مرايا – نشر المحاميان احمد ابو عرقوب ومصطفى نصرالله تقريرا حول بطلان اتفاقية الغاز مع الاحتلال الاسرائيلي قانوناً وانعدامها وطنياً ودولياً.

وتاليا نص التقرير:

بعيداً عن الاندفاع العاطفي باللجوء الى الحجة القانونية التي تستند على النصوص القانونية والمعاهدات والقرارات الدولية ذات الاولوية في التطبيق فإنني سأقوم باستعراض كافة الجوانب الواقعية والقانونية ذات الصلة بموضوع بطلان اتفاقية الغاز وانعدامها.
وليكون الامر واضحاً وقريباً جداً من مرافعة قانونية تصلح لان تكون حجة بما جاء فيها لدحض اي قول يزعم بأن هذه الاتفاقية ملزمة ويستحيل التخلص منها.

على هدي ما سبق وتأكيداً وتأييداً له ابدي ما يلي:-
اولاً: من الوقائع الثابتة بخصوص الاتفاقية موضوع البحث ان الطرف الاخر فيها هو الكيان الصهيوني (دولة اسرائيل) وهي الدولة التي احتلت اراض فلسطين وكذلك مياهها الاقليمية .

وباي حال هي الكيان الذي احتل الضفة الغريبة وقطاع غزة واستولت بذلك على مياه قطاع غزة الاقليمية وبامتدادها الدولي المعروف .
ثانياً: كما هو ثابت من الاعلان عن الاتفاقية ان مصدر الغاز وعلى الاغلب منه سيكون من امتداد المياه الاقليمية لفلسطين / وبحده الاضيق من المياه الاقليمية لقطاع غزة .

ثالثاً: من الثابت كذلك ان تمديدات خطوط نقل الغاز سوف تعبر من خلال الاراضي الفلسطينية (من اراضي الضفة الغريبة) المحتلة وبدون اية شرعية لهذا المرور وانما استثماراً واستغلالاً من المحتل للأرض.

رابعاً: ان الاتفاقية توقيعاً وتنفيذاً يعني استثماراً واستغلالاً واستعمالاً للأراضي الفلسطينية الاردنية (الضفة الغريبة) من سلطة محتلة .
بعيداً عن الاسهاب الذي يضيّع المعني فإن الوقائع التي ذكرتها جميعاً تعني وبالقطع ارتكاب سلطات الاحتلال لجرائم دولية لمخالفتها المعاهدات والقرارات الدولية وعلى النحو التالي:-

وفقاً لأحكام اتفاقية لاهاي لسنة 1907 ومعاهدة جنيف لسنة 1949 فإن قوانين الدولة التي احتلت اراضيها تبقى سارية وواجبة التطبيق اي ان السلطة المحتلة لا ينتقل اليها اي مال منقول او غير منقول وانما تبقى ملكيته لأصحابه وعلى سلطات الاحتلال المحافظة عليه مع التأكيد على ان (اسرائيل) ملزمه بحكم القوانين الدولية بالتقيد والالتزام بهذه المعاهدات لأنها عضو في الامم المتحدة وقد انضمت الى المعاهدتين بالتوقيع عليهما .

هذا من ناحية السلطات المحتلة ومن باب اولى فإن المملكة الارنية الهاشمية وهي عضو في المعاهدتين وهي الطرف الذي أحتل ارضه ولم يراع المحتل تطبيق قوانينه التي كانت سائدة ومطبقة قبل الاحتلال فإن ذلك يلزم بان لا تعترف المملكة بأفعال سلطات الاحتلال والتي قامت باستغلال ثروات الارض المحتلة وتمادت بالاستيلاء على هذه الارض وانشئت محطات عليها ومررت انابيب من خلالها .

وكل ذلك يتعارض مع نصوص الاتفاقيات والقرارات الدولية على النحو الات.
خامساً: ان تفاصيل الاتفاقيتين المذكورتين تؤكد على عدم جواز قيام المحتل باستثمار واستغلال ثروات الارض التي يحتلها .
كما يمنعه من استثمار واستغلال مياهها الاقليمية باعتبارها جزء لا يتجزأ من الارض المحتلة .

في القانون والاتفاقيات والقرارات الدولية:-
ان الدليل القانوني القاطع على بطلان اتفاقية الغاز تجسد في قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة (38/144) في 19 ديسمبر 1983 ، لتؤكد بذلك على قرارها رقم (37/135) المؤرخ في 17 ديسمبر 1982 ،الذي يؤكد على ان جميع التدابير التي اتخذتها “اسرائيل” لاستغلال الموارد البشرية والطبيعية في الاراضي الفلسطينية العربية المحتلة تدابير غير شرعية، والمطالبة بأن تضع “اسرائيل” حدأ نهائياً وفورياً لتلك الاجراءات كافة.

لقد وضع القرار في اعتباره مبادئ القانون الدولي ذات الصلة، واحكام الاتفاقيات الدولية، خاصة اتفاقية لاهاي للعام 1907 واتفاقية جنيف الرابعة للعام 1949 وايضاً ميثاق الحقوق والواجبات الاقتصادية للدول.

وقد ادان القرار دولة الاحتلال الاسرائيلي لاستغلالها الموارد الطبيعية للاراضي الفلسطينية والعربية المحتلة الاخرى، واكد ان اتفاقية لاهاي 1907 وجنيف الرابعة 1949 ،تنطبق على الاراضي الفلسطينية والعربية المحتلة الاخرى، وقد اكد ، في جانب اخر، على حق الشعب العربي الفلسطيني في السيادة الدائمة الكاملة والفعالة والسيطرة على الموارد الطبيعية وجميع الموارد الاخرى.

اكد القرار ايضاً على ان جميع التدابير التي اتخذتها “اسرائيل” لاستغلال الموارد البشرية والطبيعية وغيرها من الثروات والانشطة الاقتصادية هي تدابير غير قانونية، ودعا القرار” اسرائيل” الى الكف عن مثل هذه التدابير، الى جانب تأكيده على حق الشعب العربي الفلسطيني وغيره من الشعوب التي تتعرض للعدوان والاحتلال الاسرائيلي في استرداد ثرواتهم ومواردهم وتعويضهم بشكل كامل من اي استنزاف لثرواتهم او استغلالها.

من ناحية اخرى فقد اكد القرار (465) الصادر عن مجلس الامن في جلسته 2203 في مارس 1980 الخاص بالمستوطنات الاسرائيلية ، من ضمن ما اكد عليه، على وجوب التحقق من الانباء عن الاستنزاف الخطير للموارد الطبيعية الفلسطينية التي تقوم باستنزافها “اسرائيل” وخصوصاً الموارد المائية، وذلك بهدف ضمان حمايتها، وكذلك ضرورة اعادة النظر في الممارسات الاسرائيلية التي تعيق حركة المواطنين وعدم تمكينهم من التنقل والاستفادة من مواردهم وثرواتهم الطبيعية ويشكل هذا القرار قيمة مرجعية قوية للفلسطينيين كونه صادراً عن الجهاز المركزي لمنظمة الامم المتحدة، والذي يتمتع بقوة والزامية قراراته.

واسرائيل بجميع تصرفاتها وغرورها وغطرستها لم تحترم اي مبدأ قانوني اواية اتفاقية وقعتها بما في ذلك الاتفاقيات التي وقعتها مع الحكومات العربية .

وللبيان فإنني اورد نصاً ورد في الاتفاقيتين المذكورتين :-
” على السلطات ان تبقى على النظام القضائي وعلى التشريعات والقوانين والانظمة التي كانت سائدة ومعمولاً بها قبل الاحتلال في المناطق المحتلة وانه ليس للحاكم العسكري او من ينتدبه او يفوضه نيابة عنه بأمر منه ، اية صلاحيات تشريعية في هذه المناطق الا ما تعلق منها بالنواحي الامنية والعسكرية لحماية وضمان امن وسلامة القوات المسلحة التابعة لسلطات الاحتلال”.

في ضوء ما سبق من وقائع ثابتة ونصوص دولية ملزمة يتضح ان توقيع اتفاقية الغاز لا يقتصر خطرها على انها باطلة وانما تتجاوز ذلك بكثير ولان الدولة التي احتل ارضها عليها المطالبة بتطبيق المعاهدات الدولية التي تحمى الارض والانسان وتمنع المحتل من استغلال واستثمار الارض التي احتلها.
اما القول بأن الذي وقع اتفاقية الغاز ليس طرفاً حكومياً مباشراً وانما شركة مساهمة هذا القول لا يغير من الامر شيئاً لان الالتزام بالاتفاقيات الدولية له اولويته سواء على الافراد او على المؤسسات او على الحكومات بل ان مخالفة نصوص الاتفاقيات الدولية والقرارات الدولية على النحو الذي ذكرناه يجعل التصرف باطلاً وفي حالتنا يكون باطلاً من باب اولى وتحت طائلة المسؤولية لتعامله مع غاصب ومحتل الغى القوانين الاردنية التي لا يجوز المساس بها كما استولى على ثروات وطن محتل مع تجاهل واستخفاف متعمد بالمعاهدات الدولية على النحو الذي ابديناه.

الخلاصة ان الاتفاقية موضوع هذه المذكرة باطلة بطلاناً مطلقاً لان محلها (الغاز) من ثروات بلد محتل كما وان مرورها من اراض محتلة.
كما وان طرفها سلطة معتدية محتلة ممنوعة بحكم النص القانوني (المعاهدات الدولية والقرارات الدولية) من استثمار واستغلال ثروات الارض المحتلة وكذلك مياهها الاقليمية .

سادساً: 1. قد يقال ان توقيع اتفاقية وادي عربة لها اثرها في تبرير توقيع اتفاقية الغاز.
ان هذا القول غير وارد لان الاراضي الفلسطينية ومياهها الاقليمية تبقى اراض محتلة بالمفهوم القانوني الدولي ووفقاً لقرارات الشرعية الدولية .
كما وان اراضي فلسطين (الضفة الغريبة) تبقى اراض محتلة تابعة ومحكومة بالقوانين الاردنية بحكم الاتفاقيات الدولية .
وفي جميع الاحوال لا تملك سلطات الاحتلال اي حق بإجراء اية تصرفات او توقيع اية اتفاقيات تمس الارض والمواطن الذي يعيش عليها .
ومن باب اولى لا يعني توقيع اتفاقية وادي عربة التنازل عن الارض الاردنية واو الفلسطينية .
وبذلك لا تأثير لاتفاقية وادي عربة على الوضع القانوني الدولي للأراضي المحتلة اذ تبقى وفقاً لهذا القانون ارضاً محتلة .

2. كما وان قيام بعض الدول العربية بعقد اتفاقيات مع الاحتلال لتزويدها بالغاز لا يبرر اتفاقية الغاز الموقعة مع المحتل لان تلك الاتفاقيات مخالفة لأحكام القانون الدولي كما وانها مخالفة تماماً لاتفاقية الدفاع المشترك والاتفاقيات الاخرى من خلال الجامعة العربية .
كما وان اقامة العلاقات التجارية مع العدو لا يبرر للأخرين السير في هذا الطريق.

سابعاً: وهناك ناحية على جانب من الاهمية وهي المتعلقة بمدى التزام المحتل بالاتفاقيات الدولية وغيرها وان المتتبع لهذا الامر يجد ان السلطات الاسرائيلية لم تلتزم قيد أنمله باي بند من بنود الاتفاقيات الدولية وقرارات الشرعية الدولية بل استولت على الارض اعتدت على الانسان وقامت بضم الاراضي المحتلة ومارست صلاحياتها التعسفية عليها وقد قامت بإلغاء القوانين الاردنية وجميع اجهزتها القضائية ولم تبق اي اثر قانوني لجميع القوانين والاجهزة الادارية والتنفيذية والقضائية التي كانت سائدة قبل الاحتلال.

بل قامت بإعلان القدس عاصمة لها وهي ارض اردنية فلسطينية .
كل ما سبق يؤكد ان الطرف المحتل لا يمكن ان يكون طرفاً عقدياً مؤهلاً لتوقيع عقد معه ولأنه يتعاقد لبيع مال لا يملكه وفي هذه الحالة يكون العقد باطلاً أيا كان الطرف الاخر المتعاقد سواء كان شركة خاصة او شركة حكومية ولان شروط العقد تعتبر قواعد عامة تطبق على جميع العقود.

كما وان الحكم والنتيجة لا تتغير اذا كان موقع الاتفاقية عن المحتل شركة ما ولان الممنوع على الاحتلال استثمار واستغلال الثروات والموارد للأراضي المحتلة سواءاً بطريقة مباشرة او غير مباشرة لان الاستغلال والاستيلاء والاستثمار حاصل في الحالتين.
كما وان الطرف الاردني الذي وقع الاتفاقية لا يملك اي حق بالتعامل مع سلطة محتلة ولان هذا الطرف ملزم بالتقيد بالمعاهدات الدولية وبقرارات الشرعية الدولية كذلك من باب اولى لان الارض المحتلة هي ارض اردنية عربية وبالتالي لا تملك الشركة التي وقعت الاتفاقية حق التعاقد على مال تعلم يقيناً انه مال مسروق من ارض ومياه عربية فلسطينية اردنية .

وكل ما سبق يجعل من الاتفاقية باطلة قانوناً ومنعدمه وطنياً وقومياً.

المحامي احمد مصطفى ابو عرقوب
المحامي مصطفى محمد نصرالله