مرايا – “العيال كبرت”، مسرحية عاشت مع الجمهور المصري والعربي على مدار 40 عاماً، فمن منا لا يتذكر مقتطفات مضحكة من هذا العمل المسرحي الخالد، كمشهد محاولة سلطان السكري قراءة الرسالة الغرامية المرسلة إلى والده، “لقد حجزت لك تذكرتين”. وبنموذج مصغر، أعادت المصممة المصرية وسام دسوقي الحياة لمسرحية “العيال كبرت” بتجسيد ديكور المسرحية وأبطالها.
وخطرت فكرة مشروع مجسم مسرحية “العيال كبرت” لدسوقي، عندما عرضت فكرة تنفيذ مقدمة برنامج يعيد إحياء مشاهد من السينما والمسرح لتوثيقها بطريقة ملموسة.
واختارت دسوقي أن تبدأ بتنفيذ مجسم لمسرحية العيال كبرت بسبب الديكور الشهير للمسرحية، والذي صممه الفنان التشكيلي ومهندس الديكور هاني ديفيد المصري، والذي لا يزال مخلداً في مخيلة جميع من شاهد المسرحية في مصر والعالم العربي، بعد مرور كل هذه السنوات، ومن السهل تمييزه عن أي ديكور مسرحية أخرى.
ولعل السبب الأبرز في اختيار دسوقي البدء بصنع مجسم مصغر لمسرحية “العيال كبرت” كان مجموعة من النجوم الذين نجحوا بتخليد عمل مسرحي، مازال يعيش مع الجمهور العربي حتى اليوم.
وتدور أحداث المسرحية الكوميدية حول عائلة السكري والمكونة من 3 شباب، وفتاة، وزوجة طيبة، وزوج طفح به الكيل. ويفقد الزوج رمضان (يجسده الممثل مصطفى حسن)، الأمل في إصلاح أولاده، إذ يعيش كل فرد من العائلة في عالمه الخاص. ويقرر رمضان الهروب والزواج بامرأة أخرى صغيرة في السن، ويكتشف ابنه الأوسط كمال، (يجسده الفنان أحمد زكي)، وهو متفوق دراسياً ويريد الزواج من جارته المطلقة التي تكبره سناً، خطة والده عن طريق الصدفة، ويقوم بإبلاغ إخوته، سلطان، الأخ الأكبر، (يجسده الممثل سعيد صالح)، وهو الشاب “الصايع” الذي لا يهتم لدروسه، وعاطف، آخر العنقود، (يجسده يونس شلبي)، وهو المدلّل لدى أمه وموهوب في الرسم كما أنه مهووس بالفنانة سعاد حسني، وسحر الإبنة الوحيدة، (تجسدها الممثلة نادية شكري)، وتتدرّب سراً في مدرسة رقص شرقي ملحق بـ”كباريه”، من أجل منعه. ويتكاتف الإخوة من أجل إصلاح حالهم وإنقاذ مستقبل عائلتهم من الضياع.
ولم يتبق على قيد الحياة من أبطال العمل سوى الفنانة نادية شكري، “سحر السكري”، لذا تريد دسوقي أن يكون المشروع بمثابة تكريم لجهود من رحلوا وتركوا عملاً تتوارثه الأجيال المصرية، ويشاهده الجمهور المصري والعربي في المحافل والمناسبات.
وترى دسوقي أن تجسيد الممثل سعيد صالح لشخصية سلطان كان أساسياً، إذ قالت إن العمل كان “سيختل بأكمله” إذا لم يجسد سعيد صالح دور سلطان.
وتُوضح دسوقي أن هذا النوع من الفن “دقيق” للغاية، لأنه يتطلب تصميم تفاصيل مماثلة للحقيقة، وهو أمر مجهد، ويحتاج إلى الكثير من الصبر.
وتطلّب التصميم الكثير من العمل ليكون المشهد غنياً بالتفاصيل، والتي من الممكن أن لا تظهر من خلال عدسة الكاميرا من الأساس، ولكنها تعطي إنطباعاً في المجمل أن كل شئ في موضعه، فمثلاً “التليفون الأحمر القديم”، والذي يظهر في الخلفية، أخذ وقتاً في تنفيذه، بالإضافة إلى التفاصيل الدقيقة الأخرى.
وبالنسبة إلى دسوقي، تكمن صعوبة تصميم دمى الشخصيات في أنها شخصيات معروفة ومحببة لدى الكثيرين، ولم ترغب المصممة المصرية بأن تجازف بنحت وجوه لا تشبه “أصحابها الأصليين”، لذا شكل ذلك تحدياً لها، خاصةً وأن هذه تجربتها الأولى في هذا النوع من الفن، إذ لم تلتحق دسوقي في كلية الفنون، وأنجزت المشروع بالجهود الذاتية.
واستغرق المشروع الذي بدأته دسوقي في أواخر يونيو/ حزيران مدة شهرين ونصف، ثم انتظرت مدة شهر حتى وجدت فرصة مناسبة لتشارك صوراً لمجسم المسرحية وشخصياتها عبر صفحاتها على مواقع التواصل الاجتماعي.
ولاقى المشروع انتشاراً واسعاً عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وكانت ردود الأفعال غير متوقعة، إذ لم تقصد دسوقي أن تؤجج مشاعر “النوستالجيا”، أي الحنين إلى الماضي، لدى متابعيها، ولكنها تتفهم الأمر، إذ ترتبط المسرحية لدى كل منا بذكريات خاصة. (سي ان ان)