مرابا – بحلول منتصف يناير/كانون الثاني كل عام، وحتى العشرين من فبراير/شباط، يكون طلاب العالم على موعد مع واحدة من أبرز المنح الدراسية الدولية الممولة بالكامل.

“المنحة التركية” الممولة من قبل حكومة تركيا تمنح فرصة لآلاف الطلاب لاستكشاف متعة التعليم التركي والثراء التاريخي والثقافي لهذا البلد.

وتشتهر “المنحة التركية” – كما جاء في تقرير للجزيرة -التي تديرها رئاسة شؤون أتراك المهجر والمجتمعات ذات القربى (ي ت ب)- بارتفاع نسب القبول بها، إذ وفرت عام 2019 نحو خمسة آلاف فرصة لطلاب أجانب، لاستكمال دراساتهم في الجامعات التركية، إذ يستثنى من المنحة الأتراك المسجلين بالفعل في جامعات داخل نطاق تركي، ويمكن التقديم من خلال موقع (Turkiyeburslari.gov.tr).

بدأت تركيا هذا البرنامج التعليمي عام 1992 تحت اسم “مشروع الطلبة الكبير”، وفي 2012 تحول اسمه إلى “المنحة التركية”، بهدف أن تصبح تركيا “قاعدة للتعليم على مستوى العالم”.

وحسب عبد الله أرن، مدير رئاسة أتراك المهجر والمجتمعات ذات القربى، تعمل الرئاسة المذكورة على زيادة أعداد المستفيدين من المنح الدراسية إلى 25 ألف طالب حتى عام 2023.
ووفقا لأحدث الإحصاءات، هناك 17 ألف طالب من مختلف دول العالم، يستفيدون في الوقت الراهن من برنامج المنحة، ويواصلون تعليمهم في الجامعات التركية.

وشهد برنامج المنح عام 2019 تسجيل 145 ألفا وسبعمئة طالب من 167 دولة من كل أنحاء العالم.

امتيازات المنحة
يوفر برنامج “المنحة التركية” فرصة ذهبية للطلاب الدوليين والباحثين، لمواصلة تعليمهم في أبرز الكليات التركية، دون تحمل أي أعباء مالية.

تغطي المنحة التركية الرسوم الدراسية، وتكلفة تذكرة طيران سنوية للطالب للعودة إلى وطنه، والتأمين الصحي، والسكن، وبرنامج تعلم اللغة التركية لمدة عام، إضافة إلى منح الطالب راتبا شهريا؛ حسب مرحلته الدراسية.

وتشمل المنحة الدراسية لبرنامج مرحلة البكالوريوس راتبا شهريا يقدر بسبعمئة ليرة، في حين يتراوح الراتب الشهري لطلاب الدراسات العليا بين 950 ليرة لطالب الماجستير و1400 لطالب الدكتوراه.

وبمجرد حصول أي شخص على المنحة، تتولى إدارتها تسجيله رسميا في القسم والجامعة المناسبة لمؤهلاته.
اعلان

المستحقون
يحق لجميع الطلاب حول العالم التقديم للمنحة التركية، وهي وفقا لمعايير المرحلة الجامعية الأكاديمية ألا يقل معدل المتقدم في الثانوية عن 70% لكافة التخصصات و90% لتخصصات المجموعة الطبية (طب بشري، وأسنان، وصيدلة).

أن يكون قد تخرج أو على وشك التخرج من الثانوية العامة (البكالوريا)، حيث يمكن بوثيقة من المدرسة التي يقوم بدراسة الثانوية العامة بها أن يثبت معدله، وأنه مقيد بالمرحلة الأخيرة من الثانوية العامة، وألا يتجاوز عمر المتقدم 21 عاما.

أما مرحلة الدراسات العليا، فيتعين على المتقدم لبرنامج الماجستير ألا يزيد عمره على ثلاثين عاما، وألا يقل معدله التراكمي في درجة البكالوريوس عن 75%، أما برنامج منح الدكتوراه فيشترط ألا يزيد عمر المتقدم على 35 عاما، وألا يقل معدله بدرجة الماجستير عن 75%.

البرامج والتخصصات
يشمل برنامج المنحة التركية جميع التخصصات تقريبا، وتنقسم هذه التخصصات وفق عدد من البرامج التي تختلف باختلاف طبيعة المواد، سواء كانت أدبية أو علمية، والطلاب المستهدفين.

وتعطي المنحة جميع الحاصلين عليها سنة تحضيرية للغة التركية في حال عدم تقديمهم شهادة إتقان لغة تركية معترف بها. وتعلم التركية شرط إجباري في جميع التخصصات، حتى التي يتم تدريسها أو بعض موادها بالإنجليزية.

كما ينطبق شرط تعلم اللغة التركية على طلاب الدراسات العليا، لكن مدة الدراسة تتراوح بين عامين و4 أربعة أعوام، مع إمكانية التمديد بالاتفاق مع المشرف المسؤول عن رسالة الطالب وإدارة المنحة.

وبالنسبة للبرامج المقدمة لطلاب درجة البكالوريوس، هناك سبع منح منفصلة تندرج تحت مظلة “المنحة التركية”، وتختلف باختلاف الطلاب المستهدفين، ويعد من أبرزها الموجه إلى طلاب دول أفريقيا وعدد من الدول العربية على النحو التالي:

1- منحة تركيا أفريقيا
وهي مقدمة لطلاب القارة الأفريقية، وتدعم بعض تخصصاتها اللغة الإنجليزية، وتشمل برامج القانون، والرياضيات، والفيزياء، والزراعة، والتجارة، وإدارة الأعمال، والاقتصاد، والهندسة، وعلوم البيئة، والبرمجيات والحاسوب، والشؤون الدولية، والتاريخ، والإعلام، وغيرها من العلوم الاجتماعية الإنسانية.

2- منحة البوسفور
مقدمة لمواطني 58 دولة، بينها قطر والكويت وسلطنة عمان والسعودية، ويتم تدريس بعض تخصصاتها باللغة الإنجليزية، وتشمل برامج الهندسة والتكنولوجيا، والعلوم الاجتماعية، والدراسات الإنسانية، والعلوم الإدارية.

3- منحة حران
مقدمة لطلاب 11 دولة، بينها العراق والأردن ولبنان وفلسطين سوريا واليمن، ويتم تدريس بعض تخصصاتها باللغة الإنجليزية.

يشمل هذا البرنامج جميع التخصصات باستثناء العلوم الطبية والطب البشري وآداب اللغة التركية والدراسات الإسلامية.

برامج الدراسات العليا
1- منحة “علي كوشتشو” للعلوم والتكنولوجيا، وهي مقدمة لجميع الطلاب الدوليين المسجلين في بلادهم في درجتي الماجستير والدكتوراه في مجالات العلوم والهندسة والتكنولوجيا.

2- منحة “ابن خلدون” للعلوم الاجتماعية، مقدمة لطلاب الماجستير والدكتوراه في مجالات الإنسانيات، والتاريخ، والقانون العام والعلوم السياسية والعلاقات الدولية والتخطيط ودراسات التنمية، وغيرها من العلوم الاجتماعية وصولا إلى مجالات الاقتصاد وإدارة الأعمال وإدارة الموارد البشرية، ويتم تدريس بعض التخصصات باللغة الإنجليزية.
اعلان

3- منحة “ابن سينا” للعلوم الطبية، مقدمة لطلاب الماجستير والدكتوراه من كافة أنحاء العالم، دارسي علوم الطب البشري، وطب الأسنان، والصيدلة، ويتم تدريس بعض تخصصاتها باللغة الإنجليزية.

4- منحة “يونس إمره” للغة التركية، مقدمة لطلاب الماجستير والدكتوراه المختصين في اللغة التركية وآدابها والدراسات الثقافية، وتدرس بالتركية.

5- منحة “الإلهيات” للدراسات الإسلامية، مقدمة لطلاب الماجستير والدكتوراه المختصين في العلوم الدينية واللاهوت، وتدرس بالتركية.

تجارب سابقة
آية سليمان فتاة مصرية، التحقت بالمنحة التركية عام 2013، لاستكمال دراسة الماجستير في جامعة سكاريا (شمال غربي تركيا)؛ وصفت التجربة للجزيرة نت بأنها “أهم حدث في حياتها”.

وأضافت “كل شيء كان منظما، بدءا من استقبالنا في المطار وتوزيعنا على سكن الطلاب وفتح حساباتنا البنكية، التي نتلقى عن طريقها الراتب الشهري الذي تقدمه المنحة”.

وأشادت آية -التي كانت تجيد اللغة التركية- بالمستوى العالي الذي تميزت به الخدمات المقدمة لطلاب المنحة، سواء على صعيد نظافة غرف السكن، أو وجبات الطعام، إضافة إلى تعاون الأساتذة والطلاب الأتراك.
اعلان

تابعت “سكن الطلاب في تركيا كالفنادق، وهذا يشعر به الجميع في مختلف الولايات التركية، سواء كانت المدن كبيرة أو صغيرة، جميع الخدمات متوفرة”.

وحول مراحل التقديم للمنحة، طالبت آية المتقدمين بالتركيز على المقابلة الشخصية التي تجرى في الوطن الأم، والاستعداد لها جيدا، كما دعت من يصل هذه المرحلة إلى عدم الاهتمام بالتحدث بالتركية خلال المقابلة إن لم يكن يجيدها، لأن هذا لن يضيف له شيئا، مضيفة “المنحة تلزم الجميع بالحصول على سنة تحضيرية في اللغة التركية لمساعدتهم على فهم المواد الدراسية والتعامل في الحياة اليومية”.

وأردفت “قدمت مقابلتي باللغة التركية لأنني أجيدها، ودخلت عدة مسابقات وفزت بالمراكز الأولى، وأدرجت هذا في ملفي بالمنحة؛ فكان من الطبيعي التحدث مع لجنة المنحة خلال المقابلة بالتركية”.

أما سحر بن يوسف، الشابة التونسية التي تستكمل درجة الدكتوراه في جامعة إسطنبول بتركيا بفضل المنحة؛ فأشارت إلى أن دراسة العلوم السياسية “مفيدة جدا” في تركيا.

وقالت للجزيرة “تركيا بلد أوروبي وشرق أوسطي في آن واحد، يجمع ثقافات وجنسيات عدة، وهذا المزيج مفيد جدا لدراسة العلوم السياسية”.

كما أوضحت أن “جامعة إسطنبول” اختيار مثالي لمن يريدون دراسة هذا المجال باللغة الإنجليزية والتعرف على نخبة من الأساتذة والباحثين في مجال السياسة.
اعلان

وأضافت “الدراسة في تركيا ممتعة، والأساتذة متعاونون جدا، لدرجة أن الأستاذ يستطيع الموافقة على تأدية الطالب الامتحانات الشفوية في الوقت الذي يناسبه حال احتياجه للسفر إلى عائلته لأمر عاجل”.

كما أشارت إلى أن الأساتذة وإدارة المنحة يراعيان “بشكل خاص” ظروف الطلاب العائلية والاجتماعية، ويظهر ذلك في مواعيد الاختبارات الدورية ومواعيد العودة إلى السكن الطلابي.

وأوضحت “تتفهم إدارة المنحة ظروف جميع الطلاب، لا سيما المسجلين في الدراسات العليا، وتعطي لهم أذونات عدة تسمح لهم بالتأخير عن موعد غلق السكن الجامعي، فأحيانا نكون مضطرين لحضور ندوة أو فعالية ثقافية تجعلنا نخالف المواعيد”.

كما أشادت “سحر” بالنظام الذي يحظى به طالب المنحة، بدءا من مرحلة التقديم والرد عبر البريد الإلكتروني، وصولا إلى تركيا والإقامة في السكن الجامعي والحصول على بطاقات الطعام والمواصلات.

واختتمت بالقول “تراعي إدارة المنحة حتى عدم رغبة الطلاب في السكن مع طلاب آخرين، فراحة الطالب أساسية في هذا البرنامج.