مرايا – أكد الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، أهمية أن يتضمن الملف الاقتصادى والاجتماعى المرفوع للقمة العربية القادمة مبادرات ومشروعات اقتصادية واجتماعية وتنموية تعود بالأثر والنفع المباشر على المواطن العربي، الذى أثقلته أعباء الحياة وسط كمٍّ من الصراعات متعددة المنطلقات، سياسياً وأمنياً واقتصادياً وحتى فكرياً.
وقال أبو الغيط- فى كلمة ألقاها فى الدورة العادية (105) للجلسة الافتتاحية للمجلس الاقتصادى والاجتماعي: “لقد آن الأوان أن ننظر نظرةً فاحصة للعمل الاقتصادى والاجتماعى العربى المشترك، كى نُقيّم أثره ومدى فاعليته فى تحقيق النتائج المرجوّة منه، فليس من المُفترض أن تكون اجتماعاتُنا مجرد حلقة روتينية فى منظومة العمل العربي.. بل يتعين أن تكون حجر زاوية وركناً أصيلاً فى تفعيل هذه المنظومة وإخراجها على النحو الذى أُنشئت من أجله”.
وأكد ضرورة الإصلاح وأهمية التطوير المستمر فى آلية العملِ، مشيرا إلى أن الأحداث المتلاحقة التى شهدتها المنطقة العربية خلال الأعوام الماضية أثبتت، أن المبادرات والمشروعات التقليدية لن تؤتى ثمارها إذا بقت على حالتها التقليدية فى هذا العصر سريع التغيّر.
وقال إن الواقع يفرض علينا ابتكار مشروعات تنموية رائدة حيوية ومؤثرة، بالتوازى مع الانتباه إلى التحديات المتلاحقة التى نعاينها فى الأجل المنظور، فضلاً عن بلورة خطط وبرامج كفيلة بمواجهة هذه التحديات والحدّ من تأثيراتها وتبعاتها الخطيرة.
وأشار فى هذا الصدد إلى الجهود المُكثّفة التى يبذلها الخبراء العرب من أجل تذليل العقبات أمام إطلاق منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى وإقامة الاتحاد الجمركى العربي، فضلاً عن صياغة اتفاقية عربية جديدة للاستثمار تعمل على تعزيز الفرص الاستثمارية فى البلدان العربية.
وقال إن المنطقة العربية تزخر بثروات طبيعية وإمكانات ضخمة، بشرياً ومادياً، على أن هذه الإمكانات لم توضع موضع الاستغلال الكامل بعد.
وأوضح أن أحد أسباب هدر الإمكانية يكمن فى تجزئة العمل الاقتصادي، وعدم تكامل الجهود المبذولة وتناسقها، فلا تزال المنطقة العربية إلى اليوم من أقل مناطق العالم من حيث التكامل الاقتصادي.
وأشار إلى أن هذا وضعٌ يؤثر على النمو الإجمالى للدول العربية، ويُضعف من مكانة الاقتصاد العربى على الصعيد العالمي.
وقال إن غياب استراتيجية فاعلة وشاملة للتعاون الاقتصادى والتنموى بين البلدان العربية قد أضاع فرصاً متعددة لتحقيق عوائد التنمية المنشودة.
وشدد على أنّ المسار نحو البناء والتعمير يتطلب تضافر الجهود فى شتى الميادين، كما أنه وفى ظل تشابك التحديات المختلفة التى تواجه دولَنا الأعضاء، فإن التركيز على القضايا التنموية يمكن أن يساهم فى تعزيز التعاون العربى فى المجالات الأخرى السياسية والأمنية وغيرها، ويُشكّل بدوره منطلقاً مهماً لتفعيل التعاون العربى والتكاتف البيني.
وقال “هنا يأتى دور مؤسسات العمل العربى المشترك، باعتبارها الأذرع التنفيذية لمنظومة العمل العربي، مؤكدا أهمية أن تضطلع هذه المؤسسات بالدور المنوط بها، وأن تعمل على تنسيق سياسات عملها وبرامجها من أجل تكامل الجهود وشموليتها، بهدف تحقيق الأهداف المنشودة فى الأجل المطلوب ومواكبة سرعة تغيّر العالم من حولنا.
وأضاف أن الأمر يستلزم إيجاد آلية متخصصة لتقييم مدى التقدّم المُحرز وكفاءة الإنجاز المُتحَقق، فالصعوبات التى تواجه جهود التنمية تستدعى التوقف ومعالجتها، وليس مجرد المرور على ظواهرها، مشيرا إلى أن التشخيص السليم والموضوعى للداء لا شك أنه يؤدى إلى الشفاء، كما أن إيجاد حلول سريعة الأثر على حساب التنمية طويلة الأجل، سيؤدى إلى التبديد الفعلى لفرص التنمية.
وأشار إلى الأوضاع الإنسانية الصعبة التى تقاسيها مجتمعات اللاجئين والنازحين فى عدة بلدان من المنطقة العربية، بسبب ظروف النزاعات والحروب المستعرة.
وقال إن “قلوبنا يعتصرها الألم والحزن ونحن نتابع مشاهد اللاجئين والنازحين بالملايين فى سوريا، وبلدان أخرى حيث يعيش هؤلاء اللاجئون والنازحون ظروفاً بالغة الصعوبة يتعذر فيها الحصول على الرعاية الصحية والخدمة الاجتماعية.. وينشأ جيل كامل من أبنائنا العرب محروماً من فرص التعليم.. وبالتالى التشغيل والعمل”.
وأضاف “إنها مأساة سنعانى منها لسنوات قادمة، ولربما عقود، مناشدا كل مؤسسات العمل العربى أن تضع هذا الموضوع المهم فى صدارة أجندتها الاجتماعية والاقتصادية والإنسانية”.
وأكد ضرورة العمل بكل سبيل لتقديم كافة أوجه الرعاية الممكنة لقاطنى مخيمات اللجوء، والعمل على عودتهم الآمنة إلى ديارهم، فضلاً عن توفير أوجه الحياة الكريمة لهم ولأسرهم ولكافة ضحايا الحروب الذين يدفعون ثمناً باهظاً لهذه النزاعات التى ما زالت للأسف تضرب بعض الدول فى منطقة.
وحذر من أن جيلاً ينشأ بلا تعليم أو رعاية اجتماعية أو خدماتٍ إنسانية وصحية سيمثل تهديداً لمستقبل المنطقة العربية بأسرها.