مرايا – أعلن خبراء اقتصاد تابعون للأمم المتحدة، أن الأضرار التي لحقت بالاقتصاد العالمي الناتج عن فيروس كورونا المستجد قد تصل إلى “انخفاض قدره 50 مليار دولار” في صادرات الصناعات التحويلية في جميع أنحاء العالم، خلال شهر شباط/فبراير وحده.
ونشر مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد) “مذكرة تقنية” تتناول تأثير فيروس كورونا في التجارة بين الدول، وتقيِّم الآثار الاقتصادية المرتبطة بالتفشي، بمختلف درجاته، الذي شهدته الكثير من دول العالم، ومن بينها الصين.
وتشير البيانات الاقتصادية الأولية التي حللها مؤتمر (أونكتاد) في جنيف إلى أن تدابير احتواء الفيروس في الصين – حيث ظهر تفشي المرض في كانون الأول/ديسمبر – قد تسببت بالفعل في “انخفاض كبير في الإنتاج”.
انتشر الفيروس في نحو 80 دولة؛ مما أدى إلى إصابة أكثر من 10 آلاف، ووفاة نحو 200، فيما تجاوزت الحصيلة الإجمالية في الصين حاجز الـ 3000 حالة وفاة، والإصابات المؤكدة 80.409.
ويشرح التقرير أن جمهورية الصين الشعبية، التي أصبحت خلال العقدين الماضيين “أكبر مصدِّر في العالم وجزءا لا يتجزأ من شبكات الإنتاج العالمية”، قد وطدت نفسها كمزود رئيسي للعديد من مدخلات ومكونات المنتجات المختلفة، مثل السيارات والهواتف المحمولة والمعدات الطبية، وغيرها.
ويورد التقرير أرقاما توضح “انخفاضا كبيرا” خلال الشهر الماضي “في مؤشر المشتريات التصنيعية في الصين – بنحو 20 درجة، وهو ما يمثل أدنى حد انخفاض تم تسجيله منذ عام 2004.
ويقول التقرير، إن هذا الانخفاض يعني انخفاضا في الإنتاج بنسبة 2% سنويا، وهو قد جاء “كنتيجة مباشرة لانتشار فيروس كورونا”.
“آثار مضاعفة” على الاقتصاد
وقال التقرير التقني للمنظمة التابعة للأمم المتحدة، إن انكماشا بنسبة 2% في إنتاج الصين له آثار مضاعفة تظهر على مجمل انسياب الاقتصاد العالمي، وهو ما “تسبب حتى الآن في انخفاض يقدر بنحو 50 مليار دولار أميركي” في التجارة بين الدول.
وأوضح أن القطاعات الأكثر تضررا من هذا الانخفاض تشمل “صناعة الأدوات الدقيقة، والآلات ومعدات السيارات وأجهزة الاتصالات”.
وقالت رئيسة قسم التجارة الدولية والسلع التابعة لأونكتاد، باميلا كوك-هاميلتون، إن من بين الاقتصادات الأكثر تضررا مناطق مثل الاتحاد الأوروبي (15.5 مليار دولار) والولايات المتحدة (5.8 مليار دولار) واليابان (5.2 مليار دولار.)
وأضافت المسؤولة الاقتصادية الأممية أنه بالنسبة لاقتصادات “الدول النامية التي تعتمد على بيع المواد الخام” فإن الشعور بهذه الأضرار “مكثف جدا”.
وقد ظل فيروس كورونا حتى الآن محصورا، في أغلبه، داخل جمهورية الصين. لكنَّ “الدور المهم الذي يلعبه الموردون الصينيون” في إنتاج الشركات في جميع أنحاء العالم يعني أن “أي خلل في الصين سيُشعر به أيضا خارج حدود البلاد”.
وأوضح التقرير تبعا لذلك أن التأثير يطال سلاسل القيمة الإقليمية لأوروبا وأميركا وشرق آسيا.
“تضحيات اقتصادية لاحتواء الفيروس”
ويتوقع أليساندرو نيكيتا، من شعبة التجارة الدولية والسلع التابعة لأونكتاد أنه في حالة استمرار انتشار الفيروس وخروجه عن السيطرة، “ستكون هناك عمليات إغلاق ليس في الصين فقط، بل أيضا في الهند والولايات المتحدة وفي كل مكان آخر في العالم.
وقال الاقتصادي الأممي إن التأثير الاقتصادي لهذا الفيروس يعتمد في آخر الأمر على التدابير التي تطبقها البلدان لاحتوائه، مؤكدا أن “الصين قامت بعمل رائع” في هذا الصدد “لكنها ضحت بالاقتصاد قليلا” خصوصا في الأسابيع القليلة الأولى.
إضافة إلى انخفاض مستويات التصنيع، سلط تقرير أونكتاد الضوء أيضا على انخفاض عدد سفن الحاويات التي غادرت شانغهاي في النصف الأول من شباط /فبراير (من نحو 300 في الأسبوع إلى 180) لكن التقرير يورد أن العدد استعاد مستوياته الطبيعية في النصف الثاني من الشهر.
وتظل الآثار العالمية المتوقعة عرضة للتغيير، حسبما أورد التقرير التقني، إذ إنها “ستتوقف على جهود احتواء الفيروس” المعروف باسم كورونا المستجد (COVID-19) ” أو على “أي تغييرات تستجد على صعيد مصادر الإمداد” في التجارة الدولية.
“استعداد للمساعدة”
أصدر صندوق النقد الدولي ومجموعة البنك الدولي رسالة تضامن مشتركة فيما يتعلق بانتشار فيروس كورونا، معلنين عن استعدادهما “لمساعدة دولنا الأعضاء في مواجهة المأساة الإنسانية، والتحدي الاقتصادي” للفيروس.
وقال البيان المشترك “إننا نشارك بنشاط مع المؤسسات الدولية والسلطات الوطنية، مع إيلاء اهتمام خاص بالبلدان الفقيرة، حيث تكون النظم الصحية هي الأضعف والناس أكثر عرضة” للخطر.
ويشرح البيان أن التدابير المتاحة تشمل “تمويل حالات الطوارئ، وتقديم المشورة بشأن السياسات والمساعدة التقنية”، مؤكدا الحاجة إلى مساعدة البلدان على الاستثمار في حماية نفسها.
وقال البيان، إن تعزيز نظم المراقبة والاستجابة الصحية وتقويتها في بلدان العالم “أمر بالغ الأهمية لاحتواء انتشار هذا المرض، أو أي أمراض تتفشى في المستقبل”.