مرايا – فيما تشتعل التكهنات بشأن الوجهة المرتقبة لنجم كرة القدم الأرجنتيني ليونيل ميسي حال رحيله عن صفوف برشلونة الإسباني هذا الصيف طبقا لطلب اللاعب ، تتباين التوقعات بشأن مكاسب وخسائر برشلونة من هذه الصفقة المحتملة.
وربما يكون في رحيل ميسي عن صفوف برشلونة خسارة من الناحية الفنية نظرا للمهارات الفذة التي يمتلكها اللاعب الفائز بلقب أفضل لاعب في العالم ست مرات سابقة ، ولكن برشلونة قد يستفيد من هذه الصفقة ما يعوض هذه الخسارة الفنية بشكل جيد.
وذكرت وكالة أنباء “بلومبرج” في تقرير لها عن صفقة رحيل ميسي المحتملة أن رحيل اللاعب الأرجنتيني عن صفوف برشلونة لن يكون كارثة للنادي الكتالوني وإنما قد يكون “فرصة”.
وأوضحت أن برشلونة ، من حيث العائدات ، هو أغنى نادي رياضي في العالم بل إنه أكثر ثراء من نادي دالاس كاوبويز الشهير لكرة القدم الأمريكية ، ولكن راتب ميسي الذي تشير تقارير إلى أنه يبلغ 71 مليون يورو (84 مليون دولار) سنويا يمثل ضغطا ويترك أثرا سلبيا على هيكل التكاليف في برشلونة.
ولا يقتصر التأثير على المقابل المالي الذي يتقاضاه ميسي وإنما يضاف إلى ذلك أعباء مالية أخرى ناجمة عن مطالب لاعبين آخرين أقل في المستوى لكنهم يقارنون رواتبهم براتب ميسي الهائل ومن ثم يزيد هذا من الأعباء المالية على خزانة النادي.
وكان النادي أعلن في العام الماضي عن صافي أرباح بلغ 0.5 بالمئة فقط من العائدات التي بلغت 837 مليون يورو.
وإذا رحل ميسي عن الفريق الكتالوني ، بعد الطلب الذي تقدم به يوم الثلاثاء الماضي ، يستطيع برشلونة إعادة هيكلة الرواتب في الفريق وتقليص التوقعات بشأن هذه الرواتب خلال السنوات المقبلة وتخصيص رأس المال بشكل أكثر كفاءة.
ويعود الربح الضئيل جزئيا ، إلى أن النادي مملوك من قبل 142 ألف عضو ، مما يعني أنه يعيد استثمار كل العائدات في الفريق.
ومع زيادة عائدات النادي ، تزداد رواتب اللاعبين بالفريق. ومع القفزة الكبيرة في عائدات النادي بنسبة 44 % بين عامي 2017 و2019 ، شهدت رواتب اللاعبين زيادة أخرى كبيرة.
وجاءت أكبر زيادة في عائدات النادي من اتفاقية رعاية جديدة مع شركة “نايكي” الأمريكية ، والتي بدأت في عام 2018.
وتردد أن قيمة العقد تبلغ 155 مليون يورو في الموسم الواحد ، ولكن الأمر انتهى إلى مبلغ أقل من هذا قليلا بسبب تمسك برشلونة ببعض حقوق التسويق.
ومنح هذا العقد ميسي فرصة الحصول على راتب أعلى من النادي. وعقب هذا ، اضطر النادي لإبرام عقود أكبر للاعبين آخرين مثل المهاجم لويس سواريز ولاعب الوسط فرنكي دي يونج والنجم الفرنسي أنطوان جريزمان من عقودهم السابقة.
ويبلغ إجمالي الرواتب التي يسددها برشلونة حاليا أكثر من 485 مليون يورو سنويا ليكون الإجمالي الأعلى على مستوى أندية كرة القدم في العالم.
ولكن مسيرة الفريق على أرض الملعب لم تشهد ارتقاء مماثلا حيث فشل الفريق في إحراز لقب بطولة دوري أبطال أوروبا منذ 2015 .
وعندما فاز ليفربول بلقب دوري الأبطال في 2019 ، كان إجمالي رواتب لاعبي الفريق الإنجليزي هو 276 مليون يورو فقط علما بأن قائمة الفريق تضم خمسة لاعبين أكثر من قائمة برشلونة.
ولأن سخاء برشلونة في الرواتب لم يقابله فوز بقدر كاف من الألقاب والجوائز المالية ، أصبح النادي تدريجيا بلا أرباح إلا من بعض الانتقالات للاعبيه إلى أندية أخرى سواء بالبيع أو الإعارة.
وعلى سبيل المثال ، لجأ برشلونة في العام الماضي إلى استبدال حارس مرماه الثاني ياسبر سيليسن مقابل نوبرتو نيتو حارس بلنسية في صفقة تبادل مباشر.
ولكن نظرا للطريقة التي يتم بها إعادة تقييم اللاعبين خلال مدة عقدهم ، فقد يكون ذلك قد سمح لبرشلونة بتسجيل زيادة في قيمة أصوله غير الملموسة (لاعبوه) ، دون دفع أي أموال إضافية بالفعل.
ويمكن أن يترجم هذا إلى ربح في دفاتر المحاسبة على مستوى التشغيل ، رغم عدم وجود دخل نقدي للنادي من مثل هذه الصفقات. ولكن هيكل ملكية برشلونة يجعل التدفق النقدي أكثر أهمية مما قد يكون للفرق التي تضم مساهمين.
وكلما زاد إنفاق النادي على اللاعبين ، قل ما لديه من احتياطي للأوقات الصعبة خاصة وأن برشلونة مملوك للجماهير ولا يمكنه بيع حصة من أسهمه إذا واجه صعوبات مالية ، أو على الأقل لا يمكنه فعل هذا بدون موافقة أعضاء النادي وهو ما يجعل الأمر في غاية الصعوبة.
وهذا النموذج الذي يعتمد على المشجعين وأعضاء النادي يعني أيضا أنه يمكنه للنادي الاقتراض بشكل أقل بكثير من منافسيه الكبار.
ولن يكون رحيل ميسي المحتمل عن صفوف برشلونة أمرا سهلا لمحاسبي النادي ؛ فبينما يوجد في عقد اللاعب مع النادي بند بشرط جزائي تبلغ قيمته 700 مليون يورو ، يحاول ميسي التذرع بشرط يسمح له بالمغادرة مجانا.
وفي المقابل ، يبدو أن برشلونة لن يسمح بحدوث ذلك ، ولكن صافي القيمة الحالية لمغادرة اللاعب قد يدفع برشلونة لخفض المقابل المالي المطلوب لإتمام الصفقة وعدم التمسك بقيمة الشرط الجزائي.
ولن يؤدي بيع ميسي فقط إلى تقليص النفقات التي يتحملها برشلونة لميسي نفسه فقط ، بل سيقلص أيضا من التأثير التضخمي على الرواتب الأخرى لباقي اللاعبين.
وقد يكون هذا في غاية الأهمية للنادي لاسيما وأن عالم كرة القدم مقبل الآن على أول موسم بعد أزمة تفشي الإصابات بفيروس “كورونا” المستجد علما بأن إقامة مباريات الموسم الجديد بدون جماهير سيقلص عائدات الأندية التي كانت تأتي من بيع تذاكر حضور المباريات.
ولهذا ، قد يكون هذا هو الوقت الأكثر ملائمة لبيع ميسي من أجل تخفيض التزامات النادي تجاه لاعبي الفريق من ناحية ومواجهة تبعات أزمة وباء “كورونا”.