مرايا -لم يحتكر المقعد واطلق العنان لطموحه بعد ان جلس ثمان سنوات نائبا ، نجح في رياسة لجان وتبوأ مقعد نائب الرئيس في برلمان محكوم بالتعقيد والتشابكات ، ليبرالي بالمعنى العام واصلاحي في السياسة وبرغماتي في النيابة ، لكنه اليوم آثر ان يجلس مراجعا سنوات ثمان من العمل البرلماني وتجربة قبل ذلك في العمل البلدي كعضو في مجلس امانة عمان ، مفارقا نظرية الصندوق والاحتكام لمزاج لناخبين .
خميس عطية ، حاصل على درجة الماجستير في الادارة ، وهي مرتبة اكاديمية كفاصلة بين منزلتين ، وأظنه قد سأم الجلوس بين المنزلتين ، فعقد العزم على نيل الدكتوراة وما يلحقها من تبعات تفترض الحسم في الطموح والمنصب ، ولعله اختار ذلك في عيد ميلاده الرابع والخمسين الذي تصادف مع نهاية يوم التسجيل للانتخابات النيابية ، فكانت هديته لنفسه في عيد ميلاده ان أدار ظهره لمرحلة مقبلا على أُخرى .
هادئ من دون سُبات ، وغامض مثل موجة بحر ثملة من البياض وحنين الى الازرق الأبوي ، قليل الكلام نعم ، لكنه يفيض وعيا اذا تحدث ، بشكل يُدهش المقايل ، واعٍ من غير زيف وتبرّج ، وحاسم من غير احداث جروح ، وقاصم بدون ضربات عنيفة ، نائب لزمن ربما ليس هذا ، فمع ضجيج الشعبوية والخطاب الغرائزي ، وقف خميس مع مبادرة التي تشبهه الى حد كبير ، بوصفها اشتباك ايجابي بدون جعجة .
يطبخ قراره على نار هادئة ، وربما تلك اشكالية ، لكنها في النهاية مدرسة تتناقض مع واقعه العائلي ، فالشقيق الاكبر ، خليل ، مشتعل دائما وعاشق للاشتباك بكل تفاصيله بما فيه العنيف ، فكانت الصورة في المجلس النيابي ثنائية الابعاد وتفتح باب المقارنة وليس باب المقاربة ، ولربما ظلمت المقارنة خميس شعبيا ، في حين ان المقاربة لصالحه ، فالبطن بستان ، ولعله كان زهرة بستان اشقاء ورثوا الطيبة والكرم من والدهم عليه رحمة الله .
خميس حكاية وادعة لنائب حصل على ثقة الناخبين وثقة زملائه ، بدون ضجيج ، رغم وعيه الهادر بصمت المؤمنين بوطنهم وشعبهم ومليكهم ، فهو تعبير حيّ عن ثلاثية ( الله ، الوطن ، الملك ) تلك الثلاثية الايقونية لشعب عاش على الرضى وصبر العجائز ، قبل هدم الدوار الثالث وعدم اعادة بناءالأثافي الثلاث التي يركب عليهن القِدر الاردني ، الذي فاض على الجميع ببركة الطيبة وتقبيل كسرة الخبز قبل وضعها على الحائط .
خميس ادار ظهره للنيابة ، صحيح ، لكنه لم يستدر ليغير الموقف او الغاية ، ولم يُدر ظهره للخدمة العامة او خدمة الناس ، لكنه آثر الاشتباك الايجابي مع الحياة في مواقع قادمة ، وابدا لم يلق البندقية ولم يغير الكتف الذي يحملها ، فهو ابن للثبات على الموقف والمبدأ وابن لنكبة افرزت حالة استلهام لنجاح متصل بحلم العودة ، على ارض حباها الله بنعمة الطهر والحشد والرباط .