مرايا – قال رئيس مجلس الاعيان فيصل الفايز، أته لم يعد مقبولا السكوت عن معاناة اللاجئين وتزايد اعدادهم في العالم، مشيرا إلى أنه آن الأوان لأن تحظى مشكلتهم بالاهتمام الدولي الفاعل لوضع حد لها، ولحماية الدول المستضيفة لهم.

جاء ذلك في الكلمة التي القاها في مؤتمر قمة البوسفور الذي بدأت اعماله اليوم في اسطنبول، تحت عنوان: “اللاجئين والهجرات القصرية”، بمشاركة عدد من رؤساء الدول والبرلمانات والمنظمات والهيئات الدولية، إضافة الى عدد من خبراء القانون الدولي والناشطين في مجال حقوق الانسان والذين يمثلون اكثر من ثمانين دولة .

وقال الفايز “اننا وعند الحديث عن معضلة الهجرة واللجوء، تلك الظاهرة التي تتفاقم باستمرار، نكتفي بمعالجة أعراض المشكلة، وكيفية التعامل مع آثارها السلبية الخطيرة، بينما نبتعد عن الكشف عن اسبابها وعدم التركيز بالقدر الكافي ،على حل الصراعات التي تسببت في إجبار الناس على مغادرة أوطانهم ،والتخلّي عن حياتهم الآمنة المستقرّة”.

واضاف: “أقول بكل أسف، أن منظمة الأمم المتحدة التي أنشئت منذ عام 1946، لحل النزاعات بين الدول بالطرق السلمية، وبالتفاوض والاتفاق بدلاً من الاحتكام للسلاح، لم تحقق نجاحات ملحوظة في حل النزاعات، تلك النزاعات التي تتزايد، وتتزايد كذلك موجات التطرف والعنف، والتفكّك البشري، وخطاب الكراهية، والتعصّب والطائفية، وغير ذلك من النزعات الشريرة التي تهدّد بخطورة أمن وسلامة هذا العالم”.

وتساءل الفايز في كلمته: “لماذا عجزت الأمم المتحدة، عن حل الصراع العربي الاسرائيلي على مدى العقود الماضية، وعن ايجاد حلول للازمة السورية، أو العراقية أو الليبية؟”، مبينا ان استمرار هذه الازمات بدون حلول تسبب بمآسي كثيرة وحروب مستمرة، وإهدار للمال والموارد، وخسائر بشرية ودمار، مضيفا: “وما مشكلة اللجوء والتشرد، إلا إحدى مظاهر استمرار هذه الأزمات بلا حلول”.

وعرض الفايز التجربة الاردنية في التعامل مع قضية اللاجئين، وقال: “لقد استقبل الأردن أول موجه لجوء من فلسطين بعد حرب عام 1948، تلتها موجة ثانية بعد حرب 1967، ثم موجة ثالثة من الفلسطينيين العاملين في الخليج، عقب حرب الخليج الأولى عام 1991، هذا يعني أن اللاجئ عندما يضطر لمغادرة وطنه مكرهاً بسبب الصراعات، لا يعرف مصيره أو موعداً لعودته، فالفلسطيني الذي غادر وطنه قبل اكثر من سبعة عقود، وربما كان يعتقد أنه سيعود في مدى أسابيع أو أشهر، لا يزال يعيش في الشتات حتى يومنا هذا، ولا يزال الأردن يستضيف عدد كبيرا من اللاجئين الفلسطينيين ينتظرون أن ينصفهم القانون الدولي، ويهيئّ لهم ظروف العودة إلى أوطانهم”.

وبين ان الاردن وخلال حرب الخليج الأولى عام 1991 أيضاً، استقبل أيضاً موجة كبيرة من اللاجئين العراقيين، تجاوز عددهم المليون لاجئ، ونتيجة الحروب، والأزمات المتلاحقة والمستمرّة في منطقتنا، استمرار الأردن مقصداً رئيسياً للاجئين، لما يتمتع به من أمن واستقرار، وبما عرف عنه من معاملة كريمة وانسانية لكافة اللاجئين اليه، قاصدين السلامة والامان، مهما كان عرقهم أو دينهم، أو بلدهم، واليوم فان الاردن وبسبب الأزمة السورية، لا يزال يستضيف حوالي مليون و300 ألف لاجئ سوري.

واكد الفايز في المؤتمر ان الاردن تعامل مع اللاجئين، بما يحفظ لهم كرامتهم ويؤمن كامل احتياجاتهم، خاصّة الصحية والتعليمية، بالرغم من شح الموارد، ونقص المساعدات الدولية، وما ذلك إلا التزاماً بدوره الاخلاقي، والانساني، مبينا ان حجم الانفاق الاردني على اللاجئين السوريين وحدهم بلغ اكثر من (عشرة مليارات و300 مليون دولار نهاية العام2017)، ما أدى لرفع المديونية وازدياد نسب الفقر والبطالة، اضافة الى البعد الأمني للمشكلة، وما يتسبب به ذلك من تحديات.

وطالب الفايز بان يتحمل المجتمع الدولي مسؤولياته تجاه الأردن، والقيام بجهود حقيقية لمعالجة الظروف التي فرضت على المواطنين الآمنين التخلّي عن مدنهم وقراهم ومنازلهم، بحثاً عن النجاة والأمن في بلدان أخرى، مؤكدا على انه قد آن الأوان لتحظى مشكلة اللاجئين، بالاهتمام الدولي الفاعل لوضع حد لها، ولحماية الدول المستضيفة لهم.

وقال: “لا أملك أرقاما لأعداد اللاجئين في منطقتنا وفي مواقع اخرى في عالمنا، لكنها بالتأكيد أرقام كبيرة وتزداد باستمرار، ومع ذلك لم يُحْدِثْ تفاقم الظاهرة والمآسي الناجمة عنها، أي تأثير في المحافل الدولية ولدى الدول العظمى، القدر اللازم من الإرادة السياسية لبذل المزيد من الجهد لحل النزاعات التي تسبب اللجوء”.

وبين ان التوجه لمعالجة اسباب اللجوء والهجرات القصرية، يجب أن لا يكون على حساب العناية بجمهور اللاجئين، “فرعاية اللاجئين هي ايضاً واجب دولي وانساني واخلاقي علينا جميعاً أن نضطلع به، وعلى الأمم المتحدة أن تضعه في مقدمة أولوياتها، وتعمل على معالجة اسبابه وحل النزاعات، وذلك حتى يعود السلام والاستقرار السياسي والاجتماعي لمنطقتنا، والتي حرمت منه لعقود طويلة، ولتتمكن شعوبها من بناء أنظمة ديمقراطية، تسودها العدالة والسلم والأمن والازدهار”.