات، ولضمان عدم المساس بالحمايات الاجتماعية والتي أشار المرصد العمالي أن “من شأن تمريرها الاخلال بمنظومة الحماية الاجتماعية الأردنية بشكل عام ومنظومة الضمان الاجتماعي بشكل خاص”.