هل تساءلت عن السر وراء الحملات الداعية لمقاطعة المنتجات الصينية والداعمة للإيغور عبر منصات التواصل الاجتماعي هذه الأيام؟ هل تعرف من هم الإيغور المسلمون وما قصتهم؟ هذا التقرير هدفه أن يحكي القصة من بدايتها.
من هم الإيغور؟
تقدر الصين عددهم بـ15 مليوناً فقط، لكن التقديرات المستقلة لأعداد الإيغور تضع الرقم عند أكثر من 35 مليون نسمة، يقيمون في إقليم «شينغيانغ» الصيني الذي يعني باللغة الصينية «الحدود الجديدة»، بعد أن غيرته الصين من «تركستان الشرقية».
«تركستان» تعني أرض الأتراك، فالإيغور المسلمون عبارة عن قبائل تركية عاشت في ذلك الإقليم منذ قديم الأزل، وتميزت العلاقات بينها وبين الصين بالكر والفر على مدار قرون عديدة، واللغة التي يتحدثها الإيغور تكتب حروفها باللغة العربية حتى الآن.
أين تقع تركستان الشرقية؟
شينغيانغ أو تركستان الشرقية تقع في شمال غرب الصين، وتحدها سبع دول كانت معظمها ضمن الاتحاد السوفييتي قبل أن يتفكك، منها كازاخستان وقيرغيزستان وأوزبكستان، وكذلك تحدها باكستان، وتبلغ مساحتها نحو 1.8 مليون كلم مربع، أي تقريباً ضعف مساحة جمهورية مصر العربية.
ويتمتع الإقليم بموقعه الجغرافي المتميز الذي مثل جزءاً رئيسياً من طريق الحرير القديم، وكان ذلك أحد أهم أسباب إصرار الصين على احتلال الإقليم واعتباره جزءاً من أراضيها، إضافة لأرضه الخصبة وثرواته المعدنية المتنوعة والكبيرة.
متى قامت الصين باحتلال تركستان الشرقية وضمها؟
أقام الأيغور مملكة قوية استمرت أكثر من عشرة قرون حتى تمكنت الصين من غزو تركستان الشرقية عام 1759 ميلادية، لكن ثورات الإيغور لم تتوقف حتى تمكنوا من هزيمة المحتل الصيني، ومرة أخرى تكرر الغزو بعدها بنحو مائة عام، وتمكن الإيغور مرة أخرى من الانتصار وطرد الصينيين.
لافتة تقول «الصين تكذب على العالم»
وفي القرن الماضي، تمكن الإيغور من إعلان تركستان الشرقية عدة مرات، كان آخرها في الفترة من 1944 وحتى 1949، لكن الصين الشيوعية قامت في عام 1950 باجتياح الإقليم وتغيير اسمه لشينغيانغ وبدأت في اتباع سياسة تهدف للقضاء التام على الهوية المسلمة للإيغور.
ماذا تفعل الصين هناك؟
منذ أن قامت الصين بغزو تركستان الشرقية وضمها لأراضيها عام 1950 تحت مسماها شينغيانغ أي «الحدود الجديدة»، اتبعت بكين سياسة قمعية صارمة تجاه الإيغور المسلمين استهدفت من خلالها ليس فقط محو هوية الإيغور المسلمة، ولكن أيضاً تغيير التركيبة الديموغرافية في الإقليم.
ونظراً لطبيعة النظام الشيوعي في الصين، كان ولا يزال من الصعب الوقوف على حقيقة الأوضاع على الأرض في شينغيانغ أو تركستان الشرقية، لكن في الأسابيع القليلة الماضية ظهرت تسريبات من مستندات حكومية صينية أثار ما فيها غضباً عالمياً من جانب الجماعات الحقوقية والأممية، وأصبحت قضية الإيغور تتصدر عناوين الأخبار حول العالم.
أبرز ما قامت به الصين في الإقليم هو منع أي مظهر من مظاهر الإسلام، مثل بناء المساجد أو إطلاق اللحية للرجال أو تغطية كامل الجسد بالنسبة للنساء، إضافة لإجبار الإيغور على تنزيل تطبيق على هواتفهم يمكن للسلطات الصينية من خلاله معرفة مكان الشخص طوال الوقت.
من الناحية الديموغرافية، قامت الصين بنقل وتوطين ملايين من «الهان» أكبر الأعراق في الصين، وتشير التقارير الصادرة أخيراً إلى أن الإيغور في طريقهم لأن يصبحوا أقلية داخل إقليمهم الأصلي لصالح الهان.
معسكرات إعادة التأهيل!
لكن الخطوة الأكثر خطورة، بحسب التسريبات والتقارير الدولية، هي ما تسميها الصين «معسكرات إعادة التأهيل» للإيغور ويوجد بها نحو مليوني شخص، يتم إجبارهم على التخلي عن ديانتهم والقسم بالولاء للحزب الشيوعي الصيني وترديد الأناشيد والأغاني بلغة الماندارين «اللغة الصينية».
دعوات لإنقاذ الإيغور من معسكرات الاعتقال الصينية
الصين تبرر تلك المعسكرات بالقلق من «النزعات الانفصالية» لدى الإيغور، وهو ما ترى فيه تهديداً لوحدة أراضيها، ومنذ أحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001 التي استهدفت الولايات المتحدة الأمريكية واتساع رقعة الاتهام بالإرهاب، قامت بكين بتوجيه تهمة الإرهاب بصورة جماعية للإيغور، وبالتالي تم تبرير فكرة تلك المعسكرات على الرغم من أنها منافية لجميع مواثيق حقوق الإنسان في العالم.
الصين لا تكتفي بما تقوم به من إجراءات داخل تلك المعسكرات، بل تراقب أيضاً كل الموجودين بها من خلال الكاميرات في الشوارع وأماكن العمل والبيوت، كما تراقب المقيمين في الخارج من الإيغور، سواء كانوا طلاب علم أو مقيمين أو مسافرين لأي غرض آخر.