مرايا – وسط أزمة مالية طاحنة، تجاهد وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين “الأونروا” في الأردن لاستمرار تقديم خدماتها للفلسطينيين، وسط ضغوط أمريكية وإسرائيلية مستمرة لمحاولة إنهاء وجودها.
وناشد مدير عمليات الوكالة في الأردن محمد آدار، المجتمع الدولي بضرورة الحصول على 149 مليون دولار على الأقل لتمويل خدمات الوكالة الأساسية، بما في ذلك التعليم والرعاية الصحية والإغاثة والخدمات الاجتماعية والحماية والبنية التحتية للمخيمات وتحسينها وبرنامج الإقراض الصغير.
وقبل أيام أطلقت وكالة الأونروا مناشدة لدول العالم بدعمها بمبلغ 1.4 مليار دولار لتغطية خدماتها في العام 2020 في مناطق عملياتها الخمس التي تشمل الضفة الغربية وقطاع غزة ومخيمات لبنان وسوريا والأردن.
ويقول مراقبون إن هناك ضغوطا أمريكية كبيرة تمارس على الوكالة لوقف أعمالها، بما في ذلك محاولات الضغط على الدول المانحة لوقف التمويل، مؤكدين أن الإغلاق غير وارد في ظل الدعم المقدم لأكثر من 170 دولة صوتوا على تمديد عمل الوكالة.
الأونروا في الأردن :
قال محمد آدار: “في العام الماضي، واجهنا أخطر نقص مالي في تاريخ الأونروا وأزمة ثقة في القيادة العليا للوكالة، على الرغم من البيئة السياسية الصعبة والظروف الاجتماعية والاقتصادية الأصعب، فإن الدعم السخي من البلد المضيف، الأردن، ودعم المانحين والشركاء سمح لنا بمواصلة تقديم الخدمات الأساسية للاجئي فلسطين”، مضيفًا: “أود أن أسجل تقديرنا العميق وامتناننا للدعم الثابت الذي تقدمه الحكومة الاردنية للاجئي فلسطين والأونروا”.
وفي عام 2019، قدمت الأونروا في الأردن خدمات تعليمية لأكثر من 118000 طالب يدرسون في 169 مدرسة تابعة للأونروا موزعة في جميع أنحاء المملكة، وقدمت 47 دورة لأكثر من 3081 طالبا يدرسون في أحد مركزي التدريب المهني التابعة للأونروا، وقدمت الخدمات الصحية لأكثر من 1.2 مليون في 25 عيادة صحية وأربع وحدات طب أسنان متنقلة، ودعمت ما يقرب 59000 لاجئ بمساعدة نقدية من الوكالة من خلال شبكة الأمان الاجتماعي.
ويأتي عرض أولويات الأونروا في الأردن لعام 2020 ومتطلباتها المالية في أعقاب تمديد الجمعية العامة للأمم المتحدة مؤخرا لمهام ولاية الأونروا لمدة ثلاث سنوات إضافية، حتى يونيو/حزيران 2023.
أزمة مالية:
تمارا الرفاعي، المتحدثة باسم وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) في الأردن، قالت إن “الوكالة تواجه أزمة مالية كبيرة في الخمس مناطق التي تعمل فيها، وهي الأردن ولبنان وسوريا والضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، وقطاع غزة”.
وأضافت في تصريحات لـ “سبوتنيك”، أن “العام الماضي 2019، شهدت الوكالة عجزًا ماليًا كبيرًا، بسبب قطع الولايات المتحدة الأمريكية للدعم المقدم منها للوكالة، وكذلك الأزمة الإعلامية الأخيرة والتي أوقفت بسببها بعض الدول دعمها هي الأخرى، وعدة أسباب أخرى”.
وأكدت أن “الوكالة في الأردن أعلنت أنها بحاجة إلى 149 مليون دولار لتلبية متطلبات الوكالة، لعام 2020، حيث هناك 3.2 مليون لاجئ فلسطيني مسجلون في الأردن، منهم 400 ألف يعيشون في المخيمات تخدمهم الوكالة”.
وبشأن الحديث عن إمكانية تسبب هذا العجز في إغلاق فرع الوكالة بالأردن، قالت: “الوكالة مستمرة في عملها، والإغلاق ليس قرارنا، فالوكالة مفتوحة بناءً على تصويت من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث صوتت 170 دولة في العالم في شهر ديسمبر المنصرم على تمديد مهام الوكالة لمدة 3 سنوات حتى عام 2023”.
وعن طرق مواجهة الوكالة في الأردن للعجز المالي، مضت بالقول: “من المقرر أن يتم مواجهة هذه الأزمة باتباع سياسات داخلية مالية تعتمد على التوفير والاقتصاد، وكذلك بالتواصل مع الدول المناحة لرفع التبرعات التي تقدمها للوكالة”.
ضغوط أمريكية
من جانبها قالت الدكتورة نادية سعد الدين، الباحثة الأردنية في العلوم السياسية، إن “الأونروا تواجه أزمة مالية فادحة منذ عامين، بسبب الضغوط الأمريكية والإسرائيلية التي تسعى لإنهاء عمل الوكالة تدريجًا، ومن ثم إلغاء وجودها بشكل نهائي”.
وأضافت في تصريحات لـ “سبوتنيك”، أن “الضغوط الأمريكية بدأت مع قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بوقف كامل الدعم الأمريكي للوكالة، والمقدر سنويًا بحوالي 360 مليون دولار، وهي من أكبر الدول المانحة وقتها”.
وتابعت: “الضغوط الأمريكية والإسرائيلية تحاول حشد تأييد دولي لإنهاء عمل الوكالة، تحت مزاعم أن الأونروا تقف عقبة أمام عملية السلام، وهي مزاعم لا صحة لها على الإطلاق”.
ومضت قائلة: “الأزمة المالية التي تعاني منها الوكالة الآن تشكلت بفعل تراكم تبعات القرار الأمريكي، حيث طالبت الوكالة الدول المانحة بتغطية النفقات، خصوصا وأن المبالغ الموجودة لا تكفي لعام 2020، حيث تبلغ ميزانية الوكالة مليار و400 مليون دولار”.
وعن إمكانية نجاح هذه الضغوط في إنهاء عمل الوكالة، أضافت: “في مقابل هذه الضغوط هناك دعم دولي، والمجتمع الدولي على قناعة تامة بأن استمرار عمل هذه الوكالة ضروري من أجل الاستقرار والأمن في المنطقة”.
تحديات أمام الأونروا
ويتهم مسؤولون بالوكالة “إسرائيل” والولايات المتحدة بالضغط على المنظمة وزيادة الرقابة عليها بجهود دبلوماسية، تمهيدا لإغلاقها نهائياً، وذلك بذريعة أنها أصبحت عبئاً على المجتمع الدولي “وتنشر الأكاذيب حول إسرائيل”.
وفي 19 أيلول/سبتمبر 2018، شارك أكثر من 13 ألف موظف من “الأونروا” بمسيرة رفضاً لسياساتها بحق اللاجئين والموظفين، وكذلك ضد القرارات الأمريكية بحق الوكالة.
المسيرة كانت خطوة أولى احتجاجية على مستوى التحركات الفلسطينية للتعبير عن رفضهم بشأن قرار واشنطن تقليص المساعدات عن “الأونروا”، بنحو 125 مليون دولار كانت تقدم لميزانيتها.
وكان المتحدث باسم الوكالة كريستوفر جونز قال أواخر شهر آب/أغسطس 2018، إن الولايات المتحدة لن تمنح المنظمة أي تمويل العام الجاري، تمهيداً لإنهاء قضية اللاجئين.
وبحث وزراء الخارجية العرب دعم “الأونروا” ماليًا، وعقدوا اجتماعاً لمناقشة الحملة الممنهجة التي تتعرض لها الوكالة من أجل تقليص أو إلغاء دورها، كما بحثوا سبل دعمها، بناءً على طلب الأردن.
وتقدم الأونروا خدمات حيوية إلى 5.6 مليون لاجئ فلسطيني في جميع أنحاء الشرق الأوسط بما في ذلك الضفة الغربية وقطاع غزة.(سبوتنيك)