مرايا – قال رئيس اللجنة المالية النيابية خالد البكار إن العجز في الموازنة لازال يشكل التحدي الأخطر وإن انفلاته يعني بالضرورة المزيد من الاقتراض، والذي سيرفع المديونية بالأرقام المطلقة لتصل نسبة الدين للناتج المحلي الإجمالي مستويات خطرة تمكن صندوق النقد والمقرضين من فرض شروطهم.

وحذر البكار من رفع نسبة الفائدة على القروض إلى ٧/١٠٠ التي سترتفع كلفة إدارة الدين إلى ٢ مليار، موضحا “عندها ستكون أوضاعنا غاية في التعقيد وسنضطر إلى اتخاذ قرارات لرفع تعرفة المياه والكهرباء والضرائب وهذا سيكون له انعكاسات سيئة جدا على أوضاعنا الاقتصادية والسياسية وهي فاتورة لا نستطيع تحملها”.

وتاليا نص كلمة البكار:

“الزميلات والزملاء؛

نجتمع اليوم تحت مظلة الفعل الدستوري الذي يحتم علينا مناقشة وإقرار قانون الموازنة العامة للبلاد، وهو القانون الذي يمثل خطتنا الاقتصادية المالية لعام كامل، وهو الذي ينظم شؤون ماليتنا العامة، ويدرس نفقات وإيرادات الدولة، ويبحث في الأعباء المترتبة على المواطن، ويدقق في كل دينار مرصود وكل دينار مفقود، وعليه فإننا أمام هذا الاستحقاق لا يسعنا إلا أن نكون مخلصين في البحث عن مصالحنا الوطنية، صادقين في تحقيقها خدمة لنظامنا ودورًا نمارسه أمام مواطننا.

لقد قامت لجنتكم المالية في البحث وراء أرقام الموازنة، ودراسة النفقات التي من شأننا ان نخفض فيها، وندقق في الايرادات التي من شأننا ان نعرف حجم المبالغة في تقديرها، أو إذا كانت على حساب حصد الشعبية للحكومات، أو تخدير شعبنا بالكلام المعسول والوعود، وهنا قمنا بمسؤوليتنا وتتبعنا السؤال بالاجابة، دون أن نغفل دورنا الدستوري في حال أقر مجلس النواب لهذا القانون بأنه صيغ بأفضل وسائل الممكن والمتاح.

الزميلات والزملاء؛

قدر مجالس النواب أن تتحمل مساوئ الخطط الاقتصادية للحكومات، وكان هذا القدر هو الذي يضعفنا أمام الشارع، لأننا بين ويلين؛ ويل إن عطلنا مالية الدولة، وويل إذا قصرنا بدورنا، لكننا في هذا العام أخذنا على عاتقنا إخضاع السلطة التنفيذية لرقابة مالية موزعة على أشهر السنة، وكان لهذا العمل أن كبح جماح التهور الحكومي، الذي ينظر للحظة تكتيكيا ويغفل عن المستقبل استراتيجيا، لذلك تلتزم لجنتكم المالية بتفعيل كل أدواتها الرقابية على الحكومة في مسارات الموازنة العام والتدقيق بالأرقام حتى نحقق الاصلاح المنشود.

وفي هذا السياق اعتمدنا في تقرير اللجنة لهذه المرة، أن نعكس مفهوما واضحا من مفاهيم الخطط الاقتصادية والمالية، حتى نقطع الطريق على تراجع الوضع الاقتصادي والمعيشي للمواطن، وحتى ننجز المطلوب منا بحق الأجيال، محققين مبدأ الاعتمادية الاقتصادية الذاتية، ووضع حد لتأثر اقتصادنا بحال الجوار فترة، وانتظار المنح والمساعدات في كل الفترات.

وعليه، فإن تحفيز الاقتصاد وتأمين شروط تنشيط الحركة التجارية والزراعية والصناعية من شأنه أن يسهم في رفع ارقام النمو الاقتصادي الحقيقي وليس الوهمي، وهو ما يساهم برفع نسبة الشعور الوطني بتحسن الظروف، بعيدا عن متابعة تحسين الأرقام على الورق من دون أن يمس ذلك بجيوب المواطنين.

وأمام ذلك كان لا بد في هذه الموازنة أن تصر لجنتكم المالية وبتوجيهات من لدن صاحب الجلالة على إنتزاع موافقة الحكومة على رفع رواتب العاملين في القطاع العام، ومعالجة التشوهات في نسب علاوة المنتسبين للنقابات المهنية العاملين في الجهاز الرسمي، وتأكيدًا على أن لا يشهد العام الحالي أي رفع على أسعار الرسوم والخدمات والضرائب، وتعهد الحكومة بتخفيض نسبة ضريبة المبيعات على السلع والخدمات التي تستهدف الطبقة الوسطى ومتدنية الدخل.

الزميلات والزملاء؛

تمر المملكة بظروف استثنائية، ويوجهنا صاحب الجلالة دوما للتعامل بمسؤولية مع كل ما له اتصال بالمصالح الوطنية العليا، أو تحسين ظروف المواطن الأردني، وأمام هذه المسؤولية فإننا نضع في صلب اهتمامنا أن نتجاوز المعالجات التسكينية لواقعنا الاقتصادي، ونذهب نحو ربط الأداء الاقتصادي ببعضه عبر خطط مالية يلزمنا قانون الموازنة جميعا بتنفيذها، فنحن أصحاب الصلاحية في التشريع والرقابة وهذا دورنا في إلزام الحكومة على الإصلاح، وتحت طائلة المسؤولية.

لقد تضمن تقرير لجنتكم المالية لهذا العام أهم خطوة حقيقية على صعيد تفعيل الشراكة بين القطاعين العام والخاص، والتي ستستفيد منها مجالس المحافظات، عبر حتمية تنفيذ مشاريعهم التنموية المستدامة بجهود القطاع الخاص وتوفير الغطاء المالي لهم من خلال أموال الموازنة العامة، وهي خطوة ستنعش اقتصادنا الوطني وتزيد من إنتاجية القطاع الخاص، فيما سيشهد المواطن تحسنًا مضطردا في جودة الخدمات المقدمة في أماكن إقامتهم في مدنهم وقراهم ومحافظاتهم.

الزميلات والزملاء؛

نجد أنفسنا اليوم في مقام تحذير الحكومة من محاولة المساس بالعناوين التالية، وتحت طائلة دورنا الرقابي وذلك للالتزام بمايلي:
١) الالتزام بسقوف الإنفاق المحددة وعدم تجاوزها لأي سبب، لا بل وعلى الوزراء ان يمارسوا اعلى درجات ضبط الإنفاق وتوجيهه وتوفير ما أمكن من السقوف المحددة في الموازنة.
٢) الإسراع في إلغاء الشركات والمؤسسات والهيئات التي لا لزوم لها ودمج المتشابهة بطبيعة عملها، مع ضمان استمرار جودة الخدمات المقدمة من خلالها، و حماية حقوق العاملين فيها.
٣) البدء الفوري والمتدرج في تعديل العبء الضريبي، والتدرج في تخفيض الضريبة العامة على المبيعات ومعالجة التشوهات في باقي أنواع الضرائب غير المباشرة.
٤) تنفيذ توجيهات جلالة الملك بزيادة رواتب الموظفين والمتقاعدين سنويا حتى يتم ازالة كافة التشوهات من جهة، وتعديل مداخيلهم من جهة أخرى.
٥) الالتزام بطرح مشاريع مجالس المحافظات بالسرعة الممكنة ودون تاخير، ونقل مخصصات الإدامة لهم كي يتمكنوا من ممارسة أعمالهم دون عراقيل.
٦) الالتزام الكامل بطرح مشاريع الشراكة مع القطاع الخاص لتحريك عجلة الاقتصاد وتحقيق نمو مستدام.
٧) اعادة النظر بكلف مدخلات الانتاج وخاصة قطاع الطاقة والالتزام بتخفيض فاقد المياه والكهرباء.
٨) توسيع قاعدة التدريب والتأهيل للشباب الاردني وتنظيم العمالة الوافدة والعمل على تأمين صحي وضمان اجتماعي لكل العاملين في القطاع الخاص.

الزميلات والزملاء؛

اما العجز في الموازنة فانه لازال يشكل التحدي الأخطر وانفلاته يعني بالضرورة المزيد من الاقتراض، والذي سيرفع المديونية بالأرقام المطلقة لتصل نسبة الدين للناتج المحلي الإجمالي مستويات خطرة تمكن صندوق النقد والمقرضين من فرض شروطهم، والتي أحسنها رفع نسبة الفائدة على القروض الى ٧/١٠٠ وهذا يرفع من كلفة إدارة الدين الى ٢ مليار وعندها ستكون اوضاعنا غاية في التعقيد وسنضطر الى اتخاذ قرارات لرفع تعرفة المياه والكهرباء والضرائب وهذا سيكون له انعكاسات سيئة جدا على اوضاعنا الاقتصادية والسياسية وهي فاتورة لا نستطيع تحملها.

وأمام كل ما نحذر منه فإنه على الحكومة أن لا تغفل عن قيمة الأمن الاجتماعي، الذي يتطلب منا جميعا النظر بعين الاهتمام لمفهوم المتعثرين والمدينين، والبحث عن التجسير بين حقوق الدائن وتعثر المدين، في وقت لا بد فيه من العمل المسؤول لضمان حياة كريمة للمتقاعدين العسكريين والمدنيين بشتى الوسائل والأدوات.

كما نرجو في الختام ان لا تتلكأ الحكومة في طرح مشاريع الشراكة التي من شانها تحقيق نسبة نمو تساهم في خلق فرص العمل وتزيد من الإيرادات العامة، وذلك ضمن مفهوم شامل يعكس قيم التنمية المستدامة كرامة لنا وحقًا للاجيال من بعدنا.”