مرايا – رجح خبراء في البنك الدولي، أن يكون الأثر السلبي لغياب وسائط النقل الملائمة أعمق في بلدان توجد فيها فجوات كبيرة بين الجنسين في سوق العمل، ومنها الأردن، الذي لا تتعدى فيه نسبة المشاركة الاقتصادية للنساء في سوق العمل نسبة 14% مقابل 64% لنظرائهن من الرجال.

ووفقا لدراسة أُجريت عام 2018، أفادت 47% من النساء اللاتي شملهن الاستطلاع في الأردن أنهن رفضن فرصة عمل بسبب حالة منظومة النقل العام وعددن تحديات رئيسية في استخدام ووسائط النقل ومنها عدم توافرهها بشكل فعال وضعف قدرة النساء المستجيبات على تحمل التكلفة مقارنة بالدخل، والمضايقات.

وأكّد الخبراء أن التصدي للتحديات الخاصة بالقدرة على التنقل أمر بالغ الأهمية لتعزيز مشاركة المرأة في سوق العمل وتعزيز النمو الاقتصادي.

الحكومة، عملت بدعم من البنك الدولي في نهاية عام 2018، بوضع مدونة قواعد السلوك الأخلاقي والمهني للمستخدمين والمشغلين والعاملين في مرافق ووسائط النقل العام. وصُممت هذه المدونة في أثناء إعداد البنك الدولي لقرض التمويل البرامجي الثاني لأغراض سياسات التنمية للنمو المنصف وخلق الوظائف للأردن.

وتشرف الحكومة على تطبيق المدونة في إطار إصلاحاتها الجارية والمتوخاة لتحسين جودة خدمات النقل العام، حيث تشير هذه المدونة إلى التحرش والتمييز ضد المرأة باعتبارهما من الانتهاكات، وتلزم بتوفير آليات لإبداء الرأي العام للإبلاغ عن أي تجاوزات للمدونة، وتضع مؤشرات لرصد التقدم المحرز.

وبدعم من برنامج تمكين المرأة في المشرق وبالتنسيق مع اللجنة الوطنية الأردنية لشؤون المرأة، شرع البنك الدولي ووزارة النقل في العمل على تفعيل مدونة قواعد السلوك الأخلاقي والمهني وإتاحة تجربة أكثر ملاءمة لاحتياجات كافة مستخدمي وسائط النقل العام، رجالا ونساء على حد سواء.

وقال وزير النقل في حكومة تصريف الأعمال خالد سيف “إن الجهود المبذولة لمعالجة الانتهاكات في منظومة النقل العام ترتبط في العادة يإجراءات محددة، مثل التصدي للعنف ضد المرأة في حافلة معينة أو رحلة بالقطار في مدينة محددة”. ما يميز مدونة السلوك هذه التي ننفذها بأنها “تنطوي على تغيير على مستوى القطاع، وبالتالي يحدونا الأمل في أن تسفر عن التأثير المنشود على نطاق أوسع”.

ورغم تأخيرات نجمت عن تفشي جائحة كورونا، أحرزت فرق البنك الدولي والحكومة الأردنية تقدما ملحوظا في تفعيل المدونة من بداية هذا العام، وتركزت معظم الجهود حتى الآن على تطوير تطبيق للهاتف النقال للإبلاغ عن أي تجاوزات للمدونة، مما تطلب فهما دقيقا للسياق لضمان عدم تعريض سلامة مستخدمي التطبيق للخطر عند الإبلاغ عن الانتهاكات من ناحية، ومن ناحية أخرى أن يتم اتخاذ إجراءات سريعة للتعامل معها.

مديرة مشروع في مؤسسة “صداقة” مي منصور، قالت: “نحن مجموعة داعمة للحقوق الاقتصادية للمرأة الأردنية نعمل على إزالة المعيقات الهيكلية التي تحول دون دخولها إلى سوق العمل، بما في ذلك عدم توافر منظومة نقل عام كفؤة وآمنة، ومن ثم فنحن نرى أن التطبيق الإلكتروني لمدونة قواعد السلوك الأخلاقي والمهني سيكون أداة مفيدة للنساء اللائي يستخدمن النقل العام لإيصال آرائهن وأصواتهن، سواء لتقديم ملاحظاتهن على مستوى الخدمات أو الإبلاغ عن الانتهاكات الخطيرة التي تتطلب تدخلا فوريا”.

وتجري الحوارات حاليا مع مختلف الأطراف لتحديد المنصة التي ستستضيف هذا التطبيق لمعالجة المرئيات والملاحظات التي يرسلها مستخدمو التطبيق.

ومن المقرر أن تعقد فرق البنك الدولي والحكومة في الأشهر القليلة المقبلة، سلسلة نقاشات في مجموعات بؤرية مركزة مع مستخدمي النقل العام لمعرفة انطباعاتهم حول هذا التطبيق.

وستبحث فرق العمل اختيار التصميم الأنسب للتطبيق ليتم التحسين عليه للخروج به بشكله النهائي، كما سيتم استكمال تصميم المواد التدريبية المرافقة لتطبيق المدونة ووضع خطة الاتصال والتواصل التي سيتم إطلاقها لنشر التطبيق وزيادة الوعي بـالمدونة.

عالميا، تمثل التهديدات بالعنف الواقعة منها فعليا أو المفهومة ضمنا، مثل التحرش وغيره في النقل العام وفي المساحات العامة أحد أكبر الحواجز التي تؤثر على حرية المرأة في التنقل والحركة على نحو أكبر من الرجال.

ويشير البنك الدولي إلى أن غياب وسائط النقل الآمنة قد تؤثر من الناحية العملية على زيادة تسرب الفتيات من المدارس، وتردد النساء في البحث عن فرص عمل بعيدا عن المنزل أو تخليهن عن عملهن، وعدم قدرتهن على الحصول على الخدمات الصحية أو خدمات رعاية الأطفال.

ووفقا لمنظمة العمل الدولية، تذهب التقديرات إلى أن محدودية الوصول إلى نقل عام فاعل وآمن تشكل أكبر عقبة أمام مشاركة المرأة في سوق العمل في البلدان النامية، وتقلل من احتمالية مشاركتها الاقتصادية بنسبة 16.5%.