مرايا – أثير مؤخرا جدل قانوني حول الطبيعة القانونية لامر الدفاع رقم (8) ودستورية أن يتضمن عقوبات جزائية بالحبس او بالغرامات المالية.
وأصدر رئيس الوزراء الدكتور عمر الرزاز مؤخرا أمر الدفاع رقم (8) وفقا لاحكام قانون الدفاع رقم 13 لسنة 1992 والذي ورد فيه انه “يعاقب كل من يخالف اي من الالتزامات او التدابير المفروضة بموجب أمر الدفاع هذا بالحبس حتى ثلاث سنوات او بغرامة مقدارها ثلاثة آلاف دينار او بكلتا هاتين العقوبتين”.
استاذ القانون الدستوري في الجامعة الاردنية الدكتور ليث نصراوين أكد على دستورية وقانونية أن يتضمن أمر الدفاع على عقوبات جزائية باعتبار أن قانون الدفاع اعتبر أوامر الدفاع عبارة عن قرارات ادارية قابلة للطعن أمام المحكمة الادارية.
وقال نصراوين في تصريحات لـ عمون إن أوامر الدفاع ليست قرارات ادارية انما ترقى الى اعتبارها عملا تشريعيا يقوم به رئيس الوزراء، ودلالة ذلك ان أمر الدفاع رقم (8) تضمن عقوبات جزائية بالحبس والغرامة لكل من يخالفه، وبالتالي فان هذا الامر يجعل من الرأي القائل ان امر الدفاع عمل تشريعي هو الرأي الصواب؛ اذ لا يمكن لقرار اداري ان يتضمن عقوبة جزائية وتضمينة على عقوبة يتوافق مع الغاية منه، وهو وقف العمل بنصوص قانونية فاذا صدر أمر الدفاع يوقف العمل بنص قانوني يتضمن عقوبة ولا بد لامر الدفاع ان يتضمن عقوبة بديلة للواردة في النص الذي جرى وقف العمل به.
واوضح نصراوين ان أمر الدفاع رقم (8) اوقف العمل بالمادة 22/ب من قانون الصحة العامة وكذلك المادتين 65 و66 من ذات القانون وهي مواد قانونية تتضمن عقوبات جزائية.
كما انه يعالج ظاهرة او سلوك جرمي فمن باب اولى ان يتضمن عقوبات معينة لافتا الى ان له سند في قانون الدفاع الذي ينص على ان كل من يخالف قانون الدفاع او اي امر من اوامر الدفاع بعقوبة لا تتجاوز 3 سنوات، مشيرا الى ان امر الدفاع رقم 8 فرض عقوبة تعد أقسى عقوبة يمكن ان يتضمنها مخالفة أمر من اوامر الدفاع وقانون الدفاع وهي الحبس 3 سنوات كحد اقصى.
وأيده الرأي مصدر قانوني أكد لـ عمون ان أوامر الدفاع تتضمن عقوبات ولا مخالفة للقوانين او الدستور في ذلك.
وخالفهم الرأي القاضي السابق المحامي لؤي عبيدات الذي أكد لـ عمون أن أوامر الدفاع لا يجوز ان تقرر عقوبات وقال “ان اوامر الدفاع وان كان لها قوة القانون الا انها ليست قانونا مبينا ان موضوع تقرير الفعل الذي يشكل جريمة وما يقابله من عقوبات مسألة لها مساس بقواعد دستورية يرتكز عليها اي نظام دستوري في الدولة المدنية وفي مقدمتها القاعدة الدستورية التي تقول “لا جريمة ولا عقوبة الا بنص” الا ان المقصود، “الا بنص” في القانون وليس في أمر الدفاع.
واضاف عبيدات ان القانون هو ذلك التشريع الذي يصدر عن السلطة التشريعية وليست التنفيذية وان اوامر الدفاع وان كانت تحوز على قوة القانون الا انها لا ترقى الى مستوى القانون الذي يصدر عن السلطة التشريعية ولا يجوز للسلطة التنفيذية ان تنفرد بتقرير العقاب المناسب لهم وهذا أمر من اختصاص المجتمع ممثلا بالسلطة التشريعية وما الحكومة رئيسا ووزراء الا منفذين للقانون وليس واضعين له.
واشار الى ان ورود نصوص عقابية في أوامر الدفاع مخالفة للدستور ذلك ان قانون الدفاع اصلا يوجد فيه عقوبات ونصوص عقابية وان ورود عقوبات في اوامر الدفاع ايضا هو ازدواجية مما يشكل مخالفة لاحكام الدستور.
وأشار عبيدات الى ان أمر الدفاع رقم (8) تضمن مخالفة لقاعدة قانونية وهي انه لا يجوز الملاحقة على ذات الفعل مرتين ذلك ان أمر الدفاع ينص على انه “لا يحول تطبيق اي عقوبة بموجب أمر الدفاع هذا من تطبيق عقوبة أشد ورد النص عليها في اي تشريع اخر”
وتحدث د. نصراوين حول الاسباب التي دفعت لاصدار أمر الدفاع رقم (8) وقال ان السلوك الجرمي والعقوبات المنصوص عليها في قانون الصحة العامة فيما يتعلق بالحيلولة دون انتشار الاوبئة والامراض كانت غير كافية سواء من حيث السلوك الجرمي او من حيث العقوبات المناسبة، اذ كانت العقوبة في قانون الصحة العامة الحبس لا يتجاوز السنة.
وبين نصراوين ان العديد من السلوكيات الجرمية كانت دافعا للحاجة الى اصدار امر الدفاع رقم 8 مثل عدم الالتزام بأوامر الحجر وعدم الافصاح عن الاصابة وعدم الخضوع لتعليمات لجان الاوبئة، لافتا الى ان هذه الافعال لم يكن منصوص عليها في قانون الصحة العامة وبالتالي كان لا بد ان يكون لها اساس قانوني للتعامل مع جائحة الكورونا من خلال اصدار أمر الدفاع رقم (8).
واشار الى ان هذا الامر جاء ليغطي القاعدة القانونية التي تقول ان “لا جريمة ولا عقاب الا بنص” اذ لا يمكن ان أعاقب شخص لم يلتزم بالحجر المنزلي او الصحي او لم يلتزم بالتعهد الذي وقعه الا اذا كان هناك نص في قاعدة قانونية تنص على ان هذا الفعل يشكل جريمة وان هناك عقوبة على هذا الفعل.
وبين نصراوين أن أي شخص تجري ملاحقته عن جرم نقل العدوى يمكن ان يتمسك بعدم علمه انه كان يحمل هذا الفيروس وبالتالي هذه الجريمة هي كأي جريمة اخرى لا بد ان يتوافر فيها القصد الجرمي من العلم والارداة واذا لم يتوافر لدى الشخص العلم والارداة فقد يؤثر على نتيجة الحكم وقد يحكم بعدم مسؤوليته وعدم توقيع عقوبات او تخفيف الحكم.عمون