مرايا – يعتبر قانون الربا الفاحش من القوانين التي مازال استخدامها نادرا جدًا، منذ أن صدر قبل 86 عامًا في العام 1934، وهو ما يؤشر إليه المجلس الاقتصادي والاجتماعي وأرقام الدَّعاوى المسجلة خلال السنوات الخمس الأخيرة لدى المحاكم الأردنية كافة وهو قضية واحدة فقط حسب أرقام المجلس القضائي.
وكالة الانباء الأردنية (بترا) اطلعت على بنود هذا القانون مع ارتفاع عدد المقترضين من جهات عدَّة في الأردن، حيث تبين أنَّ القانون صدر عام 1934، ويتكون من 4 مواد فقط، ويطلق عليه قانون الرِّبا الفاحش، وتنص مادته الثَّانية على إمكانية فتح معاملات الإقراض وتدقيق الحساب مرة أخرى لإثبات وجود ربا فاحش من عدمه. من جهته، أكد المجلس الاقتصادي والاجتماعي في ورقة عمل له مخصصة للحوار اطلعت عليها (بترا)، أنَّ تفشي الرِّبا الفاحش ينشأ عنه العديد من الأضرار على الأفراد والجماعات والمجتمع بأكمله، وأنَّ درء مفسدة أولى من جلب المنفعة، فضرره قد غلب منفعته وشمل مناحي الحياة المختلفة.
وأضاف أنَّ ظاهرة مرابي القروض تقوم من قِبل المرابين على استغلال حاجة الأفراد الملحة للسيولة والمال، وهم يقومون باستيفاء فوائد ربوية فاحشة على القروض، مما يجعل المدين في وضع مالي أسوأ ويعرِّضه للمساءلة القانونية في حال تعذر السداد وهذه الظاهرة لم يعالجها المشرع الأردني بشكل واف ومناسب بما فيها سوء نية المرابين واستغلالهم لظروف الأشخاص المالية.
وبين المجلس أنَّه وعلى الرغم من ان قانون الربا الفاحش رقم 20 لسنة 1934 يعيد التوازن لعملية الاقتراض بناء على طلب المدين، إلا أنَّ استخدامه من قِبل ضحايا الرِّبا نادر، خصوصًا وأنَّهم عادة ما يكونون من الفئات الأقل حظًّا، وأنَّ نسبة كبيرة من المتعثرين بالسَّداد مشكلتهم مع هذا النَّوع من المعاملات.
ويلاحظ المجلس أنَّ حقيقة انتشار المعاملات الرَّبوية هي حقيقة متغَافل عنها، فهي وإن كانت معروفة للجميع، إلا أنَّ الجميع في حالة إنكار لوجودها من قبيل التعبير الغربي القائل: “الفيل في الغرفة” ويعني إغفال رؤية حقائق واضحة أمام العين وتجاهل الحديث عنها رغم أن الجميع يراها ويصطدم بها بشكل يومي فهي بضخامة الفيل اذا تم وضعه في غرفة صغيرة، حيث إنَّ هذا ينطبق على الرِّبا الفاحش وأن لا أحد يتصدى لاجتثاثه أو حتى الحد منه رغم وضوحه.
وأوصى المجلس في ورقته بتجريم الرِّبا الفاحش عن طريق إضافة نص تجريمي شبيه بالنِّصوص التي تضمنتها التَّشريعات العربية المقارنة وتشديد العقوبة على مكرري هذه الأفعال، بالإضافة ولتضييق الخناق على المتعاملين بالربا عن طريق تجريمه وبالتزامن مع التجريم بعد صدور القانون، يرى المجلس إمكانية لتفعيل نصوص قانون الرِّبا الفاحش رقم 20 لسنة 1934 والذي يمنح المدين الحق في اللجوء للقضاء لإبطال المعاملات والتي تنضوي على ربا فاحش.
ولفت إلى أنَّ هذه الخطوة من شأنها الإسهام في التقليل من استغلال المرابين للمحتاجين وللضعف التشريعي وإفلاتهم من العقوبة، حيث يمنح القانون المحاكم التي تنظر في تحصيل الدين الحق في تدقيق المبالغ المستوفاة للتحقق من وجود حالة ربا فاحش.
واقترح المجلس تشكيل فريق من المحامين المتطوعين وبالتنسيق مع نقابة المحامين، لتبني موضوع إبطال المعاملات مع إيجاد تفاهمات للإعفاء من الرسوم أو تمويلها، بالإضافة إلى فرض رقابة على التجار والبنوك الذين لديهم عدد قضايا كبير وتشابه في الأسلوب والذي هو في مقتضى الأمر فعل ربا.
من جانبه، قال الخبير القانوني الدكتور سيف الجنيدي لـ (بترا)، إن هناك تشريعين يحكمان مسألة فوائد الدين والاقتراض، هما: قانون الرّبا الفاحش رقم 20 لسنة 1934، وقانون البنوك رقم 28 لسنة 2000م، ويضاف إلى هذين التشريعين قانون البنك المركزيّ رقم 23 لسنة 1971 وتعديلاته.
وأشار الجنيدي إلى مَّنح البنك المركزي بموجب المادة 4 من قانونه صلاحية الرقابة على البنوك والإشراف عليها بما يكفل سلامة مراكزها المالية وحماية حقوق المودعين والمساهمين، وفق أحكام التشريعات النافذة وقواعد الحوكمة التي يضعها البنك المركزي بموجب التعليمات التي يصدرها لهذه الغاية، بالإضافة إلى تنظيم الائتمان لتحقيق الاستقرار النقدي والمالي ومتطلبات النمو الاقتصادي.
وبين أنَّ المادة 44 من قانون البنوك ألزمت الجميع بالإعلان بشكل واضح وفي مكان بارز في مراكز البنوك الرئيسية وفروعها ومكاتبها نسب الفوائد على ودائع عملائهم، وكذلك انواع الفوائد والعمولات ونسبها على الائتمان الذي يمنحه لهم بما في ذلك نسب الفوائد لأفضل العملاء.
وأكد الخبير القانوني أنَّه وعلى صعيد الضمانات القانونيّة للمدين؛ أجازت المادة 2 من قانون الربا الفاحش للمحكمة في حالات الاقتراض التدقيق في المعاملة ثانية، وان تجري محاسبة بين الدائن والمدعى عليه في حال وجود بينة تقتنع بها بأن الفائدة المستوفاة عن الدين الحقيقي تزيد عن النسبة المقررة قانوناً.
وقال إن الحالة الأردنيّة في ظل النّصوص القانونية المشار إليها تفرض عدّة تساؤلات: في ظل تزايد حالات الاقتراض هل البنك المركزي الأردنيّ يكفل ضبط قيمة الفائدة وتقيّد البنوك بنسب التخفيض؟، وهل نحن اليوم أمام تطبيق لقانون الرّبا الفاحش، خصوصاً أنّه وباستعراض العديد من الاحكام القضائية الحديثة جداً وجدت دفوعاً بمخالفة العديد من الإجراءات لأحكام هذا القانون.
وأشار إلى الإشكالية في الكفالة لحماية الأفراد من ارتفاع نسب الفائدة يحتاج إلى إجراءات رقابيّة بالإضافة إلى توعية قانونية بأحكام قانون الربا الفاحش، وإن كان هذا التّشريع ضارباً في القدم، إلا أنه يتضمّن نصوصاً قانونيّةً تقدمية في إضفاء الحماية القانونية للأفراد. وتشير نصوص القانون، إلى أنَّه إذا أقيمت إجراءات أمام أية محكمة لتحصيل دين ووجدت بَينة تُقنع المحكمة بأنَّ الفائدة المستوفاة عن الدَّين الحقيقي، سواء كانت مذكورة في العقد كفائدة أو مضمومة إلى رأس المال أو مستحقة الدفع بأية صورة أخرى، تزيد على المعدل الذي يجيزه القانون، فيجوز للمحكمة أن تدقق في المعاملة ثانية وأن تجري محاسبة بين الدائن والمدعى عليه ويجوز لها أيضاً، بالرغم عن وجود أي حساب أو مخالصة أو اتفاق آخر بين الدائن والمدعى عليه يستدل منه إغلاق المعاملات السابقة بينهما وتكوين التزام جديد، أن تدقق في أي حساب تم بينهما فيما مضى وأن تُعفي المدعى عليه من دفع أي مبلغ يزيد على المبلغ الذي تحكم المحكمة باستحقاقه وإذا كان المدين قد دفع مبلغاً يزيد عما يجب عليه دفعه أو أجاز ذلك في الحساب، فيجوز للمحكمة أن تأمر الدائن بإعادة ذلك المبلغ الزائد إليه.
كما نصَّت مواد القانون على أنَّه يحق للمحكمة التي تقام أمامها أية إجراءات لتحصيل دين، ويجوز لها بناء على طلب المدين أو الكفيل أو أي شخص آخر مسؤول عن وفاء الدين، أن تباشر نفس الصلاحية المخولة لها بمقتضى الفقرة الأولى من هذه المادة عند إقامة الإجراءات لتحصيل ذلك الدين، بالرغم عن وجود أي نص أو اتفاق يقضي بعكس ذلك وعن عدم حلول وقت استحقاق الدين أو أي قسط منه.
ويبين القانون أنَّ الأحكام السابقة تسري على أية معاملة هي في جوهرها معاملة إقراض مال بقطع النظر عن شكلها، ولا تؤثر في حقوق أي محال له أو حائز بالقيمة بنية حسنة وبدون إخطار.
وتنص المادة الثَّالثة من القانون على أنَّه في الإجراءات التي تُقام لتحصيل دين وفي الإجراءات التي تقام بمقتضى الفقرة الثانية من المادة الثانية من هذا القانون، يجوز للمحكمة أن تقبل البينة من أي شخص سواء أكانت شفوية أم كتابية فيما يتعلق بمعدل الفائدة المستوفاة عن الدين بالرغم عما ورد في أي تشريع آخر من أحكام تتعلق بقبول البينات أو أهلية الشهود.
وحسب المادة الرَّابعة من القانون فيلغى قانون “البينات في” الربا الفاحش لسنة 1922 والمادة السادسة من القانون العثماني الذي يتعلق بمعدل الفائدة والمؤرخ في 22 آذار سنة 1302.