مع تلويح الاحتلال بضم أجزاء واسعة من الضفة الغربية المحتلة مطلع الشهر القادم، قابلت السلطة الفلسطينية القرار بإعلان تعليق العمل بالاتفاقيات كافة مع الاحتلال، لكنّها في الوقت ذاته لم تشرع بتنفيذ حراك ميداني شعبي، ولم تدعُ إلى تفعيل خيار المقاومة الشعبية لمنع تطبيق خطة الاحتلال بمصادرة الأراضي وضمّها لسيادته.

وتتضمن خطة الضم التي أقرّتها حكومة الاحتلال، مصادرة 30% من مساحة الضفة الغربية وإخضاعها للسيادة الإسرائيلية الكاملة، من خلال السيطرة على الأغوار الفلسطينية والمناطق المصنفة “ج” بحسب اتفاق أوسلو.

ومع قرب الشروع بتنفيذ المخطط، لم يرقَ الحراك الرسمي والشعبي الفلسطيني الرافض لمشروع الضم في هذه المرحلة إلى المستوى المطلوب، بإجماع المحللين.

وعن ذلك، يقول أستاذ العلوم السياسية والإعلام كمال علاونة إنّ “ضعف التحرك الميداني الشعبي ضد مشروع الاحتلال بضم أراض فلسطينية جديدة يعود لأسباب سياسية وأمنية واقتصادية ونفسية لدى الشعب الفلسطيني، وفي مقدمتها غياب الثقة في الموقف الرسمي المناهض بشكل فعلي لإجراءات الاحتلال سواء العادية أو الطارئة أو الاستثنائية، وبقاء التنسيق الأمني لمدة تزيد على ربع قرن”.

ويرى علاونة أنّ الضعف الرسمي الفعلي في التعامل مع المشروع يساهم في تقليل التجاوب الشعبي ضد سياسة الضم، وكذلك الإبقاء على “الخيار الوحيد المتمثل بالمفاوضات”.

كما أشار إلى وجود “تخوف شعبي من الملاحقات الأمنية الفلسطينية اللاحقة لعناصر المقاومة” حال الانتفاض لمواجهة مشروع الضم.

ويعزي المحلل ضعف التحرك لانتشار البطالة في صفوف الشعب الفلسطيني، وفقدان مصادر دخل مرتفع وثابت للأسر، في ظل إغراءات الاحتلال بمنح تصاريح عمالية للعمل في مناطق الداخل؛ ما يجعل أفواج كبيرة تتردد في المشاركة بالفعاليات المناهضة للضم؛ خوفًا من وضعهم في القائمة السوداء وحرمانهم من تصاريح العمل، ووضع العامل بين مطرقة وسندان لقمة العيش والبحث عن مستقبله.

ولم تقم السلطة الفلسطينية بصرف رواتب موظّفيها في الضفة الغربية المحتلّة وقطاع غزة عن شهر مايو/أيار، برغم مرور 20 يومًا من شهر يونيو/حزيران؛ فبات الحديث عن الرواتب وأزمتها حديث الساعة.

وبرأي أستاذ العلوم السياسية والإعلام فإنّ الضغط الشعبي الممتد في جميع المحافظات يمكن أن يحدّ كليًا أو جزئيًا حسب زخمه وقوّته من تنفيذ الخطّة، لافتًا إلى أنّ حركة الشعب وفعالياته في جميع المناطق وبالقرب من المستوطنات تجعل من الضم أمرا مستحيلا.

ويشير إلى ضرورة عمل النظام السياسي في كافة الميادين المحلية والعربية والإسلامية والأممية، من خلال مطالبة الهيئات السياسية والدبلوماسية والاقتصادية، بالضغط على الاحتلال لإلغاء قرار الضم، والضغط باتجاه فرض عقوبات على الاحتلال.

ويؤكد علاونة أنّ “تفعيل الجبهة الداخلية، وتوحيد الصفوف رسميًا وفصائليًا وشعبيًا، والإبقاء على الحالة الثورية بشكل دائم؛ كفيل بوقف أي تحرك للاحتلال ضد الأرض الفلسطينية”.

لا توقيت للانفجار

من جانبه، قال الناشط في المقاومة الشعبية صلاح الخواجا إنّ “أشكال النضال غالبًا ما تأخذ طابع التدريج إن لم تكن هناك استراتيجية واضحة في تبني أي شكل من الأشكال، وهذا ما حصل في قضايا الاستيطان والجدار وتهويد القدس”.

ويضيف الخواجا، في حديثه لوكالة “صفا”، بالتأكيد على أنّه “لا أحد يستطيع توقيت حالة الانفجار كما كان في الانتفاضة الأولى، وبدأت الأمور تتدحرج، ونحن نؤمن كلما زاد الضغط ستزيد إمكانية الانفجار”.

وتابع “على القيادة السياسية أن تؤمن أننا لسنا في مرحلة حل، ولكننا في مرحلة صراع وكفاح، وعلى القوى السياسية تغليب المصلحة الوطنية على المصالح الحزبية، وبهذا نستطيع استنهاض الحالة ونشكل نموذجا في النضال، ونتبنى خيار النضال كجزء من التصدي لمشاريع الاحتلال والاعتماد على الذات”.

ويؤكّد الناشط في المقاومة الشعبية على أنّ نجاح أي حراك يحتاج إلى الاستمرارية والتنوع في أشكال النضال والاعتماد على الذات.

ويرى الخواجا أنّ المطلوب حاليًا هو البدء بخطوات عملية “كالعصيان المدني الشامل، ورفض كافة قرارات “الإدارة المدنية” وهدم البيوت، والبدء بخطة وطنية لتعزيز صمود الناس وزيادة الوجود الفلسطيني في مناطق “ج”. “صفا”