مرايا – كتبت – أريج زياد عوض
أنا لا أعرف الكثير عن أسماء الطرقات، وتفرعاتها، ولا أحفظ سيرة جهاد الفدائيين، ولا أعرف تقريبا كم تبعد قريتي عن قبة الصخرة، ولا أفهم بعض المعاهدات والاتفاقيات التي حكمت بالانقسام، ولم أسمع جميع صرخات الأمهات وشكواهنّ ولم أرى جميع شواهد المعاناة وكيف أن الحياة تُسرق من أفواه الشباب!، وصدقا لا أميّز أحيانا بين الصادق والخائن في توثيقات التاريخ، لكنني أدرك تماما في داخلي بأنني لاجئة دون أن يذكّرني كرت المؤن، وأفتقد شيئا كبيرا كلما رأيت وطنا وسماءً لأحدهم، ولا زال لساني يمارس لكنةً تشبه البلاد كثيرا، ورغم ولادتي في المنفى، لكنهم يستطيعون معرفة فلسطين في تقاسيم وجهي، في حبي للزيت والزعتر، وأحفظ جيدا موقع بيتي على الخريطة المرسومة بحدود لا ترضي أحد،
وأبي لاجئا وُلد على الحدود يخيط بنطاله بنفسه، ويعرف أنّ على اللاجئ أن يعرف كل شيء عدا طريق العودة، وبالنسبة لنا فلسطين تتجسد بالنكبة، والتشرد، والقهر المخبأ تحت عيون العجائز، وفي شقوق أيديهم المعبأة ملح البارود، هكذا تتوزع فلسطين في حياتنا، في حوارات الأجداد، تحت بيوت المخيم المهترئة، في آخر كلمة يقولها اللاجئ المحتضر : بدي أرجع على البلاد وأموت.